المشير الجمسي.. ثعلب الصحراء ومهندس حرب أكتوبر

تقارير وحوارات

المشير الجمسي
المشير الجمسي



أختير من ضمن أفضل 50 قائدًا عسكريًا في التاريخ، بسبب خبرته وحنكته في التعامل مع الخصم، اسمه بالكامل محمد عبد الغني الجمسي، ولد يوم 9 سبتمبر 1921، في محافظة المنوفية بقرية البتانون لأسرة ريفية تتكون من خمسة أشقاء وكانت أسرته ميسورة الحال، التحق بالكلية الحربية وهو ابن 17 عامًا وتخرج منها عام 1939 في سلاح المدرعات، وتلقى "الجمسي" عددًا من الدورات التدريبية العسكرية في كثير من دول العالم، ثم عمل ضابطًا بالمخابرات الحربية، فمدرسًا فيها.
 

حرب أكتوبر و"كشكول منى"
 
لعله القدر هو الذي جعل الجمسي يمسك بقلمه ويضع أهم وأخطر خطة حربية في تاريخ مصر وربما العالم، في "كشكول" ابنته منى، فدون به كيف يتم الهجوم من الجبهتين المصرية والسورية على الكيان الصهيوني، وظل عاكفًا، يدرس جميع الظروف والأحوال بما في ذلك الظروف الجوية وحالة الطقس، والمد والجزر للبحر الأحمر، اجتهد قدر الإمكان حتى لا يجعل للظروف مكانًا في خطته.


 
بعد أن أنهى المشير الجمسي، خطته التي دونها بالكشكول الذي كتب على غلافه "كشكول هيئة عمليات القوات المسلحة"، رفعها إلى الرئيس أنور السادات، الذي قرأها وهو يداعبه قائلاً: "ياه خطة وافية كل شيء في هذا الكشكول.. مَن يصدق أن كشكول طالبة في الابتدائية يضم خطة حرب العبور".


 
اختيار توقيت الحرب
 
واختار الجمسي توقيت الحرب بعناية بالغة، فالساعة الثانية ظهرًا من يوم السادس من أكتوبر 1973 الموافق العاشر من رمضان 1393، وهو أنسب توقيت ممكن للحرب؛ نظرا لوجود 8 أعياد يهودية وموافقته لشهر رمضان.


 
ساعات الحرب
 
وقف الجمسي بغرفة عمليات القوات المسلحة يوم السادس من أكتوبر 1973، وهو يصارع الزمن حتى يمر، إلى أن جاءت الساعة الثانية مساء موعد العبور فصاح مرددًا اسم الخطة العسكرية التي بها استعادة مصر أرضها " بدر.. بدر.. بدر بدر بدر"، وحققت مصر خلالها هزيمة الاحتلال الصهيوني واستعادة سيناء.


 
خلال الحرب حدث خلاف بين السادات والفريق سعدالدين الشاذلي رئيس أركان القوات المسلحة، بسبب ثغرة الدفرسوار، عين السادات الجمسي خلالها رئيسًا لأركان القوات المسلحة خلفا للشاذلي وعلى الفور وضع الجمسي خطة لتصفية الثغرة عرفت باسم "شامل"، إلا أنها لم تنفذ بسبب قرار وقف إطلاق النار.



 بعد الحرب مباشرة رُقي الفريق الجمسي إلى رتبة الفريق أول مع توليه منصب وزير الحربية عام 1974 وقائد عام للجبهات العربية الثلاث عام 1975، وواصل أثناء توليه للوزارة استكمال تدريبات الجيش المصري؛ استعدادا للمعركة التي ظل طوال حياته يؤمن بها، وكان قرار السادات بألا يخرج كبار قادة حرب أكتوبر من الخدمة العسكرية طيلة حياتهم تكريما لهم، إلا أن السياسة أفسدت هذا التكريم؛ فقد تزايدت مساحة الخلاف بين الجمسي والسادات بعد مبادرة الأخير بالذهاب إلى إسرائيل عام 1977.



الجمسي من أفضل 50 قائدًا عسكريًا
 
مجلة الدفاع الأمريكي اختارت، "الجمسي" والمشير أحمد إسماعيل علي، ضمن أفضل 50 قائدًا عسكريًا أضافوا للتكتيك العسكري بفضل براعتهم في التخطيط لحرب أكتوبر، كما ضمت الموسوعة العسكرية الصادرة عن البنتاجون كلا من الجمسي وإسماعيل بين أفضل 50 قائد عسكري في العصر الحديث.
 

رحل المشير الجمسي في صمت بعد معاناة مع المرض، وصعدت روحه إلى الله سبحانه وتعالى، في 7 يونيو 2003 عن عمر يناهز 82 عامًا، عاش خلالها حياة حافلة بالبطولات.