"ازدراء الأديان" بين الحكومة والبرلمان.. إلى ماذا سينتهي الصراع؟

تقارير وحوارات

مجلس النواب
مجلس النواب




الأمر ليس له أهمية على الصعيد المحلي فقط، ولكن سيرفع الحرج على مصر دوليًا بشأن التضييق على حرية الرأي والتعبير، قانون ازدراء الأديان بين الشد والجذب من قبل الحكومة ونواب البرلمان، فالحكومة تصر على بقاء بعض المواد في قانون العقوبات كما هي، في حين يطالب النواب بتعديل وإلغاء هذه المواد التي تقيد حرية التفكير.
 
ما هي المادة 98 من قانون العقوبات ؟ 
ليس في قانون العقوبات باب ثابت لازدراء الأديان ولكن المادة 98 وغيرها من المواد المختلفة تنظم حالات معينة يتعلق بعضها بطريق مباشر بالأديان وبعضها يتعلق به ولكن بطريق غير مباشر، وأدرجت المواد الخاصة بالقانون لمنع استخدام أي دين لسب دين آخر.
 
وتنص المادة 98 على : يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر ولا تجاوز 5 سنوات أو بغرامة لا تقل عن 500 جنيه ولا تجاوز ألف جنيه كل من استغل الدين في الترويج أو التحفيز بالقول أو بالكتابة أو بأي وسيلة أخرى لأفكار متطرفة بقصد إثارة الفتنة أو تحقير أو ازدراء أحد الديان السماوية أو الطوائف المنتمية إليها أو الاضرار بالوحدة الوطنية أو السلم الاجتماعي.
 
بداية الحديث حول حذف المادة تقدمت النائبة آمنة نصير، بمقترح قانون لإلغاء المادة بقانون العقوبات، وأيد طلبها 99 نائبًا، الأمر الذي جعل رئيس المجلس علي عبدالعال يحيل المقترح مباشرة إلى لجنة الشؤون التشريعية، وفقًا للمتبع في المقترحات التي يتقدم بها الأعضاء، حيث أن تزكية كثير من النواب للطلب ساعدت على توفير الوقت وعرض المقترح مباشرة على اللجنة التشريعية.

رئيس اللجنة التشريعية بمجلس النواب، بهاء أبو شقة، أكد أن رفض الحكومة إلغاء عقوبة ازدراء الأديان ليس ملزماً للبرلمان، مشيرا إلى أن اللجنة أجلت النظر في القانون لحين أخد رأي الجهات الدينية المتمثلة في الأزهر والكنيسة وبحث المسألة من الناحية القانونية، بينما قالت نائب رئيس كتلة حزب «المصريين الأحرار» نادية هنري إن المادة مشبوهة وتستخدم بشكل خاطئ، ويتم استثمار تفعيلها في التنكيل بالمفكرين وأصحاب الإبداع، معتبرة ذلك استشراء للفكر السلفي في الدوائر الرسمية للحكومة.

أبرز قضايا تهمة ازدراء الأديان
 البعض يعتبر أن هذه التهمة تستخدمها الدولة لقمع المفكرين، فمنهم المفكر الإسلامي نصر حامد أبوزيد والكاتبة نوال السعداوي والكاتب سيد القمني والمذيع إسلام البحيري والكاتبة الصحفية فاطمة ناعوت، أما على الصعيد الفني فكان المخرجة إيناس الدغيدي والمطرب الشعبي حكيم.
 
ومن أشهر القضايا التي أثارت الرأي العام، الحكم على 4 أطفال في المنيا بالسجن لمدة 5 سنوات بتهمة ازدراء الأديان وإهانة الشريعة الإسلامية، كان ذلك في شهر نوفمبر الماضي.
 
الكنيسة.. الحوار يكون بالفكر
رفض مسئول الإعلام بالكنيسة الإنجيلية القس رفعت فكري، إجراء أي تعديل على المواد المتعلقة بمادة ازدراء الأديان في قانون العقوبات، معتبرًا أن الفكر يجب أن يواجه بفكر، قائلًا :" أرفض أن يتم تعديل هذه المادة ويجب أن نتحاور مع صاحب وجهة النظر مهما كانت، فالحوار هو الطريق لبناء الدولة".
 
القس فكري، قال لـ"لفجر" إن الدولة لا تهتم إلا بعض القضايا التي تخصها، قائلًا :"يتم تجاهل أي قضايا تتحدث عن تحريف الدين، فعندما يتحدث أي شخص مسلم عن تحريف الإنجيل لا يعاقب بتهمة ازدراء الأديان"، متابعًا: "لماذا لا نرد ونحاور أي شخص حتى لو سب أو أخطأ في أي دين".
 
وحول دعوة الكنيسة للحوار بشأن تعديل هذه المادة، قال مسؤول الإعلام بالكنيسة الإنجيلية إن الكنيسة ليس لها علاقة بالموضوع، وهي تريد إلغاء أي مواد تعاقب الشخص على فكره".
 
الأزهر .. قد يناقش التعديل
 وقال الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر الشريف، إن الأزهر لم يصل له أي اقتراحات حول قانون ازدراء الأديان، موضحًا أنه إذا تم تحويله ووصل للمؤسسة سيتم دعوة هيئة كبار العلماء للانعقاد وإبداء الرأي .
 
بكرة للإعلام: العقوبة يتم استخدامها لتقييد الحريات
 قالت ناميس عرنوس، مديرة شركة بكرة للإعلام، إنها مع إلغاء عقوبة ازدراء الأديان تماما، معتبرة أن العقوبة يتم استخدامها لتقييد حريات المواطنين، وخاصة حرياتهم الدينية مثل إلقاء القبض على المفطرين في نهار شهر رمضان أو حبس أطفال مسيحيين بسبب عمل مسرحي ضد الجماعة الإرهابية داعش.
                         
ومن وجهة نظر عرنوس، فإن المواد المتعلقة بقانون ازدراء الأديان تستخدم لتقييد حرية المواطن العادي في التعبير عن رأيه في الأديان أو انتقادها أو حتى عدم ممارسة الفروض وهذا أمر غير منطقي بالمرة.
 
وتابعت :" يوجد فرق بين التحريض على القتل كتهمة في حد ذاتها وبين قانون ازدراء الاديان، يجب التمييز بينهما، يعني مينفعش أقول إني بكره المسلمين أو المسيحيين ودمهم حلال وأدعو الناس لقتلهم في الشارع ! فهذا ليس ازدراء أديان ولكنه جريمة يعاقب عليها القانون، وبالتالي لا يجب الإبقاء على عقوبات ازدراء الأديان بغرض حماية أرواح الناس لأن هذا خلط رهيب وهيتاخد العاطل بالباطل".
 
وأضافت :"حرية المرء في الاعتقاد بما يريد أمر طبيعي، لا يجب أبدا أن يسجن أو يعاقب بسببها، وإلا سيصبح من الطبيعي أن يتم حبس النساء لأنهن لا يرتدين الحجاب أو يرتدين ملابس من وجهة نظر الدولة ضد الدين ويعتبروا الأمر ازدراء للدين!! لا إكراه في الدين! لا إكراه بالحبس أو بالتنكيل أو بتشويه السمعة الشخصية! يجب ألا يستخدم المشرع نفوذه لفرض الدين بقوة السجن والتنكيل".
 
شكت مديرة مؤسسة بكرة للإعلام، أن تكسب القلة المؤمنة بالحريات وبإلغاء عقوبة ازدراء الأديان في البرلمان معركتها مع الحكومة، وظنت أن يتم اتهامهم بأنهم أعداء الدين.
 
 
"العدل" ترفض الإلغاء مادة ازدراء الأديان
رفض المستشار خالد النشار مساعد وزير العدل لشئون الإعلام والمتحدث الرسمى باسم وزارة العدل، إلغاء المادة 98 من قانون العقوبات المعروفة بمادة ازدراء الأديان، قائلًا: " من غير المعقول إلغاء مادة تعاقب من يستغل الدين فى الترويج لأفكار متطرفة بقصد إثارة الفتن، أو ازدراء أحد الأديان السماوية أو التحقير منها".

ومن وجهة نظره فإن هذه المادة تحفظ حرمة الدين، فنص المادة الحالي يتضمن ركنا ماديا يتمثل في استغلال الدين والترويج للأفكار المتطرفة، وركنا معنويا يتمثل فيه الإضرار بالوحدة الوطنية وإثارة الفتن وتحقير الأديان.
 
وبعد أن بدأ يثور مجلس النواب تجاه هذه المادة أكد النشار، أنه لا يمكن على الإطلاق أن يوصف تحقير الأديان أو ازدرائها بالإبداع.
 
تعديل أو حذف المادة أو ما يسمى بقانون ازدراء الأديان سيحسن من صورة مصر بشأن حرية الرأي والتعبير والموقف من حقوق الإنسان، ففي المتابعة الدورية الشاملة التي أجرتها مصر منذ 2010 في الأمم المتحدة وهي تواجه بعض الملاحظات حول وضع الأقليات والتضيق على المفكرين، فإذا تم حل هذه المشكلة ربما يصبح الوضع أفضل.