"الفجر" تخترق عالم أدوات التجسس في منطقة وسط البلد

تقارير وحوارات

أجهزة التجسس - صورة
أجهزة التجسس - صورة أرشيفية


عمل الجاسوسية يحتاج إلى أدوات وإمكانيات ووسائل بقدر ما هو يحتاج إلى عناصر بشرية مُدربة تستطيع التعامل مع تلك الأدوات، وتتلخص أعمال التجسس في جمع المعلومات سواء كانت مقروءة أو مسموعة أو مرئيه تحتاج إلى تصوير، كل ذلك دون لفت الأنظار أو كشف هوية المتنصت وجعل الأمر يبدو طبيعياً، ومن ثم إرسال تلك البيانات إلى من يهمه الأمر، وبالتالي على الرغم من أن تلك الأعمال تحتاج إلى عنصر بشري مدرب ، تحتاج أيضاً إلى أدوات محترفة تمكنه من تنفيذ مهمته على أعلى قدر من الدقة والاحترافية وفي سرية تامة .

وتحتاج أعمال التنصت والجاسوسية إلى أدوات تناسب هذه الأعمال ، فلابد من أن تكون وسائل التنصت والمراقبة والتسجيل، تبدو في صور أشياء طبيعية وتتناسب مع طبيعة المجتمع الموجودة فيه، حتى لا تثير الريبة وينكشف صاحبها، من هنا انتقلت "الفجر" إلى منطقة مول البستان الكائن بميدان التحرير وعدد من محلات ببيع أجهزة وكاميرات المراقبة لمعرفة تلك الأدوات وأسعارها .

أشكال أدوات التجسس
وجدنا أن أبرز تلك الأدوات، تأخذ شكل الولاعة " القداحة " والساعة ، والقلم والدبوس وأخيراً النظارة، وتختلف أسعارهم بالطبع ، فعلى سبيل المثال يصل سعر الساعة إلى 700 جنيهاً وهي مزودة بهاتف وبلوتوث وكاميرا خفية يصعب رؤيتها، وتأتي بعدها النظارة والتي يصل سعرها إلى 650 جنيهاً وهي مزودة بكاميرا أعلاها وكارت للتسجيل، أما " القداحة " و " القلم " فيصل سعرهما إلى 400 جنيه، وهما مزودان بكاميرا قادرة على التصوير والتسجيل الصوتي، وأخيراً أرخصهم سعراً الدبوس والذي يصل سعره إلى 300 جنيهاً ، ويمكن لحاملة وضعه، أعلى قميصه ليبدوا دبوساً عادياً ، وجميعهم مزودون بأجهزة تسجيل صوتي ، وكارت ذاكره وشاحن للبطارية المصغرة الموضوعة بداخلهم .

وجدنا أن بعض المحلات كانت تتنكر من بيعها لتلك الأدوات الجاسوسية بمجرد السؤال عنها، خوفاً من المسائلة القانونية، والبعض الآخر كان يدلنا على محلات بعينها في شوارع جانبية تبيع تلك الأدوات .
 
ضبطها بالمطارات
يذكر أن سلطات المطار في الفترة الأخيرة قد ضبطت كميات من الساعات الرقمية التي تحتوي على كاميرات خفية وأجهزة للتسجيل الصوتي قبل دخولها مطار القاهرة الدولي وقامت بحيازتها ، وقالت إنها مخالفة للقانون المصري، مثلها مثل الطائرات المصغرة المزودة بكاميرات وبإمكانها التحليق لمسافات محددة والتقاط لقطات مسجلة وصور وارسالها لمركز التحكم بها ، وأرجعت سلطات المطار ضبط تلك الوسائل في أنها تضر بالأمن القومي المصري .

الدستور وتجريم التنصت
وينص الدستور المصري في المادة 59 باب الحقوق والحريات أن للحياة الخاصة حُرمه ، وهي مصانة لا تمس ، وبالتالي يعاقب القانون على أي أعمال تنصت أو تسجيل بدون وجهه حق ، إلا للجهات المختصة بذلك وبأمر قضائي يستلزم ذلك .

مُهربة عن طريق الجمارك
ويقول أحد أصحاب محال أجهزة المراقبة ويدعى " محمد شعبان "، إن مثل تلك الوسائل التي تستخدم في التنصت والتسجيل وتأخذ أشكال عديدة كالساعة والقلم ، يكون عليها الطلب عالياً ، خاصًة من بعد صورة يناير 2011 ، بل أن العميل يكون مستعداً لدفع أي مبلغ مقابل الحصول عليها، ومعظم تلك الوسائل تكون كورية الصنع أو صينية ، تأتي مهربة من الداخل عن طريق الجمارك أو الأشخاص الحاملين لها .

 
ويتابع " محمد شعبان " ، أن أبرز عملاء تلك الوسائل للتنصت والتسجيل إما يكونون صحفيين في الغالب ، يعرفون أنفسهم على أنهم صحفيين أو إعلاميين قبل الشراء ، وربما بعض الهواة والمهوسون بالتنصت ومراقبة الغير، مشيرًا إلى أن الساعة هي أكثر تلك الوسائل المطلوبة، لسهولة حملها واحتوائها على هاتف محمول وكافة امكانيات الهاتف العادي .

زبائن من نوع آخر
ويستكمل صاحب محال آخر يدعي " أشرف محمد " فيقول ، إن بعض أصحاب المحال والشركات يأتون ويطلبون كاميرات خفية تأخذ صورة " لمبات " إنارة لوضعها في المكاتب والشركات، حتى لا يشعر الموظفين أنهم أمام كاميرا مراقبة فيتصرفون على طبيعتهم ويستطيع مراقبتهم بسهولة، وبعض العملاء قد يكون سيدة غيورة على زوجها فتطلب قلماً قد تعطيه هدية لزوجها يحمله طوال الوقت معه وعند عودته تفرغ محتواها، فتعلم تحركاته بالكامل طوال اليوم .

ويضيف " أشرف "، قليل من المحال تتاجر بتلك الوسائل الجاسوسية خوفاً من المسائلة القانونية خاصةً في تلك الأيام التي تمر بها البلاد، مما دفع بعضهم  إلى إنشاء مواقع الكترونية وصفحات على موقع التواصل الاجتماعي " فيس بوك " لعرض منتجاتهم وبضائعهم على العملاء ويكون التوصيل حتى باب المنزل، ليبعد الشبهة عن المحل الخاص به ويبتعد عن المسئولية الجنائية .