الدكتور عبدالرازق محمد علي يكتب: الحج الخفى!

ركن القراء

الدكتور عبدالرازق
الدكتور عبدالرازق محمد علي - أرشيفية


هل تصورت يوماً من الأيام وأنت تستعد لصعود السلم انك بهذه الحركة تحوى كل قوانين الهندسة والميكانيكا والإستاتيكا, باتزانك منتصبا قائما على التجانس التركيبى البديع لفقرات العمود الفقرى وهى تتمايل كبنيان فريد على وسائد اسفنجية دون أن يقع!

هل خطر على بالك بعد الطابق الأول أن قلبك الذى لا يتعدى حجمه كف يدك المنقبضة والذى يحوى أربع غرف متصلة مع الرئة والجسم, قد ضخ تواً مزيجا من الماء وكرات الدم المحملة بالأكسجين بسرعة 20 كم فى الساعة ولمسافة 80 كم ان استدعى الأمر ؟

وهل تصورت وأنت فى الطابق الثانى أن أكثر من 4000 عملية لتكسير السموم لتحويلها الى مواد مفيدة (كاستخلاص الشربات من الفسيخ) قد حدثت تواً فى هذا الشكل الهرمى الجميل المسمى (بالكبد)؟

وهل تعلم انه بوصولك الطابق الثالث كان مخك قد أجرى ما يزيد عن مليون عملية استقبال وارسال للتيارات العصبية متفوقاً على أقوى سوبر كمبيوتر فى العالم ؟

يبدو أنك مجهد بعد بلوغك الدور الثالث…اذن هل دخلت شقتك لتستريح؟

فجأة وفى ثوان قليلة ,تنتظم دقات قلبك ويهدأ تنفسك وتسترخى عضلاتك!

هل أرسلت ايميلا للمخ كي يأمر بما حدث؟
يبدو أنه أسرع ايميل فى التاريخ اذ لم يستغرق تنفيذ الأمر من وقت الرسال اكثر من ثانية واحدة !! جسم الإنسان المخ البديع.

هل رأيت كيف يبدو جسمك ممتعا ناعما من الخارج معقدا حيويا من الداخل ؟

هل رأيت عينيك وهى تلتقط الصور تباعا وترسلها الى المخ فى فيمتو ثانية ؟

هل تبدو عيناك الجميلتان وقد علاها حاجبان وشرنقها أهداب مقوسة أجمل أم أفضل كاميرا يابانية ؟

هل ترى ذلك التناسق البديع بين أذنيك ووجهك ؟

هل ترى معادلة تساوى يديك مع رجليك وقامتك ؟ ولماذا تحرك يديك عكسيا مع مشيك ؟

تٌرى هل أنت ابداع فائق الجمال.... أم  أنك جمال فائق الأبداع ؟
تعال معنا لتتعرف على ما هو أبدع من لوحات( بيكاسو) وأعظم من منحوتات( دافنشى) وما هو أرقى من موسيقى( جوخ)
فى داخلك-فى جسمك,فى عقلك بل وروحك

أهلا بك لأكتشاف تحفة العالم الفنية التى خرجت منها كل التحف
أهلا بك فى أكتشاف….جسمك وعقلك وروحك
اهلا بك فى قول الله تعالى
(وفى انفسكم أفلا تبصرون).

وإن أنت أبصرت وفهمت وتذوقت معنى (الإستبصار)  فعندها تكون قد أيقنت.. وعند اليقين تعرجُ بعقلك وتحج بقلبك وتشاهد بروحك....وقد يحدث هذا فى فكر واعتبار أو بعد تأملٍ يتبعه  إنكسار..قد تحج بروحك عند إغاثة ملهوف أو قضاء حاجةٍ أو نصرة مظلوم أو قضاء دين عن أرملة أو تواصِ بيتيم.. وعندها يطوف البيتُ بك وتكون أنت المقصود وتحج العوالمُ لك وتدور الأفلاك حولك لأنك خليفة الله فى أرضه من تحقق بالربوبية والإصطفاء (ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون)...

فإن كنت من حجاج بيت الله الحرام اندفع البصر فى البصيرة وشارك العقل منتهى الوجدان فرأيت بالنور معانى الحج السامية وصرت حاجاً لله على الدوام ترجو العفو والعافية فى كل برهان
أهلاً بك فى لذة القرب

أهلاً بك فى الحج على متن العوالم الربانية
أهلاَ بك فى الحج كل عام وكل شهر وكل يوم وفى كل لحظة
أهلاَ بك فى الحج الخفى !