أحمد شوبير يكتب : خدعوك فقالوا .. دورى قوي = منتخب قوي

الفجر الرياضي



■ من أهم الدروس المستفادة من بطولة أوروبا المنتخبات الصغيرة التى أقلقت وأزعجت بشدة كل المنتخبات الكبيرة، بل إن بعضها تطاول عليها وقهرها، مثلما حدث من منتخب أيسلندا، تلك الجزيرة الصغيرة التى لا يتجاوز عدد سكانها 350 ألف نسمة، عندما أطاحوا بمهد كرة القدم فى العالم إنجلترا وأخرجوها من البطولة الأوروبية فى أقسى وأصعب مفاجآت البطولة، كما أن ما فعله منتخب ويلز الصغير وتجرأه على الكبار ووصوله إلى الدور نصف النهائى يعد هو الآخر من أكبر وأقسى المفآجات على مر تاريخ كرة القدم فى العالم، بالإضافة إلى أن ألبانيا الصغيرة جدا نجحت فى كسب احترام العالم عندما خسرت بصعوبة بالغة أمام سويسرا وفرنسا، ثم فجرت مفاجأة مدوية بالفوز على رومانيا فى مقابل خروج منتخبات كبرى لها تاريخ عظيم، مثل روسيا والتشيك ورومانيا وتركيا وكرواتيا وغيرها دون تحقيق نتائج تُذكر فى هذه البطولة. ولعل أكبر ضحية لجمهوره فى هذه البطولة هم على الترتيب: المنتخب الروسى الذى دفع غاليا ثمن شغب جماهيره وخروجها عن النص، ما بعث القلق فى صفوف الفرق بعد عمليات الضرب والدم التى شاهدها اللاعبون عبر القنوات والمواقع والصحف، مما كان له أثر سلبى غير عادى على الفريق، فخرج من الدور الأول محققا أسوأ النتائج، والأمر نفسه ينطبق على الفريق الكرواتى، الذى رشحه الكثيرون للوصول لمراحل متقدمة فى البطولة، نظرا لضمه لاعبين من العيار الثقيل، إلا أن جماهير كرواتيا أبت إلا أن تهدد استمرار الفريق فى البطولة، وما علمته أن قرار اللجنة المنظمة للبطولة باستمرار الفريق جاء فقط نظرا للهجمات الإرهابية التى تعرضت لها فرنسا قبل البطولة ولعدم الإضرار بنجاح البطولة، فكانت الغرامة المالية الباهظة، بالإضافة إلى استبعاد الجماهير الكرواتية من الحضور حتى نهاية البطولة، هذا من جهة، لكن دعونا نذهب إلى أهم ما خرجنا به من هذه البطولة، وهو هل بالفعل الدورى القوى يفرز منتخبا قويا؟ الإجابة بالطبع لا، هذا ما ثبت من أوراق البطولة، فلا أحد فينا لا يتابع، بل ويشجع، ناديا فى الدوريين الإنجليزى والإسبانى، بل إن معظم المصريين منقسمون الآن ما بين مشجع للريال أو برشلونة، والأمر نفسه فى إنجلترا ما بين المان يونايتد وليفربول والمان سيتى والأرسنال وليستر سيتى الوافد الجديد، ولعل نسبة متابعة المصريين للدوريين الإنجليزى والإسبانى تفوق كل النسب فى الشرق الأوسط، لذلك توقع الجميع لهذين المنتخبين شأنا كبيرا فى هذه البطولة، مقارنة بدوريات لا يمكن أبداً ذكرها، من بينها البرتغال وويلز وأيسلندا، وفرنسا نفسها، حيث إن الدورى الفرنسى من أضعف الدوريات الأوروبية، وحتى لا تهاجمنى صديقى القارئ وتقول لى إن معظم اللاعبين فى الدوريين الإسبانى والإنجليزى محترفون من الخارج، وإن نجوم ويلز وأيسلندا محترفون فى أندية أوروبا أقول لك وبالفم المليان إن كل نجوم المنتخب الإنجليزى يلعبون فى الدورى الإنجليزى الأقوى فى العالم، وإن أسعارهم غالية جدا، وإنهم يشاركون فى كل أندية القمة، لذلك فالرد جاهز من أن الحكم بقوة الدورى أصبح خطأ، وأن الصحيح أن لاعبين جيدين يصنعون منتخباً جيداً بغض النظر عن لعبهم داخل بلادهم أو خارجها، والأمثلة كثيرة، أهمها على الإطلاق كريستيانو رونالدو، فهو اللاعب الذى أنقذ فريقه فى الأوقات الصعبة أمام المجر وويلز رغم أنه لم يقدم أفضل مستوياته وإصابته وخروجه من المباراة النهائية إلا أن رونالدو أثبت أنه فريق بأكمله يمشى على الأرض، يصول ويجول، وفى النهاية يفوز ببطولة كبرى مثل بطولة أوروبا، والأمر نفسه ينطبق على جاريث بيل، نجم المنتخب الويلزى، والذى حمل على عاتقه وبمفرده عبء نتائج المنتخب الويلزى، فكان عند حسن الظن به، فقاد فريقه إلى الانتصار تلو الآخر، حتى صعد الفريق إلى نصف نهائى البطولة، وخرج مرفوع الرأس، والأمر نفسه ينطبق على النجم فيدال، نجم فريق تشيلى، والذى حقق مع منتخب بلاده للمرة الثانية على التوالى بطولة كوبا أمريكا، من بين أسنان الأسد الأرجنتينى، مؤكدا أنه وزميله سانشيز يساويان فريقا بأكمله، لذلك أظل عند رأيى أن اللاعب الممتاز قادر على مساعدة الفريق، أياً كان المنتخب أو النادى، والحصول معه على أفضل النتائج، والأمثلة فى عالمنا العربى، بل فى مصر، واضحة.

فمثلا أبوتريكة قاد المنتخب المصرى لعدد من البطولات بتألقه الرائع فيها وإحرازه أهدافا مؤثرة وقاتلة، والأمر نفسه ينطبق على حسام حسن فى أوقات كثيرة مع المنتخب الوطنى، وحتى فى العالم العربى كان رابح ماجر، نجم المنتخب الجزائرى، يساوى بمفرده منتخبا كاملا وتوج مجهوده مع فريقه بفوز باهر على ألمانيا عام 86، وفى العراق كان أحمد راضى نجما رائعا ومعه حسين سعيد ومن بعدهما يونس محمود، فقادوا المنتخب العراقى إلى انتصارات مدوية وعظيمة، وفى ألمانيا كان رومينجيه نجما فذا ولامعا، وفى إيطاليا باولو روسى وكونتى وغيرهم الكثير من النجوم الذين ساعدوا منتخبات بلادهم للفوز والتتويج بالبطولات، لذلك أرى أن وجود عدد كبير من لاعبى مصر فى الخارج هو فى النهاية إثراء وقوة للمنتخب المصرى، وفرصة رائعة لعودة الهيبة للكرة المصرية من جديد، لأنه لو أصبح لدينا أكثر من محمد صلاح ومحمد الننى فى الخارج، خصوصا فى الدوريات الأوروبية القوية، لأصبح لدينا منتخب قوى يكسب احترام العالم ويكسب الفرق الكبرى ويكسب البطولات ويتأهل لكأس العالم ويخلصنا من التعصب السيئ الذى تعيشه الكرة المصرية دون أدنى مبرر سوى فقط سوء مستوى فى كل شىء كروى وأخلاقى وإنسانى.

■ لدى إدارة الأهلى معادلة صعبة على الإطلاق، فنتائج الفريق سيئة رغم فوزه ببطولة الدورى العام، لذلك فهم مطالبون بضم لاعبين جدد وتدعيم الفريق من أجل البطولات القادمة، وفى نفس الوقت لديه عروض خيالية لبيع بعض من أهم لاعبيه، مثل إيفونا، الذى انتقل إلى الصين، ورمضان صبحى وهو على وشك الانتقال لإنجلترا، ناهيك عن الأرقام الضخمة التى سيحصل عليها الأهلى، والتى تقترب من 150 مليون جنيه مصرى تساهم وبقوة فى ضخ صفقات ودماء جديدة لصفوف الفريق، ولكن كل هذا يُواجَه باعتراض شديد جدا من جماهير الأهلى، التى لا ترضى سوى بالفوز بكل البطولات، وتعتبر أن خسارة بطولة واحدة، أيا كانت، كارثة من كوارث لا يمكن القبول بها، خصوصا بطولة مثل بطولة أفريقيا، حيث إنها توصل إلى كأس العالم للأندية، التى يعتبرها جمهور الأهلى مكافأة نهاية الموسم للفريق على ما قدمه طوال العام، ولعل البداية السيئة والمهتزة جدا للأهلى فى مستهل مشواره الأفريقى جعلت جماهير الأهلى فى حالة شديدة من الغضب، حيث إن حلمهم الكبير فى الفوز والتأهل لكأس العالم للأندية أصبحت فى مهب الريح، ولذلك تجد جماهير الأهلى رافضة تماما مبدأ بيع اللاعبين، ولكن فى نفس الوقت اللاعبون أنفسهم أصبحوا يرفضون مبدأ البقاء فى الأهلى، حيث أحلام الاحتراف والنجومية والانتقال إلى الدوريات العالمية واللعب لأندية عظيمة لها تاريخ كبير فى الكرة الأوروبية، ما يفتح أمامهم مجالا واسعا للتألق والشهرة، وأيضاً تأمين حياتهم المادية، لذلك فموقف إدارة الأهلى صعب للغاية ما بين رغبتها ورغبة الجماهير فى الحفاظ على اللاعبين، وهو أمر أصبح شبه مستحيل، وبين الاستغناء عنهم وهو الأمر المؤكد، ولكن المطلوب وعلى وجه السرعة أن تسارع إدارة الأهلى بالإعلان عن النجوم الجدد الذين تعاقدت معهم أو على أبواب التعاقد، خصوصا أن منهم نجوما قد يضيفون بقوة إلى القلعة الحمراء ويكونون عوضا عن الراحلين، وهذه هى سُنة الحياة، وأيضاً الإعلان عن السياسة الجديدة لإدارة الكرة والتغييرات التى ستحدث داخل الجهاز الفنى، خصوصا ما سمعناه عن ضم هانى رمزى للجهاز المعاون واستبعاد البعض. كل هذه أمور من شأنها إيضاح الأمر لجماهير الأهلى وبث الهدوء والثقة فى نفوسها، وأيضاً إعطاء الأمل فى المباريات القادمة، خصوصا فى البطولة الأفريقية لأن أمام الأهلى 4 مباريات، إذا فاز بها جميعا سيتصدر مجموعته، وحتى إذا فاز فى 3 مباريات فقط ضمن التأهل من خلال المركز الثانى، أما دون ذلك فلا أمل للأهلى فى هذه البطولة، دعونا ننتظر ماذا ستفعل إدارة الأهلى فى الأيام، بل فى الساعات، القليلة القادمة.