مؤسسة أمريكية: هل تعود جماعة الإخوان المسلمين ؟

أخبار مصر

محمد مرسي وأعوانه
محمد مرسي وأعوانه


قالت مؤسسة كريستيان ساينس مونيتور الاعلامية الأمريكية إنه منذ خمس سنوات فقط بدا نجم جماعة الإخوان المسلمين صاعدا لكنها فقدت آخر معقل حقيقي لها في العالم العربي في ربيع هذا العام بعدما أغلقت السلطات الأردنية المقر الرئيسي للجماعة في عمان.

 

وأضافت نقلا عن موقع أصوات مصرية التابع لرويترز، أن صعود نجم الحركة تزامن مع ثورات الربيع العربي، وسعي كل من قطر وتركيا إلى تصدير النزعة الإسلامية من الخليج إلى شمال أفريقيا، لكن الجماعة تعاني الآن من حملة قمع مدمرة في مصر وقرارات حظر في معظم دول الخليج العربي، ثم في الأردن حاليا.

 

وحظرت مصر الإخوان المسلمين بعد إعلان الجيش عزل الرئيس السابق محمد مرسي المنتمي للجماعة عام 2013 إثر احتجاجات شعبية على حكمه، وأعلنتها جماعة إرهابية. وسٌجن آلاف الإسلاميين وحكم على مئات منهم بالإعدام في محاكمات جماعية نددت بها جماعات حقوق الإنسان.  

 

وفي تقرير نشر بموقعها على الانترنت قالت المؤسسة الإعلامية، التي يرجع تاريخها لأكثر من 100 عام لكن صحيفتها المطبوعة اليومية توقفت عن الصدور في 2008، إن أحدث دقات ناقوس الموت الصادرة من الأردن وضعت الجماعة في مفترق طرق أيديولوجي، حيث عليها الاختيار بين إن كانت سترضخ لشباب الجماعة الداعين لاتباع نهج أكثر عنفا أو أن تقوم بصياغة هوية جديدة ربما على نمط "الديمقراطيين المسلمين" في تونس.

 

وقال التقرير إن البعض يخشى من أن فشل الجماعة في استعادة نفوذها كحركة سياسية مشروعة يمكن أن يؤدي إلى زيادة التطرف في المنطقة.

 

وأضاف التقرير أن الخبراء يحذرون من أن يكون منع الحكومة الأردنية وغيرها في أنحاء المنطقة جماعة الإخوان من تقديم الخدمات الدينية والاجتماعية، يفتح الطريق أمام السلفيين المتشددين لملء الفراغ.

 

وأغلق الأردن المقر الرئيسي لجماعة الإخوان في عمان في أبريل الماضي، قائلا إن الجماعة التي يرجع تاريخها إلى 60 عاما تعمل بدون ترخيص قانوني. ولم يفصح المسؤولون عن سبب آخر لهذا القرار، لكن مراقبين يقولون إن القرار هو رد على دور الجماعة في ثورات الربيع العربي وعلى المطالب داخل الإردن بالتحول إلى ملكية دستورية والتقليل من صلاحيات الملك.

 

ومنذ ذلك الحين، أغلقت الحكومة الأردنية عدة فروع للذراع السياسية للجماعة حزب جبهة العمل الإسلامي وجمدت أصول الإخوان، ومنعت أعضاءها الكبار من مغادرة البلاد، بل ومنعت الجماعة من تنظيم أنشطة في رمضان مثل موائد الرحمن.

 

وجبهة العمل الإسلامي الذراع السياسية للجماعة هي أكبر حزب سياسي معارض في الأردن وتمثل الكثير من الأردنيين من أصل فلسطيني والذين يشكلون غالبية سكان البلاد البالغ عددهم سبعة ملايين شخص ويشكون من التمييز.

 

وسيشارك حزب جبهة العمل الإسلامي في الانتخابات البرلمانية في الأردن في سبتمبر، ولكن لا يمكنه جمع تبرعات ولا عقد تجمعات. وأصيبت الحركة بالشلل بسبب قرار للسلطات بمنع الإخوان من إجراء انتخابات داخلية.

 

وقال علي أبو سكر، النائب عن حزب جبهة العمل الإسلامي والمسؤول الكبير بالجماعة في الأردن "إنهم يشنون حربا علينا".

 

 

وذكر التقرير أنه بدلا من الإخوان يقوم السلفيون، بما في ذلك بعض الجهاديين، بتنظيم موائد الرحمن في رمضان. ويهيمن قادة التيار السلفي المتشدد على البرامج الاذاعية والتلفزيونية في الأردن. وفي مصر، أصبح سلفيون مثل حزب النور هم الاسلاميون الوحيدون في البرلمان.

 

وقال حسن أبو هنية، وهو خبير أردني في الحركات الإسلامية، إن "الخسائر التي منيت بها جماعة الإخوان المسلمين هى انتصار للسلفيين الذين يحاولون السيطرة على تفسير الإسلام".

 

ويهدد العديد من الناشطين الشباب في الأردن بالانضمام إلى تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) إذا لم يسمح لهم بالمشاركة في الحياة السياسية، قائلين "داعش هي البديل الوحيد لنا"، لكن لا يوجد بعد دليل على مثل هذا التوجه.

 

وقال التقرير إن قيادة الشباب في الإخوان تتطلع الآن إلى جماعة إخوانية أكثر عنفا وقوة عما ما كانت عليه في الماضي، لمواجهة الضغوط الإقليمية.

 

ويقول اريك تريجر، الزميل في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، إن "المسألة تتعلق بما إذا كان على الجماعة أن تعمل للعودة الى السلطة على المدى الطويل وأن تركز بدلا من ذلك على الدعوة حاليا، أو ما إذا كان ينبغي لها العمل للعودة إلى السلطة في المدى القريب."

 

ويضيف تريجر إن "جيل الشباب يرى أن الجماعة تولت السلطة في لحظة ما ثم اخذت منهم. وهم يريدون العودة الآن".

 

وفي حين تدفع حملات القمع بعض الناشطين الشباب ليصبحوا متشددين، إلا أن الضغط له تأثير معاكس أيضا، يتمثل في دفع كثير من القادة إلى النظر في جعل الحركة أكثر اعتدالا، وجاذبة لغير الاسلاميين، وأن تبدو أقل تهديدا للأنظمة.

 

ويتمثل جزء محوري من هذا الجهد في الفصل بين نشاط الدعوة الذي تقوم به جماعة الإخوان وبين السياسة. ويعتقد قادة الحركة أنه يمكنها بذلك تجنب الترويع والعداء الذي أثارته لدى الجماعات السياسية اليسارية والعلمانية، التي دعمت في وقت لاحق الإطاحة بالجماعة في مصر.

 

ويقول أبو سكر "فصل الدعوة عن السياسة ليس مجرد نظرية.. لقد أصبح ضرورة" مضيفا أن "الزمن يتغير، وعلينا أن نتغير معه".

 

وذكر التقرير أن جماعة الإخوان ترى نموذجا يحتذى في حركة النهضة الاسلامية التونسية، التي شاركت مرتين في حكومات ائتلافية مع أحزاب علمانية وأعلنت الشهر الماضي عن وقف جميع الأنشطة الدينية، والتخلي عن صفة الاسلامي في اسم حزبها. وأصبح الاسم الجديد "الديمقراطيين الإسلاميين".

 

ويعتقد قادة لجماعة الإخوان المسلمين، أن إعادة الصياغة على هذا النحو ستسمح لهم بالعودة إلى المجال السياسي الأردني وحتى فتح فرص في الخليج العربي وغيره.

 

ولكن الفكرة أصابها الجمود بسبب صراعات داخلية في جماعة الإخوان في مصر والإردن، الأمر الي دفع دفع بعض قادة الإخوان إلى العمل بشكل منفرد وإنشاء أحزاب "ديمقراطية إسلامية" منفصلة.

 

وقال التقرير إن سالم الفلاحات المراقب العام السابق لجماعة الإخوان في الأردن يجمع ذوي العقليات المتشابهة، من قيادات الجماعة الذين ضاقوا ذرعا من جمودها، وغير الاسلاميين للسير على خطى حركة النهضة.

 

وأضاف أن الحزب الجديد الذي اطلق عليه اسم "الحكمة" سيكون حزب وحدة وطنية، وستكون مبادئه الأساسية مستلهمة من الإسلام لكن مع ترك كلمة "إسلام" خارج جدول اعماله السياسي. ونقل التقرير عن الفلاحات قوله إن "ما نحتاج إليه في الوقت الحالي هو حركة سياسية مدعومة من الإسلاميين وليس حركة إسلامية."

 

ولكن مراقبين ومنافسين من أعضاء جماعة الإخوان شككوا في امكانية نجاح مثل هذه الانشقاقات بدون الخدمات الدينية والاجتماعية الواسعة التي تقدمها الجماعة.

 

ونقل التقرير عن شادي حميد من معهد بروكينجز البحثي، والذي يفصل كتابه "الاستثنائية الاسلامية" تطور حركات اسلامية مثل جماعة الإخوان، قوله إن "الأحزاب الإسلامية ليست أحزابا تقليدية وهذا ما يجعلها أحزاب مؤثرة.. إنها تعتمد على حركة أكبر وهذا ما يجعلها ناجحة وعندما تتخلى عن هذا فإنك تتخلى عن إحدى مزاياك الانتخابية الرئيسية".

 

لكن التقرير نقل عن خبراء قولهم إنه من السابق لأوانه شطب الحركة. وأضاف أن جماعة الإخوان تلعب دورا حيويا وراء الستار في المعارضة السورية، فيما ينتظر حزب الإصلاح التابع لها في اليمن على الهامش للعب دور في إعادة بناء اليمن عقب انتهاء الصراع الحالي.

 

 وقال حميد "الوضع في الشرق الأوسط متقلب بدرجة كبيرة، وحتى إذا كانت الحركة ضعيفة في يوم ما فيمكن أن تظهر في الأيام القليلة التالية كلاعب قوي."