ما معني الإدغام؟

إسلاميات

الإدغام - صورة أرشيفية
الإدغام - صورة أرشيفية


بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد،

جاء الإدغام باللغة بمعنى: « إدخال حرفٍ في حرف »، [راجع: لسان العرب]، ويأتي أيضًا بمعنى: إدخال شيء في شيء بشكل عام، كإدخال السيف في الغمد، ولكن غالبًا ما تستعمل كلمة الادغام للإشارة إلى إدخال حرفٍ في حرف، وتعريف الادغام في الاصطلاح: هو إدخال حرفٍ في حرف بحيث يصيران حرفًا واحدًا مشددًا.

والإدغام شائع في لغة العرب؛ لأن من عادة العرب التخفيف والتسهيل في النطق، فالإدغام فيه تسهيل على المتكلم، إذ أنه يجعل من الحرفين حرفًا واحدًا مشددًا. والقرآن الكريم الذي نزل بلغة العرب قد جاء موفقًا للغة العربية التي تميل إلى التسهيل والتخفيف عن طريق الإدغام، فلذلك نجد أن من أصول قراءة القرآن الكريم وتجويده: الإدغام وأحكامه.

إنّ للإدغام ثلاثة أسباب باعثة عليه، وهي:

1- التماثل: وهو أن يتحد الحرفان في المخرج والصفة.

2- التجانس: وهو أن يتحد الحرفان في المخرج دون الصفة.

3- التقارب: أن يتقارب الحرفان في المخرج والصفة، أو في أحدهما.
وهناك سبب مانع من الإدغام وهو (التباعد)، حيث يتباعد الحرفان في المخرج والصفة، ففي حالة التباعد يجب الإظهار.

يرتبط الإدغام ارتباطاً وثيقاً بمخارج الحروف وهي: الجوف والحلق والشفتين واللسان والخيشوم، والتي يتفرع منها مخارج أخرى فرعية، ويرتبط أيضًا بصفات الحروف كالهمس والجهر والشدة والتوسط والرخاوة والاستعلاء والاستفال والاطباق والغنّة وغيرها. ولسنا بصدد الخوض في باب المخارج والصفات، وإنما ذكرناه تمهيدًا لما سيأتي من الأمثلة على أسباب الادغام.

فمن الأمثلة على إدغام المتماثلين: { وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ } [الروم: 29]، فهنا تدغم الميم مع الميم، والنون مع النون؛ لاتحاد كل منهما في المخرج والصفة، فمخرج الميم: هو الشفتين، ومن صفاته الجهر والتوسط. ومخرج النون: هو طرف اللسان، ومن صفاته أيضًا: الجهر والتوسط.

ومن الأمثلة على إدغام المتجانسين: { قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ } [البقرة: 256]، فهنا يدغم حرف الدال مع التاء؛ لأنهما متحدان في مخرج من دون الصفة، فمخرج الدال والتاء: هو طرف اللسان، ولكنهما لا يشتركان في كل الصفات، فمن صفات الدال: الجهر والشدة، أمّا التاء فمن صفاتها: الهمس والشدة.

ومن الأمثلة على إدغام المتقاربين: { لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ } [الكهف: 2]، فهنا تدغم النون مع اللام عند (من لدنه)، لتقاربهما مخرجًا وصفة، فمخرج النون: هو طرف اللسان، ومن صفاته: الجهر والتوسط، ومخرج اللام: هو حافتي اللسان. ويشترك حرف اللام مع النون في صفتي: الجهر والتوسط، إلا أنّ له صفة أخرى مميزة له عن النون وهي: الإنحراف، فحرف اللام فيه انحراف من حافّة اللّسان إلى طرفه. وحرف النون له صفة مميّزة له عن اللام: وهي الغنة.