قصة منزل كتب عليه «نهاية ولاد الحرام» بأسيوط.. «صور»

محافظات

بوابة الفجر


«نهاية الظلم.. نهاية ولاد الحرم».. جملة كتبت على واجهة منزل بقرية «خارفة» بمركز ديروط محافظة أسيوط، تشعر في البداية أن حدث جلل قد وقع، وأن فتنة كبرى ضربت هذه القرية جعلت من المنزل «قصة» تروى بين الناس، وحكاية تُقص كألف ليلة وليلة، بطلها من أمثال عتريس في فيلم «شئ من الخوف»، تجبر وتكبر على أهل قريته فأهلكوه وأحرقوا منزله ومن ثم جعلوه عبرة، أو أن اشتباكات قامت بين مسيحيين ومسلمين انتهت إلى كتابة عبارات طائفية، لكن الحقيقة غير ذلك.

 

 

تنظر إلى المنزل وكأن أشباحا تسكنه، وأن إنسان لم يدخله منذ عشرات السنين، حيث بقايا طلقات الرصاص، وأثار الحرائق تعلوه، وكتابات الشماتة تكسوه، وكأن أهل القرية كانوا ينتظرون اليوم الذي يأتي ويشفون غليلهم حتى ولو ببضع كلمات مرصوصة.

 

 

لا أحد يجيب ما قصة هذا المنزل الكل يتهرب حتى أصحابه، لا أحد يفكر حتى في شرائه، أو الجلوس تحته، وكأن الموت سيلاحقهم، وأن الأشباح الساكنة به ستظهر لهم، الكل ينظر ولا ينطق.

 

 

بالصدفة قابلنا أحد أهالي القرى المجاورة، سمع كثيرًا عن المنزل حتى من أصحابه، طلبنا منه أن يتوسط إلينا للحديث معهم، إلا أن الرفض كان قاطعا، واللقاء كان مستحيلا، وبعد إلحاحٍ سمحوا لنا بصور عابرة، ولقطات على حين غفلة.

 

 

 

في ليلة من ليالي شهر 3 عام 2013،  جمع العم والذي يدعى «محمد أحمد عبد الحميد 62 سنة - صاحب مخبز»،  11 شخصا «أولاد عمومة» في المنزل بدعوى الصلح وإنهاء خلافات الميراث، وفتح النار عليهم حتى سقطوا بين قتيل وجريح، بهذه الجملة روي للفجر، ( أ.م) قصة منزل "ولاد الحرام".

 

 

القصة مثيرة وراءها طرفي عائلة "أولاد عمومة"، حاولا كل منهما الحصول على نصيب الآخر من الميراث، مما أدى إلى نشوب اشتباكات دامية استخدم فيها الرصاص الحي، وحرقت فيها المنازل، حتى المارة لم يسلموا منها، وكانت تنام القرية في «عز الظهر» خوفا من طلقة طائشة، أو اشتباكات مفاجئة، وفقا لتعبير الأهالي.

 

 

 

 

البداية كانت بجمع العم  الذي ينتمي إلى عائلة "السماعنة"، 11 شخصا من عائلة "الرضاونة"، داخل منزله بقرية خارفة لتقسيم الميراث، وبعد سجالٍ حامٍ ومشادات بالأيدي واتهامات بالتجبر والاستيلاء على الأراضي والأموال بين الطرفين، فتح «العم» الغاضب النار عليهم، مما أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وهم :«محمد محمد رضوان 45 سنة مدير مدرسة، ومحمود مبروك محمد 15 سنة طالب، ومصطفى محمود جلال 27 سنة فلاح، ومحمود جميل جلال 17 سنة طالب، وجميل جلال رضوان 51 سنة موظف، وعبد المالك عبد الحافظ رضوان 50 سنة موظف، ومحمود جلال رضوان 55 سنة سائق، وأحمد عادل مصطفى 25 سنة تصادف وجوده أثناء المشاجرة، وإصابة ثلاثة آخرين بينهم عزت يحيى، وفضل رضوان».

 

 

انتقلت على الفور قوة من مركز شرطة ديروط بإشراف المقدم حسام حسن رئيس المباحث لمعاينة الحادث، وتم التحفظ على الجثث بمشرحة مستشفى ديروط المركزى، ونقل المصابين إلى المستشفى الجامعي.

 

 

وتمكنت مباحث ديروط من إلقاء القبض على 4 من المشتركين في الواقعة، وهم :«محمد أحمد عبد الحميد، ومحمود أحمد عبد الحميد، وعبد الهادى أحمد عبد الحميد، وأبو بكر محمد عبد الحميد»، وحاولت أجهزة البحث العثور على المتهم الخامس عبد الحميد أحمد عبد الحميد، وتم تحرير محضر بالواقعة وأخطرت النيابة التى باشرت التحقيق برئاسة المستشار عمر البراجيلى مدير النيابة.

 

 

 وخرج الأهالي في مشهد مهيب لتشييع جثامين القتلى، وسط حالة من الحزن تضرب القرية بأكملها، وغضب تجسد أثناء العودة، حيث أضرموا النيران في المنزل وكتبوا شعارات «نهاية الظلم.. نهاية ولاد الحرام.. نهاية الكفرة»، في مشهد انتقامي -أشبه ما يكون بنهاية فيلم شئ من الخوف-، ليس على ما وصلت إليه الأمور فحسب، وإنما لوضع حدٍ لما شهدته القرية خلال بضعة أشهر.



للتواصل مع "الكاتب"