د. علي اسماعيل يكتب: أحاسيس كاذبة

ركن القراء

د. علي اسماعيل
د. علي اسماعيل


أحيانا يعيش الإنسان أحاسيس كاذبة يفترضها لنفسه ويستهويها قلبه ويدركها عقله ويتناسي أنه هو صانعها فهي ربما تشبع رغباته أو تمنحه الثقة الغائبة لتحقيق قدراته وكسر أوهام الفشل الارادي لديه.

فالعقل المتيقظ هو الذي يدير حوار الوعي والعقل الباطن هو الذي يدير حوار اللاواعي ولكن الاندماج بينهم يصنع الابتكار والعبقرية الفذه للانسان لانه يحاول أن يصل الي تحقيق الخيال من خلال تنفيذ الأفكار الوارده في صورتها المركبة والمبتكره وأحيانا تلعب الامكانات دورها الفعال في الوصول الي الأهداف بما تفرضه العبقرية الفكرية سواء للهدم او البناء الحضاري المراد ابرازه للانسان في صورة واقعية تزداد قوتها لوتجمعت الافكار مع بعضها لدي عقول أخري سويه  تبحث في نفس الحقل والنظرية فتنتقل بتنفيذها إلي الحالة المادية وتراكيبها النوعية فتظهر بصورتها الجليه لعظمة كونية وقدره نوعية ملموسة وحقيقية يمكن ان يراها الغير ويلمسها ويتعرف علي ملامحها.

ففي كثير من الأوقات يمر علي الإنسان مراحل صعبه في حياته وتختلف صعوبتها حسب الحالة النفسية ومدي تأثير هذه الحالة علي حياته فربما تكون اللحظات الصعبه جميلة وتترك ذكريات جميله تخزن بذاكره الانسان ولاتنسي فقد يستحضرها الانسان يوما لاسعاده وقد يعاود العيش فيها ويتزكر بها امجاده التي ربما يحس يوما ما بعدم قدرته علي تحقيقها مرة اخري خلال رحلة حياتة.

تلك الذكريات الجميلة دائما نادرة وقليله خلال رحلة الحياه ومشوارها الطويل فالحلم الطبيعي دائما ان الإنسان يري يوما شيء ما بعيد المنال يحاول تحقيقه وعند الوصول اليه يجد انه ربما كان يحلم بشيء لايستدعي ذلك وما بذل من مجهود ومثابرة للوصول إليه فربما كانت الرحلة لاتستحق هذا العناء والمشقه ولوعادت عقارب الساعة ربما تغيرت الافكار ولم يكن هذا الحلم هو الغايه المشروعه  لوجهته.

فالحلم شيء جميل في العقل الباطن يشعره الانسان مع الوجدان وتتحرك معه رغباته في الوقت والزمان ويصر العقل النشط علي اخراجه من الأوهام فالأحلام الجميله مشروعه وتغذي الروح والجسد وتسري النفس بمكنونها الغامض وتعبيراتها المكبته لاخراجها والتعبير عنها بالنظرات وبريق العينان ودموع الفرح التي قد تنهمر تلقائيا مع شده السعاده وهول الفرحة الغير متوقعه للحدث وربما يغلبها ضحكات عالية هيستيرية ناتج شعورلاارادي للعقل الباطن من صدمه مفرحه تمت بنفس السيناريو الذي رسمه العقل الباطن ونسجه الخيال وتحققت ارادته كواقع للحاسه السادسه اللاارادية.

ويختلف بريق السعاده في مضمونها الرومانسي والعاطفي ومدلولاته التعبيريه عند حاله العشق والهيام لكل طرف من الأطراف بما يحسه ويتوقعه الطرف الاخر من كلاهما فربما يغيب العقل اراديا ويتبدل الشعور وجدانيا ويزداد نبض القلب تلقائيا فيشعر الانسان انه يعيش في زمن أخر وربما يشعر ان لديه جناحين يطير بهما ويسبح في الفضاء وكانه ملاك وقادر علي صنع المعجزات وما أحلي الشعور بالسعادة الروحية ويطيل الانسان فترات بقاءه في اللاشعورية لاحساسه بالدفء الجسدي والاستمتاع الخيالي لتحقيق مالا يستطع تحقيقه في واقعه الطبيعي، وما أعجب الانسان ان يعبر عن افراحه وسعادته بطرق عديدة يلحظها من حوله والفرحه والسعادة لا يمكن اخفاءها  تحت اي مؤثر.

اما اذا انتقلنا الي مرحلة الأحزان واليأس للنفس البشرية اظلمت الدنيا وانطفات الشموع وضاق الطريق وانعدمت الاحاسيس والرغبة في التملك والانصراف عن البهجة والسعادة وتملك الإنسان الغضب في التصرف مع النفس والاخرين والكآبه وقد تزهد النفس الهوي وتتشنج التصرفات البشرية فالحلم انتهي والامل لم يعد موجود ونهاية الحياة تقترب والنبض ينخفض فلم يعد القلب يدق دقات سريعة والانفاس لم تعد تخرج وها هي العيون تغرب فقد ابتعدت الروح من الصدر والقلب وغاب العقل عن الادراك ولم يعد ينصت للاحساس فتتبلد العواطف وتتجمد المشاعر والرغبة والدفء بالحياه.

أكاد اسأل النفس ولا تجيب واٍسأل القلب اين الحبيب واحاور العقل ماذا صنعت للترغيب والترهيب ؟؟ اتركت النفس لهواها تجري وفي الظلمات تهوي ... أم انارت الطريق وحملت مصباح الرفيق تدل ولا تثور وتستنفر وقت الشرور وتلهم بالجمال والاحساس في النور. أ انت خيرتني بين هذا وذاك ام سيرتني الي طريق وهلاك فلا ادري فعلتي ومصير كذبتي !!!!! .

فجبال الثلج تحيط المكان والبروده تسري في الكيان فتمتزج مع رعشات الايدي والارجل ولا تسمع ضجيج الوجدان الي اين  انت ياقلب مع العقل ذاهبان؟؟؟ الي ظلمات الزمان ام الي حجيم ونيران صنعتها انت كأنسان؟؟؟؟.

أحقا أنا قادر علي ترك الأوهام والبعد عن الأحلام والعيش مع واقع الاثنين في غربة السنيين وخريف العمر وعهدي باليقين اداوي الجراح واتذكرما ضاع  وراح خلال رحله سنين وأخطاء ونجاحات وجلد النفس والذات.

ماهي المحصلة لتلك المشوار؟؟؟ انها جملة احاسيس ما بين افراح وبهجة لنجاح الذات وأحزان مؤلمه لمواقف  وعسرات متتابعه في شريط من الذكريات سجلها الخيال وحفظتها الذاكره لتعيدها مرة أخري عليه في اوقات الاسترجاع لاحداث ماضية مليئة بالاحاسيس دون اذن لها فهي دونتها وحفظتها ولم تسألني يوما عنها وهي الان تعيدها مرات اخري ومرات وتحاول حفظها ليأتي اليوم الذي تحاسبني فيه علي ما مضي وفات بعد رحلة الحياة وهي ناشطة وأنا لم أعد استطيع أن أعيد إصلاحها أو اقدر علي صنع شيء لها إلا بالتوبة إلي الله والمغفرة.