موسي صبري يكتب: "الخروج" يحصد جائزة التميز الدرامي

الفجر الفني

بوابة الفجر


مباراة تمثيلية أشبة بالمعركة الدرامية يخوضها أبطال مسلسل "الخروج" في الماراثون الرمضاني، حيث حملت في طياتها عوامل التشويق والإثارة والغموض، فالفكرة في طور الأحداث استحداث لحالة من الاشتياق الفكري الذي تبناها أبطال العمل علي رأسهم الفنان ظافر العابدين، حيث تمكن بطل العمل من خلق روح التحدي والتكوين الفكري والبناء الدرامي لإثبات شخصيته الفنية عبر الأحداث من خلال الضابط المحنك الذي استخدم عقله واشتبك مع الواقع بحرفية شديدة وتعامل مع القضايا البوليسية بفن وقدر من المسؤولية والتدقيق الذي يثير المشاهد ويجعله في حالة ترقب لما يحدث في العمل، كما انه وظف قدراته التمثيلية لما يناسب طبيعة العمل وبرز ظافر إمكانياته الفنية عبر المشاهد التي تحتاج منه مجهود وتركيز عميق حتي لا يقع في أي خطأ درامي او تصيد من قبل النقاد لذلك يستحق ان يكون علي خريطة أفضل الممثلين لهذا العام وأن كان أفضلهم.

 

"ظافر" خلق حالة من العند الدرامي المبرر بينه وبين الفنان شريف سلامة لظروف مر بها تجعله متأثر بها ويتعامل بهذا الشكل حتي الحلقات الأخيرة من المسلسل، ولكن الدماثة وروح الدعابة جعلت الفنان شريف سلامة يظهر نوع آخر من شخصية ضابط البوليس الذي يتحلي بالصبر والتفاني في العمل، وتفنن شريف في جعل الأحداث الدرامية تسير نحو منعطف درامي مشوق رغم الأحداث الخيالية، وخلق حالة اتزان بينه وبين ظافر في طور الأحداث وتناغم ايجابي وحالة تفاهم عميقة في الأداء التمثيلي رغم اختلاف الشخصيات في أحداث المسلسل.

 

 كما أنشئ الفنان صلاح عبدالله مثلث درامي يعتبر الأميز في دراما هذا العام، واندمج الثلاثي ظافر وشريف سلامة تحت رأس هذا المثلث الرعب بحبكة درامية متقنة التي وضعها صلاح عبدالله فاستخدامه أدوات اللغة التي يتعامل بها مع شريف وظافر يصعب علي أي ممثل تجسيدها، خاصة أن صلاح عبدالله خلق حالة درامية اعتمدت علي اللغة والإشارات وحركة الجسد بخبرة غير مسبقة، وتفوقت درة التي لعبت دورا محوريا ومؤثر في الأحداث علي نفسها واستخدمت أساليب متزنة وابتعدت عن النمطية وأقنعتنا بدور المحامية بشكل ومضمون قوي وبرزت فيه بجدارة واستحقاق.

 

وتميزت انجي أبوزيد في دور الصحفية "جيهان" ولعبت علي الجوانب النفسية للشخصية من ناحية ووضع ركائز أساسية لإتقان الشخصية منها حركة الجسد والطريقة التي تتعامل بها الضباط ورغم علامات الاستفهام الكثيرة حول التناقضات في شخصيتها؛ إلا أنها أعطت درسا قويًا في فن التعامل والأداء المهني والإنساني، ففي عملها نراها شخصية وفي حياتها الخاصة نراها شخصية أخري، وركزت ايضا علي سيكولوجية الجسد والحركة الكثيرة واستطاعت أن تقدم نموذجا يعتبر الأمثل في ترسيخ ثوابت الأداء المهني في دور الصحفية، وتميزت به كل هذه الحدوتة الدرامية لم تكتمل أركانها الدرامية إلا بوجود مخرج عبقري مثل المخرج محمد العدل الذي ظهرت إمكانياته الإخراجية في توظيف واختيار فريق العمل وبرزت إمكانياته الفنية في كمية الإثارة والتشويق للأحداث وإضفاء الخيالي الدرامي التي تشكلت في صورة إخراجية مكتملة الأركان.

 

بالإضافة إلى الديكورات المناسبة للحالة الدرامية التي وجدت خلال الأحداث الدامية والمواتية التي غلفت بإتقان محكم ومتزن من ماندو العدل ليثبت نفسه بجدارة هذا الموسم كعادته كل عام، ويستحق أن يكون من أفضل مخرجين هذا العام خاصة أن أفكاره الإخراجية التمست مع الصورة الإبداعية التي نراها في الأعمال الفنية الأمريكية وقدم صورة إخراجية بطريقة محترفة عالمية بطريقة مصرية لما ناسبت الفكرة البوليسية وجو الإحاطة بالاكشن والساسبنس الدرامي المتزن والفكرة نفسها طوقت وارتقت بأسلوب ممنهج مدروس وفكر واعي من المؤلف محمد الصفتي الذي اظهر براعة كبيرة في لغة الحوار بين فريق العمل ومباراة تمثيلية أخري تخوضها الفنان علا غانم لتغرد بمفردها في مشاهد تفصيلية تعد الأقوى عبر الأحداث مع رانيا منصور واحمد جمال سعيد وخلقا حالة استهجان بتعبيرات قوية ومؤثرة تعاطفنا معها رغم ظهورها كامرأة لعوب.

 

واستلهمت الفنانة الكبيرة سلوي محمد علي أداء من نوع خاص لمسايرة الأحداث الدرامية بذكاء وفكر عميق وتفوقت الفنانة نورهان علي نفسها في في دور زوجة الفنان شريف سلامة لتضع حدا فاصلا بين الاداء التمثيلي وبين نضوجها الفني كما تميزت الفنانة رانيا منصور بأداء معلن ومهني بحنكة فنية ذو صبغة درامية وتعبيرات دقيقة في كمية الدراما الحزينة التي باتت علي وجهها وقد يستغرق ذلك مجهود، ولكنها أعطت للدور حقه وببراعة.

 

 وتميز الفنان الشاب احمد جمال سعيد في إيجاد تفاصيل درامية محنكة ولعب دورا مهما في طور الأحداث واستخدم فكر متزن وواعي في التعامل مع الدور واستغل الفرصة بعناية في المجاراة بينه وبين علا غانم ورانيا منصور، ويستحق ان يكون أفضل ممثل صاعد هذا العام، واستخدمت الموسيقي التصويرية بطريقة هي الأبداع في مجاراة الأحداث لتضفي صبغة درامية قوية ولون موسيقي مغلف بصورة فائقة الجمال والإبداع، كما ان كلمات التتر الذي كتبه الدكتور مدحت العدل وغناه المطرب رامي صبري يعد الأفضل علي الإطلاق بين تترات الأعمال الفنية الأخري والكلمات مركبة علي الأحداث بتدبير فكري واعي.

 

كما كان لاختيار الملابس والاستايلست المنضبط التي رسمته وصممته تفاصيله ريم العدل واختيار ذوق مناسب ساهم في تكوين صورة قوية، خاصة ان فن الاستايلست أصبح من أهم الصور الإبداعية التي دخلت في فنون الدراما وتميزت بها ريم العدل لتتفوق علي أقرانها.

 

"الخروج" يعد من أفضل الأعمال الدرامية هذا العام وقدم صورة مميزة نستطيع ان نعطيه جائزة التفوق الإبداعي في الدراما هذا العام.