للمرة الثالثة.. تعديلات قانون الاستثمار على موائد الحوار المجتمعي.. والإعفاءات الضريبية تتصدر المشهد

الاقتصاد

داليا خورشيد- وزيرة
داليا خورشيد- وزيرة الاستثمار


للمرة الثالثة خلال أقل من عام تتوجه الحكومة المصريه نحو تعديل قانون الاستثمار بحجة توفير مناخ جاذب ومستقر للاستثمارات الاجنبية المباشرة، وإزالة كافة المعوقات أمام المستثمرين لتوفير العملة الصعبة التى تعانى البلاد من نقصها الشديد.
 
  وكان التعديل الأول في 12 مارس 2015 قبيل المؤتمر الاقتصادى بشرم الشيخ بأيام قليلة، بالقرار الجمهوري رقم 17 لسنة 2015، والذي أدخل العديد من التعديلات على القانون رقم 8 لسنة 1997 والخاص بحوافز وضمانات الاستثمار، بهدف الترويج للمشروعات ودعم الاستثمارات الأجنبية وشملت التعديلات ضمانات وتسهيلات للمستثمرين من بينها حماية المستثمر من الخضوع للعقوبات الجنائية عن أي مخالفات يرتكبها فرد في الشركة، وخفض سعر الضريبة على المبيعات المقررة على الآلات والمعدات من 10 إلى 5% مع رد الضريبة بالكامل على دفعة واحدة فور تقديم أول إقرار ضريبي.
 
أما التعديل الثاني فجاء في ديسمبر الماضي، بحجة أن القانون صدر متسرعاً وأهمل الكثير من النقاط الهامة، حيث أعتمد مجلس الوزراء 4 تعديلات على قانون الاستثمار، كان من أهم النقاط التى تضمنتها - وفقاً لإعلان الوزارة في حينه - ضمان تحويل الأرباح واحترام الدولة لتعاقداتها والمساواة بين المستثمرين وعدم وجود معاملات تفضيلية بين المستثمرين، وتعديلات بشأن المسئولية الجنائية للشخص الاعتباري.
 
بجانب منح عدد من الحوافز غير الضريبية والتي تشمل تحمل الدولة لحصة صاحب العمل في التأمينات على العمالة ومنح الأراضي بنظام حق الانتفاع وسداد قيمة ترفيق الأراضي، وذلك في المناطق النائية والأولى بالتنمية، وذلك تطبيقاً لبرنامج النمو الاحتوائي الذي تتبناه الحكومة.
 
وجاءت المرة الثالثة في بداية يونيو الماضي، عندما أعلنت وزيرة الاستثمار داليا خورشيد، في جلستها مع اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب المصري ، أن هناك معوقات لا يمكن تجاهلها تحد من دفع الاستثمارات، لعل أهمها المنازعات فى قضايا الاستثمار، والولاية المتعددة  لجهات عديدة على الأراضى ، ثم الجهات المشاركة فى تثمين الأراضى، وكذلك الأمور المتعلقة بالتشريعات، وما يخص المناطق الحرة، كما أن هناك معوقات أخرى عامة لعل أهمها أزمة سعر الصرف والبطالة وعجز الموازنة ، والظروف الأمنية والسياسية التى مرت بها مصر فى السنوات الخمس الماضية.
 
وقالت وزيرة الاستثمار، إن الوزارة شكلت لجنة بمشاركة الشئون القانونية فى الوزارة ومسئولين من وزارة العدل، لتلقى كافة التعديلات على قانون الاستثمار الموحد رقم 17 لسنة 2015 والقانون القديم بهدف جمع كل هذه التعديلات وصياغتها والخروج بمشروع موحد يجمع كل ما حصلت عليه الوزارة من تعديلات من جهات مختلفة.
 
وأشارت إلى  أن العديد من الجهات ، على رأسها وزارات وهيئات ونواب قدموا مقترحات بشأن قانون الاستثمار.
 
فيما كشفت مصادر مطلعة بهيئة الاستثمار لـ "الفجر"، أن مشروع القانون المقترح يتضمن منح حوافز ضريبية وغير ضريبية للمشروعات الاستثمارية، من بينها إعفاء بعض الأنشطة من الضرائب لمدة 5 سنوات وأخرى لمدة 10 سنوات، بجانب إعفاء المشروعات المقامة بمناطق "سيناء وسيوة والصعيد والنوبة" من الضرائب لمدة 10 سنوات.
 
بالإضافة إلى إعفاء المصدرين من ضرائب الدخل إذا تم تصدير أكثر من 80% من المنتج، وإعطاء حوافز لمشروعات الثروة السمكية، كذلك تفعيل الشباك الواحد وإنشاء "نافذة عقارية" فيما يخص تخصيص الأراضى للمستثمرين، على أن يضم هذا الشباك كافة الجهات صاحبت الولاية، على أن تقوم بتخصيص الأراضى بناء على خرائط ومساحات محددة، وإنشاء مكاتب خبرة ومكاتب اعتماد.
 
وأجازت التعديلات لصاحب المشروع التعامل بالأرض المخصصة له "حق انتفاع" كقيمة رهنية لدى البنوك، ويتضمن المشروع أيضا استحداث شركات للأمن والحراسة، وإعفاء جمركى كامل على الآلات والمعدات، وضريبة مبيعات 5% على المعدات ترد لاحقا، بجانب دعم للمستثمرين بمناطق الصعيد وسيناء.
 
وفيما يتعلق بالمستثمرين الأجانب، لا يفرق القانون بين المستثمر الأجنبى والمصرى، حيث يعطى للمستثمر الأجنبى الحق فى تحويل أمواله خلال مدة أقصاها 3 أشهر ومن حقه تملك الأراضى وعقار سكنى خاص له ولأسرته، كما أنه من حق المستثمر استقطاب العاملين الأجانب وفقا لحاجة وطبيعة مشروعه.
 
من جانبه قال الدكتور فخرى الفقى، الخبير الاقتصادي والمسئول السابق بصندوق النقد الدولي، إن قانون الاستثمار القديم  تم تعديله على وجه السرعة بالقرار 17 لسنة 2015 لأنه كان مستهدف صدوره قبل مؤتمر شرم الشيخ.
 
وأضاف في تصريح خاص لـ "الفجر"، أن القانون ركز على 3 أشياء أولها إعفاء المستثمر من دخول دهاليز البيروقراطية الحكومية، وإنشاء وحدة التسجيل السريع للشركات ولكنها لم تجدى بشكل كبير في جذب الاستثمارات حيث أن الموافقات والتراخيص تأخذ وقت طويل حيث تستغرق ثلاث سنوات على الأقل حتى يستطيع المستثمر تشغيل المشروع وهو ما يهدر على المستثمر الكثير من المال، والمفروض ألا تتعدى هذه الدورة أكثر من عام حتى يبدء المشروع في الانتاج ليعود بمردود على الاستثمارات.
 
وأشار إلى أن تفعيل آلية الشباك الواحد التى نص عليها القانون تتطلب تجهيزات تكنولوجية والكترونية وبنية تحتية ستستغرق حوالي 18 شهر، هذا إلى جانب ندرة الأراضى واختلاف الجهات حول التسعير وشكل التخصيص هل هو حق انتفاع أم تأجير تمويلى أم أمتلاك، كل هذا يدفع المستثمرين للحذر والهروب في كثير من الأحيان.
 
وأوضح "الفقي"، أن إنشاء المجلس الأعلى للأستثمار سيساعد بشكل كبير في الترويج للمشروعات القومية في مصر وحل مشاكل المستثمرين، مشيراً إلى أن الهدف كان عمل قانون جديد بدلاً من ترقيع القانون ولكن ماحدث قد حدث.
 
ورفض التخفيضات الضريبية، قائلاً: "الموازنة لم تعد تتحمل تخفيضات ضريبية"، موضحاً أن الضريبة المعلنة بقيمة 22.5% هى مناسبة جداً لكافة الشركات فقضية المستثمر ليست الضرائب ولكن البيروقراطية الفاسدة هي التى تؤدي إلى هروب المستثمر من مصر.
 
واتفقت معه الدكتور يمن الحماقي أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس، في أنه يجب وضع قانون جديد للاستثمار بدلاً من التعديلات المتتالية، خاصة بعد ما ترتب على القانون من مشكلات خصوصاً مع المستثمرين الصينين في المناطق الاقتصادية الخاصة الذين منحتهم الدولة حافز ضريبى بقيمة 10%، في حين أن وزير المالية أعلن بعد إقرار قانون الاستثمار تعميم الضريبة بنسبة 22.5%، وهو ما يتناقض مع تعهدات الدولة.
 
وأضافت في تصريحاتها لـ "الفجر"، أنه يجب توحيد الحوافز الضريبية لجميع المستثمرين وأن لا يكون هناك تخبط في القوانين أو تغيير وتعديل مستمر ولكن يجب عند إصدار القانون أن تعلن الحكومة التزامها به لمدة 10 سنوات على الأقل حتى تعطى ثقة للمستثمر الخارجى في مناخ الاستثمار في مصر وأنه مستقر.
 
وأشارت إلى نظام الإدارة بالصواب والخطأ الذي تتبعه الحكومة حالياً يؤدى إلى هروب الاستثمارات بمعنى أن يتم اتخاذ القرار ثم التعديل فيه وفقاً للعيوب التى تظهر عند التطبيق، وهو ما يجعل مناخ الاستثمار غير مستقر، قائلة: "استقرار القوانين دعامة أساسية لتحقيق مناخ استثمارى جيد".