سفاح كرموز.. ضحية النساء والدلع

منوعات

بوابة الفجر


يعرف سعد إسكندر عبد المسيح بأنه سفاح كرموز، وهو من مواليد محافظة أسيوط، كان نجم الساحة والإعلام فى مصر لمدة 5 سنوات كاملة منذ سنة 1948 وحتى سنة 1953، وتسبب فى رعب لأهالي الأسكندرية بعد سلسلة من الجرائم التي ارتكبها في هذه الفترة من قتل واغتصاب وسرقة ونهب وغيرها الكثير.

كان «سعد» يعمل مع شقيقه فى مصنع صغير للغزل والنسيج، كان يمتلكه الأخ الأكبر، وتعرف هناك على أرملة ثرية، وصارت بينهما علاقة غرامية، وبعد أن أعطته كل ما تملك، وأمنته على مكان الأموال التى تمتلكها، وفى إحدى الأمسيات الغرامية باغتها «سعد إسكندر» من الخلف بطعنات نافذة أودت بحياتها على الفور، وسرق المال، ونزح إلى الإسكندرية، وكانت هذه الجريمة الأولى لسفاح «كرموز».
فيما بعد استأجر «سعد إسكندر» مخزنا صغيرا للقطن وغزل النسيج فى أحد أحياء «كرموز» الذى حوله فيما بعد إلى مسرح لجرائمه التى ارتكبها، ومقبرة لبعض جثث ضحاياه التعساء من الفتيات التى كانت تقع فى براثن غرام هذا الوحش الوسيم.
بعد تعدد الحوادث لاحظت الشرطة اختفاء الفتيات بمعدل فتاة كل أربعة أو خمسة أيام، دون وجود أى أثر لإحداهن حية أو ميتة، مما أثار هذا الموضوع الرأى العام كله، وانتشر الرعب شهورا فى أحياء «كرموز»، خاصة أن مثل تلك الأحداث كانت تتكرر على يد السفاحتين الشهيرتين «ريا وسكينة»، بدأ السفاح يخرج إلى العلن، ويعلن الرعب فى أوائل شهر سبتمبر من العام ١٩٤٨، فى حى «غبريال الشعبى»، فكان المجرم الوسيم يقضى أمسيته مع فتاة تدعى «فاطمة»، كان يتردد على منزلها، لأنها كانت تجيد فن الغرام وفن الطهو معا، ولخوفها من افتضاح أمرها أمام الجيران ادعت أن «سعد إسكندر» شقيقها، وفى إحدى الأمسيات علم السفاح من «فاطمة» أن المنزل المجاور لها تسكن فيه السيدة «بمبة»، وهى عجوز فى التسعين، وتعيش بمفردها وحالتها ميسورة للغاية، وفى الليلة التى تليها لم يدخل «سعد إسكندر» منزل «فاطمة»، بل دخل منزل الست «بمبة»، وصعد إلى الطابق العلوى وقرع الباب، فتحت الست «بمبة» الباب، ظنا منها أن أحد أبنائها جاء ليطمئن عليها، فوضع «سعد» يده على فمها، وجرها إلى الداخل وضرب رأسها بالساطور فصرخت صرخة مدوية، فأجهز عليها بضربة ثانية، فتناثرت الرأس فى كل مكان، أخذ المال من الشقة وهم بالخروج، وعندما فتح الباب وجد أمامه فتاة تدعى «قطقوطة» تقيم فى الطابق الأرضى من المنزل، سمعت صوت الصرخة وجاءت لمعرفة السبب، فسألته عن الست «بمبة»، فأجابها: «اطمئنى إنها تصلى فى الداخل»، وأشار إليها بالدخول، وما أن تخطت عتبة الباب وأدارت ظهرها له حتى هوى على رأسها بالساطور، فسقطت على الفور غارقة فى دمائها، وهرب السفاح من المنزل دون أن يراه أحد.
عاد أحد أبناء السيدة «قطقوطة» إلى المنزل، ليكتشف تناثر رأس والدته، ووجد « قطقوطة» غارقة فى الدماء، نقلت الأخيرة إلى المستشفى، وكتب لها عمر جديد، واستعادت حياتها بأعجوبة لتروى ما حدث إلى رجال المباحث، مؤكدة أن القاتل شاب رأته من قبل يتردد على منزل جارتها «فاطمة» وأغلب الظن أنه شقيقها، فألقت الشرطة القبض على شقيق «فاطمة»، وتم عرضه على «قطقوطة» فلم تعرفه، فاستجوب رجال الشرطة «فاطمة» عن الشاب الذى كان يترد عليها، قالت: «سعد إسكندر تاجر الغزل»، فألقت الشرطة القبض على «سعد إسكندر» داخل مخزنه، وهو مطمئن أن لا أحد يعلم بأمر جريمته، ولا يعلم أن قطقوطة كتب لها عمر جديد.
استغل المحامى الذى وكله «سعد إسكندر» التناقض الذى ورد على لسان «قطقوطة»، وأقنع غرفة المشورة بعدم وجود مبرر لإيقافه على ذمة القضية، وبالفعل، تم الإفراج عنه مؤقتا بضمانة مالية، واختفى «سعد إسكندر» لعامين كاملين، حتى كاد الناس أن ينسوه تماما، ولكن ذلك السيناريو لم يعجب السفاح، ففى أكتوبر ١٩٥١ كان استأجر «سعد إسكندر» شونة على ترعة المحمودية لتخزين الغلال وخيوط النسيج، وشاء القدر أن يمر من أمام الشونة تاجر أقمشة متجول ببضاعته على عربة خشب، فاستدعاه «سعد إسكندر» للداخل بحجة أنه يمتلك خيوط غزل، دخل الضحية وجلس على الكرسى وأعطاه سعد الخيوط لكى يفحصها، ولا يعلم أن الشيطان قابع خلفه شاهرا ساطوره، وعندما أحنى تاجر الأقمشة رأسه ليفحص الخيوط هوى سعد بساطوره الثقيل على رقبته، وكانت ضربة كافية لتجعل الرأس يتدحرج بعيدا عن الجسد، ثم دفنه فى أرض الشونة.
وفى نوفمبر ١٩٥١، كان موعد السفاح مع آخر ضحاياه تاجر الحبوب الذى استطاع الإفلات منه، وهو مصاب بجرح نافذ، وركض محاولا الهرب إلى الصالة غير المغطاة خارج الشونة، فأسرع السفاح خلفه وأجهز عليه، لكن أحد العمال رأى ما حدث، وهو راقد فوق سيارة نقل مرت بالمصادفة أمام الشونة فى ذلك الوقت، فأبلغ العامل الشرطة عما رأى، فأسرع البوليس إلى المكان، ووجدوا الضحية رجلا مضرجا بدمائه فى أرض الشونة، واختفى السفاح، وعثر رجال الشرطة على حفرة غريبة فى الأرض، فحين حفر رجال الشرطة تلك الحفرة الغريبة وجدوا جثة متعفنة وعظاما آدمية، ومنذ تلك اللحظة أطلقت الصحافة عليه لقب «سفاح كرموز»، واحتل جميع العناوين فى الصحف والمجلات، ونسى الناس السياسة والفن والأعمال، ولم يكن على لسانهم غير «سعد إسكندر» والرعب يملأ قلوبهم، وكانت أسطورته تتضخم يوما بعد يوم.
بعد أن فضح أمر السفاح فكر «سعد إسكندر» أن يعود إلى بلده، ليختبئ هناك من عيون الشرطة، ولكن كان القدر بانتظاره، على مشارف مسقط رأسه «أسيوط» كان هناك كمين شرطة برئاسة الملازم «فخرى عبد الملك»، يقوم بتفتيش روتينى على السيارات، استوقف الملازم أتوبيس الركاب الذى كان يستقله «سعد إسكندر»، فرأى الملازم شابا ملامحه ليست غريبة، فباغته بالسؤال عن اسمه، فأجاب السفاح: «اسمى جورج عبد السلام»، أعاد الضابط السؤال بحدية أكثر: «ما اسمك»، فأجاب السفاح بارتباك أكثر «اسمى جورج عبد الملك»، هنا انتبه الضابط إلى اختلاف الإجابة، فترك الضابط سائر الركاب، وحدق إلى محدثه جيدا، ثم وضع يده على كتفه قائلا: «أنت سعد إسكندر» سفاح كرموز، وألقى القبض عليه فورا، وتم نقله إلى الإسكندرية لاستكمال التحقيقات معه.
يوم الأحد ٢٥ فبراير ١٩٥٣، دخل المتهم «سعد إسكندر» إلى حجرة الإعدام فى سجن الحضرة بالإسكندرية، ليمثل أمام لجنة تنفيذ الأحكام التى سوف تنفذ الحكم بعد دقائق، واقتربت خطوات و«سعد إسكندر» فى حجرة الإعدام شاردا، وكان غارقا فى التفكير وربما الندم، وربما يتخيل حبل المشنقة حول عنقه، وهو الشاب الوسيم المشهور بأناقته وغرام النساء به، فهمس فى أذن حارسه أنه ضحية ثلاث نساء دخلن حياته، بالإضافة إلى «دلع» أهله، وعند سؤاله إذا كان يريد شيئا قبل الإعدام فأجاب: «كوب ماء وسيجارة».