تفسير قوله تعالى " وقالوا قلوبنا غلف "

إسلاميات

تفسير قوله تعالى
تفسير قوله تعالى " وقالوا قلوبنا غلف "


"وقالوا قلوبنا غلف بل لعنهم الله بكفرهم فقليلا ما يؤمنون ( 88 )"

قال محمد بن إسحاق : حدثني محمد بن أبي محمد ، عن عكرمة أو سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : ( وقالوا قلوبنا غلف ) أي : في أكنة . 

وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : ( وقالوا قلوبنا غلف ) أي : لا تفقه . 

وقال العوفي ، عن ابن عباس : ( وقالوا قلوبنا غلف ) [ قال ] هي القلوب المطبوع عليها . 

وقال مجاهد : ( وقالوا قلوبنا غلف ) عليها غشاوة . 

وقال عكرمة : عليها طابع . وقال أبو العالية : أي لا تفقه . وقال السدي : يقولون : عليها غلاف ، وهو الغطاء . 

وقال عبد الرزاق ، عن معمر ، عن قتادة : ( وقالوا قلوبنا غلف ) هو كقوله : ( وقالوا قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه ) [ فصلت : 5 ] . 

وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، في قوله : ( غلف ) قال : يقول : قلبي في غلاف فلا يخلص إليه ما تقول ، قرأ ( وقالوا قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه ) 

وهذا هو الذي رجحه ابن جرير ، واستشهد مما روي من حديث عمرو بن مرة الجملي ، عن أبي البختري ، عن حذيفة ، قال : القلوب أربعة . فذكر منها : وقلب أغلف مغضوب عليه ، وذاك قلب الكافر . 

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا محمد بن عبد الرحمن العرزمي ، أنبأنا أبي ، عن جدي ، عن قتادة ، عن الحسن في قوله : ( قلوبنا غلف ) قال : لم تختن . 

هذا القول يرجع معناه إلى ما تقدم من عدم طهارة قلوبهم ، وأنها بعيدة من الخير . 

قول آخر : 

قال الضحاك ، عن ابن عباس في قوله : ( وقالوا قلوبنا غلف ) قال قالوا : قلوبنا مملوءة علما لا تحتاج إلى علم محمد ، ولا غيره . 

وقال عطية العوفي : ( وقالوا قلوبنا غلف ) أي : أوعية للعلم . 

وعلى هذا المعنى جاءت قراءة بعض الأنصار فيما حكاه ابن جرير : " وقالوا قلوبنا غلف " بضم اللام ، أي : جمع غلاف ، أي : أوعية ، بمعنى أنهم ادعوا أن قلوبهم مملوءة بعلم لا يحتاجون معه إلى علم آخر . كما كانوا يمنون بعلم التوراة . ولهذا قال تعالى : ( بل لعنهم الله بكفرهم فقليلا ما يؤمنون ) ، أي : ليس الأمر كما ادعوا بل [ ص: 325 ] قلوبهم ملعونة مطبوع عليها ، كما قال في سورة النساء : ( وقولهم قلوبنا غلف بل طبع الله عليها بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا ) [ النساء : 155 ] . وقد اختلفوا في معنى قوله : ( فقليلا ما يؤمنون ) وقوله : ( فلا يؤمنون إلا قليلا ) ، فقال بعضهم : فقليل من يؤمن منهم [ واختاره فخر الدين الرازي وحكاه عن قتادة والأصم وأبي مسلم الأصبهاني ] وقيل : فقليل إيمانهم . بمعنى أنهم يؤمنون بما جاءهم به موسى من أمر المعاد والثواب والعقاب ، ولكنه إيمان لا ينفعهم ، لأنه مغمور بما كفروا به من الذي جاءهم به محمد صلى الله عليه وسلم . 

وقال بعضهم : إنهم كانوا غير مؤمنين بشيء ، وإنما قال : ( فقليلا ما يؤمنون ) وهم بالجميع كافرون ، كما تقول العرب : قلما رأيت مثل هذا قط . تريد : ما رأيت مثل هذا قط . [ وقال الكسائي : تقول العرب : من زنى بأرض قلما تنبت ، أي : لا تنبت شيئا ]  حكاه ابن جرير .