سحب الثقة من الحكومة.. القرار الحائر تحت قبة البرلمان

تقارير وحوارات

مجلس النواب
مجلس النواب



الحريري: تأكدنا من فشل أداء الحكومة
هيكل: سحب الثقة تخضع لرغبة النواب.. وهي ظلم للوزراء 
جبريل: سحب الثقة أداه رقابية لـ"النواب"
الدمرداش: جميع المعطيات تؤكد فشل الحكومة

أحدث توقيع النواب على استمارات سحب الثقة من الحكومة غليان  تحت قبة البرلمان، بالرغم من  أنه لم يمر على تجديد الثقة من الثانية أكثر من ثلاثة أشهر؛ إلا أن غياب رؤيتها الواضحة في الأزمات أجبر بعض النواب على اتخاذ القرار بسحب الثقة من الحكومة بأكملها وليست بعض الحقائب الوزارية كما أكد النواب، وذلك بالرغم من تحذيرات رئيس البرلمان بأن الإقدام على هذه الخطوة غير دستورية.

وفي أول تطبيق لدوره السياسي وتفعيلا لمواد الدستور، وافق مجلس النواب في العشرين من إبريل الماضي بأغلبية 433 عضوًا ورفض 40 وامتناع 5 آخرين، وغياب 122 نائبا عن حضور الجلسة، على منح الثقة لحكومة المهندس شريف اسماعيل، والتي كانت قد تقدمت ببرنامجها إلى المجلس في 27 مارس الماضي، سعيًا لنيل ثقة المجلس تنفيذًا لمواد الدستور التي أزمت أي حكومة على ثقة البرلمان قبل بدء عملها.

والرافضون لبرنامج الحكومة هم النواب: يوسف القعيد، خالد يوسف، هيثم الحريري، خالد عبد العزيز شعبان، أحمد الشرقاوي، ضياء الدين داوود، أحمد طنطاوي، محمد عبد الغني، عبد الحميد كمال، محمد العتماني، مرتضى العربي، مصطفى كمال الدين حسين، إيهاب منصور، جمال الشريف، نور الدين عبد الرازق، عبد الفتاح جمال، عبد الرحمن عبد العال، سمير غطاس، مدحت الشريف، إلهامي عجينة، جون طلعت، خالد بشر، كمال شيحة، طلعت خليل، تامر عبد القادر، إلهام المنشاوي، عبير تقبية، شديد أبو هندية، محمود حسين، أحمد نشأت، رضوان الزيات، تادرس قلدس، شيرين فراج، هشام الحصري، محمد عبد الله زين.

ورأى الرافضون أن برنامج الحكومة لم يتطرق إلى خطوات حقيقية على أرض الواقع لحل مشاكل المواطنين، فضلا عن  غياب الرؤية، وتجاهل العديد من القطاعات الرئيسية في الدولة، كالصحة والتعليم والحقوق والحريات.

على صعيد آخر وافق حزب الوفد، ومصر الحديثة، والشعب الجمهوري، والسلام الديمقراطي، والحرية، والمؤتمر، وحماة الوطن، ومصر بلدي، والإصلاح والتنمية، الحركة الوطنية، والمصريين الأحرار.

 وقد رأى الموافقون على برنامج الحكومة أن استمرارها  والتصويت على تجديد الثقة رغم وجود بعض الملاحظات المتعلقة بأداء مجموعة من الوزراء لم تكن علي قدر المسؤولية، إلا أنهم وافقوا من أجل استقرار البلاد.

استمارة لسحب الثقة من الحكومة
وعقب مرور ثلاثة أشهر من تجديد الثقة  أثيرت حالة من الجدل تحت قبة البرلمان بعد قيام عدد من النواب بملء استمارة لسحب الثقة من مجلس الوزراء الحالي، ما دفع رئيس البرلمان الدكتور على عبد العال، لتحذير النواب من مخالفة هذا الإجراء للدستور، إلا أن عددا من أعضاء مجلس النواب انتقدوا بشدة أداء الوزراء وانقسموا بين مؤيد ومتحفظ لسحب الثقة، إلا أنهم جميعًا اتفقوا على ضرورة عقاب الوزراء المخالفين أو من يثبت تورطهم في قضايا فساد.

الحكومة ليست لديها رؤية للخروج من الأزمات 
وحول مصير الحكومة يقول النائب هيثم الحريري، عضو تكتل 25/30 بالمجلس، إن لجوء النواب للتوقيع على استمارة لسحب الثقة من الحكومة ما هو إلا طريقة للتعبير عن الرأي وليست طريقة لاتخاذ القرار، مؤكدًا أن هذه ليست الآلية التي سيتم سحب الثقة من الحكومة من خلالها، فالتصويت هو المعيار الأول والأخير، ولكن لا يمنع جمع توقيعات.

وبالنسبة لتحذير رئيس المجلس بأن سحب الثقة  إجراء مخالف للدستور،  أوضح "الحريري"، في تصريحات خاصة لـ"الفجر"، أنه لا يوجد إجراء مخالف للدستور تحت قبة البرلمان، معلقًا: "ومش كل حاجة يقولها رئيس المجلس خاصة بالدستور تكون صحيحة".

وأشار "الحريري"، إلى أن التكتل لن يعطي الثقة للحكومة سالفًا، وبالتالي موقفهم واضح لسحب الثقة من الحكومة، ولاسيما بعد تأكد الجميع  بفشل أداء الحكومة يومًا بعد يوم وخاصة بعد وضوح غياب رؤيتها للخروج من الأزمات المتكررة واعتمادها على سياسة رد الفعل وليس التخطيط التنموي المعالج بشكل مدروس.
 
سحب الثقة من الحكومة بأكملها ظلم   
في ذات السياق أبدى النائب أسامة هيكل، رئيس لجنة الثقافة والإعلام بمجلس النواب، استغرابه لعدم معرفته بجمع النواب لتوقيعات لسحب الثقة من الحكومة، معلقًا: "لم يبلغني أحد بهذا الإجراء، ولكن أرغب بأن يتغير بعض الوزراء لقلة أدائهم وعدم عملهم بشكل عام".

وأوضح "هيكل"، في تصريحات خاصة لـ"الفجر"، أن سحب الثقة تخضع لرغبة النواب، ولكن ظلم  الحكومة أجمعها، فمن الأحق محاسبة كل وزير على أدائه على حدى فليس من العدل محاسبة الجميع على أخطاء البعض.

واستطرد "هيكل"، قائلا: "إن  فترة تجديد الثقة كانت منذ ثلاثة أشهر وهذه الفترة ليست كافية للحكم على أداء حكومة، لاسيما في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد ومع التخبطات المتواجدة مسبقًا"، مشددًا على ضرورة اعطائها فرصة لفترة ثلاثة أشهر آخرين للحكم على أداء الوزراء، ومع ثبوت فشل أي وزير وعدم قدرته على إدارة الحقيبة الوزارية، يتم سحب الثقة منه.

أداة رقابية للمجلس
وعلى الصعيد القانوني أكد جمال جبريل، الخبير القانوني، أن سحب نواب البرلمان الثقة من الحكومة "دستوري" ومن أدوات المجلس الرقابية التي يمارسها على الحكومة، موضحًا أنه يتم إجراء استجواب أي من الوزراء أو رئيس الحكومة قبل التصويت على سحب الثقة.

وأضاف "جبريل"، في تصريحات خاصة لـ"الفجر"، أن النص الدستوري 2014، 2012، و1971 بعد تعديلاته ينص على سحب ثقة البرلمان من الحكومة، مشيرًا إلى أن هذا من أركان النظام البرلماني بأن تكون الحكومة مسئولة أمام البرلمان.

وأردف "جبريل"، أنه يوجد مسئولية وزارية تضامنية تتيح سحب الثقة من الحكومة بأكملها،  إذا كان المستجوب موجه له الاستجواب رئيس الوزراء أو أحد الوزراء وأعلنت الحكومة تضامنها معه قبل التصويت على سحب الثقة فيتم سحب الثقة من الحكومة، أما إذا كان من وزير فقط ولم تتضامن معه الحكومة قبل التصويت فيتم سحب الثقة من الوزير فقط.

واستنكر "جبريل"، موقف الدكتور علي عبد العال، رئيس مجلس النواب قوله بأن توقيع النواب على سحب الثقة غير دستوريًا باعتباره رجل قانون دستوري.

الرئاسة تحصن الحكومة 
على الجانب الاقتصادي قال الدكتور شريف الدمرداش، الخبير الاقتصادي، أن سحب الثقة من الحكومة سيساهم بشكل أوسع في استقرار الدولة وليس العكس كما يقال من بعض النواب، لاسيما وأن الأداء وجميع المعطيات تؤكد فشل الحكومة الحالية في إدارتها للأمور، ولكن هذه ليست المشكلة كما يتخيل البعض المشكلة تكمن في من يدير شئون البلاد، متسائلا هل الحكومة بالقوة لأن تكون صاحبة توجهات أم الرئاسة؟.

وأوضح "الدمرداش"، في تصريحات لـ"الفجر"، أن الرئيس هو من يعطي الأوامر للحكومة لذا ستظل المشكلة قائمة بتغير الأفراد، فيجب تغير التوجهات واختلاف الرؤية، لكي تنجح الحكومة في أدائها، مشيرًا إلى أن النواب الذين سيوقعون على استمارة سحب الثقة من الحكومة أقلية ولن يحقق هدفهم، مشيرًا إلى أن ما يؤكد ذلك تحذير رئيس المجلس ووصفه لصحب الثقة بأنها قرار غير دستوري بالرغم من أنه يدرك دستوريته.

وأشار "الدمرداش"، إلى أن البرلمان يعي تماما أن الرئاسة من توجه التعليمات وهي العقل المُدبر للحكومة وخطوة توقيع الاستمارات مواجهة ضعيفة من قبيل البرلمان لأنها لا تستطع قول أن الرئيس هو من يسير أمور البلاد، مؤكدًا أن الكثير من النواب يعلمون أنهم لا يستطيعون سحب الثقة من الحكومة لأن لو تم سيظل الحال كما هو عليه تغير أفراد بنفس الفكر المسبق ونفس الإدارة المدبرة.