شعبية البابا.. البعض يروج لوجود صراع بين البابا الحالى والحرس القديم للبابا الراحل..

العدد الأسبوعي

بوابة الفجر


 تتذكر الكنيسة القبطية الأرثوذكسية فى شهر مارس من كل عام ذكرى البابا شنودة الثالث، والذى خلف وراءه العديد من الإنجازات والمواقف التى ساهمت فى ازدياد شعبيته عالميًا وليس فقط على المستوى الكنسى أو المستوى المصرى.

الاختلاف سنة الحياة، هكذا تعلمنا من القدماء، فالإدارة فكر، والفكر يتكون نتيجة للخلفية التى نشأ فيها الشخص نفسه، والتى تكون انتماءاته وأسلوبه، وذلك لا يغير بشكل من الأشكال من الثوابت المتفق عليها، فمنذ 2000 عام مر على الكنيسة المصرية 118 بطريركاً جميعهم اتفقوا على أساسيات الدين المسيحى، والحفاظ على الهوية المصرية المسيحية، وتقديم المحبة للآخر وتنفيذ تعاليم السيد المسيح، لكنهم اختلفوا جميعًا فى أسلوب إدارتهم. البابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، نشأ فى بيئة إدارية بحتة بدأت بتوليه مسئولية الإشراف فى المجال الدوائى، فهو خريج كلية الصيدلة، واستمر بمعاونته للأنبا باخوميوس مطران البحيرة ومطروح والخمس مدن الليبية الغربية للأقباط الأرثوذكس، والقائم مقام الباباوى، فى إدارة الكنيسة بالبحيرة وتوابعها، لاسيما أن الأنبا باخوميوس هو أشهر معلم لعلم الإدارة الكنسية فى العصر الحديث، كل ذلك ساهم فى تكوين شخصية اختلفت ردود أفعالها عن شخصية البابا شنودة الراحل فى بعض المواقف.


التواصل مع الشعب

كان البابا شنودة الثالث يرتجل ويسترسل فى إجاباته عن اسئلة الشعب من خلال العظة الأسبوعية له، والتى كانت تنظم يوم الأربعاء من كل أسبوع، وخصص الجزء الأول من العظة للإجابة عن الأسئلة مما أعطاه فرصة كبيرة لإطلاق النكات التى لا يزال الأقباط يحفظ أغلبها مثل رد فعله عندما قال له أحد الأقباط الوافدين من صعيد مصر «يا سيدنا جداستك جاموس» اى «قداستكم قاموس»، فما كان منه الا أن اجابه «الرك على العجول اللى بتفهم» اى «العقول التى تدرك»، كما تم تجميع تلك الأسئلة وإجاباتها وطباعتها فى سلسلة كتيبات حملة عنوان «سنين مع اسئلة الشعب».

البابا تواضروس الثانى كانت له نظرة أخرى تمامًا لفكرة التواصل مع الشعب.. ألغى فقرة الأسئلة من العظة فقط لكنه لم يلغها ككل، بل طلب من الشعب إرسال أسئلتهم عبر الصفحة الرسمية للمتحدث الرسمى للكنيسة القبطية الأرثوذكسية، وهو القس بولس حليم، راعى كنيسة الشهيد مارجرجس للأقباط الأرثوذكس بمنطقة القللى بالقاهرة، وقام بعمل برنامج يُذاع عبر قنوات الكنيسة القبطية الأرثوذكسية الثلاث، تحت عنوان «البابا وأسئلة الشعب»، يجمع فيها البطريرك حلقات عن الاسئلة التى تخص مواضيع تهم الشعب بقوة على رأسها قضية الأحوال الشخصية ولاقت تلك الحلقات التليفزيونية نسبة مشاهدة عالية جدًا.


الهواية الشخصية

أغلب المصريين يعرفون أن البابا شنودة الثالث اتقن فن الشعر منذ أن كان فى المرحلة المقابلة لمرحلة الثانوية العامة، حيث درس البحور والأوزان والتفاعيل، ما اعطاه مساحة لإلقاء بعض الأبيات فى كل مناسبة يشارك بها سواء إن كانت وطنية أو مجتمعية أو كنسية.

البطريرك الحالى الذى تخرج فى كلية الصيدلة برع فى فن التعامل مع الأطفال، وتجلى الأمر بوضوح فى معاونته للأنبا موسى أسقف الشباب الأقباط الأرثوذكس، فى لجنة الطفولة بأسقفية الشباب،  وذلك حين كان اسقفًا عامًا وقبل توليه السدة البطريركية.


العلاقة مع الرئيس

لم تكن علاقة البابا شنودة الثالث بالرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك علاقة سيئة وكذلك لم تكن ممتازة، فكثيرًا ما كان البابا شنودة يذهب للاعتكاف فى دير الأنبا بيشوى للرهبان الأقباط الأرثوذكس، للتعبير عن غضبه من عدة قرارات أو مواقف كان يتعرض لها الأقباط فى عهده، مثل حادث نجع حمادى وكنيسة القديسين بالإسكندرية ودير أبوفانا وكنيسة العمرانية والكشح والزاوية الحمراء، الا انه لم يكن مؤججًا للفتن الطائفية، فعلى الرغم من رفضه الرد هاتفيًا على الرئيس فى عدة مواقف الا انه كان يخرج مناديًا بالتسامح ومحبة الاخر.

علاقة البابا الحالى بالرئيس عبدالفتاح السيسى، على قدر عال جدًا من التفاهم، حيث دعم البابا الرئيس المصرى فى ثورة 30 يونيو، التى أطاحت بجماعة الإخوان المسلمين من كرسى الحكم، وكما ساهم فى نشر صورة ايجابية فى جميع بلاد الغرب مثل النمسا والفاتيكان والنرويج وارمينيا والولايات المتحدة الأمريكية وروسيا وغيرها من الدول، كما قام الرئيس عبدالفتاح السيسى بزيارة الكاتدرائية 4 مرات الأمر الذى لم يحدث طيلة عهد الرئيس الأسبق مبارك.


الرجال المقربون

الدائرة المحيطة بالبابا شنودة تكونت من رجال السكرتارية وهم الاقرب دائمًا للبطريرك، لاسيما أنهم رافقوه بشكل يومى تقريبًا، فتكونت الدائرة المحيطة بالبابا شنودة الثالث، من الأنبا يؤانس الذى كان يتولى مسئولية تدبير أسقفية الخدمات حينها.

سيطر على المشهد فى عهد البابا الحالى العمائم الصغيرة حيث تولى منصب السكرتارية القس أنجيلوس اسحق، والقس مكارى حبيب، والقس  أمونيوس عادل، بينما تولى منصب السكرتارية فى المجمع المقدس، الأنبا رافائيل أسقف عام كنائس وسط القاهرة.


انتخاب البابا

رفض البابا شنودة تعديل لائحة اختيار وانتخاب البابا حيث أكد مصدر  كنسى لـ«الفجر» أن البابا شنودة كان له تصريح شهير قال خلاله: «مش هخلى شوية عيال ينتخبوا البطريرك.. البابا اللى ييجى بعدى يبقى يعدل اللايحة».

البابا تواضروس الثانى أكثر مرونة من البابا شنودة الثالث، فى عدة أمور كنسية، أولها لائحة انتخاب البابا حيث حرص البابا تواضروس الثانى على تعديلها حيث وسع قاعدة الناخبين عن السابقة ليعطى مساحة اكبر للأقباط الأرثوذكس فى اختيار راعيهم.


الأحوال الشخصية

أثبت البابا تواضروس الثانى، أنه أكثر مرونة عن البابا شنودة فى ملف الاحوال الشخصية الذى ظل طيلة الأربعين عامًا، الذى جلس فيها على كرسى الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، متمسكًا بعدم وجود اى داع للانفصال بين الزوجين القبطيين الأرثوذكسيين، إلا علة الزنى المثبتة، وتغيير الدين.

عدل البابا تواضروس الثانى، لائحة الأحوال الشخصية، حيث تمت اضافة طرق اثبات الزنى كالزنى الحكمى المتمثل فى الرسائل النصية والشات والمكالمات الجنسية المسجلة، واضافة اسباب أخرى تسمح بالانفصال كالشذوذ الجنسى والالحاد والهجر بين الزوجين لمدة 5سنوات متصلة، كما قام بتقسيم المجالس المجالية الى 6 مجالس تحكم بين الأقباط وتبت فى قضاياهم بدلًا من زيادة الحمل على مجلس واحد.


رجال الدين

كان رجل الدين فى عهد البابا الراحل شنودة الثالث كاهناً كامل الأهلية ومشهوداً له بحسن السيرة وحاصل على مؤهل عال ويحبذ أن يكون حاصلا على درجة البكالوريوس فى العلوم الدينية، وان يكون متزوجًا.

أولى البابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، اهتمامًا خاصاً برجل الدين، حيث تم  عمل كورسات خاصة برجال الدين فقط، وكذلك كورسات خاصة بزوجاتهم، الأمر الذى لم يكن فى الكنيسة القبطية الأرثوذكسية من قبل.


الموقف من الثورات

لم يكن موقف البابا شنودة الثالث، داعمًا لثورة 25يناير، التى أطاحت بالحزب الوطنى الديمقراطى من كرسى الحكم، كحال عدد كبير من كبار السن فى تلك الفترة.

للبابا تواضروس موقف معلن من ثورة 30 يونيو حيث أكد فى أكثر من مرة أن ثورة 30 يونيو ثورة شعبية خالصة.


وحدة الكنائس

البابا شنودة الثالث والذى فضل أن تكون العلاقة بالكنائس الأخرى فى محبة وود وتفاهم، لكن لم تكن هناك فعاليات كثيرة تجمعهم.

حرص البابا تواضروس الثانى على زيادة جميع الفعاليات التى توحد بين الكنائس المصرية على الاقل على النحو المجتمعى، حيث أسس مجلس كنائس مصر الذى تولى منصب الأمين العام به القس الدكتور بيشوى حلمى، راعى كنيسة الأنبا أنطونيوس للأقباط الأرثوذكس بشبرا مصر، ووكيل الكلية الإكليريكية بالقاهرة.