"أنا بتعالج نفسيًا".. صفحة تجمع الثوار بعد الخروج من السجون

تقارير وحوارات

الثوار- أرشيفية
الثوار- أرشيفية



صاحب المقترح: "مشكلة الثائر إنه مش بيدفع الثمن لوحده"
ناشط:  كلنا مرضى نفسيون
أحد المعالجين: "فيه كتير مننا بقو مرضى نفسيين وخايفين يعترفوا"
خبير نفسي: من أصل 100 مسجون 4% يحتاج لعلاج نفسي كامل



"أنا بتعالج نفسيًا"، "إحنا مرضى نفسيين ومحتاجين نتعالج".. كلمات مؤلمة تكشف عن مدى الحزن العميق لقائلها؛ لكنه واقع يعيشه من وضعه القدر خلف القضبان. لاسيما من كان لهم دور سياسي معين أو ما يطلق عليهم "ثائر".
 
دشن الثوار صفحة على موقع التواصل الاجتماعي تسمى "أنا بتعالج نفسيا" في محاولة منهم لتدارك المشكلة قبل تفاقمها، والمشاورة في كيفيه وطريقة العلاج لعودتهم لطبيعتهم مرة أخري.
 


جروب للتأهيل النفسي
يقول محمد نبيل، القيادي بحركة 6 إبريل ومقترح صفحة العلاج النفسي للثوار: "ناس كتير سألتنى على الجروب اللى عملته للمساعدة على التأهيل النفسي لكل المرضى المحتاجين دعم و علاج لأي سبب حتى لو أسباب عادية بعيد عن السجن و السياسة، هي مبادرة للتوعية بخطورة المرض النفسي و مساعدة للناس إنها تفهم المرض النفسي و تعرف إزاي تتعامل معاه".
 
وأضاف نبيل: "أتمنى اللى ينضم يكون واحد فعلا تعبان و محتاج المساعدة مش مجرد واحد داخل يتفرج و يتسلى بقصص و حكاوي، أتمنى أي دكتور نفسي يقدر يساعد ينضم لينا، واتشرف بأنضمام أي حد محتاج المساعدة و أدينا كلنا بنتسند على بعض".


 
إنضمام ثوار وأطباء للعلاج النفسي
على إثر هذه الدعوة انضم عدد كبير من النشطاء والثوار الذين يعانون من مشاكل نفسية بعد فترة اعتقالهم، كما انضم إليها أيضًا مجموعة من الأطباء للتطوع والمساهمة في علاج الثوار الذين باتوا يعانون من أمراض نفسية.
 

المصابون بالمرض "ثوار 25 يناير"
أما الناشط محمد ممدوح، فيقول "الحقيقة الوضع مؤلم أوي وللعلم بس اللي كتبوا شخصيات عادية مش شباب الجبهات الإسلامية أو ما يطلق بالإسلاميين بمعنى أن اللي حصل مع الشباب دول ما يجيش ربع اللي بيحصل مع الإسلامين وبشهادتهم".

وأضاف: "في الحقيقة فيه مفاهيم كتير لازم نبقا فاهمينها وأولها وأهمها السجن مش حرية، وتانيها كلنا مرضى نفسيين ومحتاجين نتعالج يامصر".

وتابع: "للأسف كمان محدش وصل لحالة المرض النفسي والعصبية والنسيان والقرف اللي إحنا فيه اللي الشباب اللي قلبه دايما على الوطن... الشباب اللي كان بيثور من قبل يناير حتى واللي دايما هتف ضد الظلم ورغم كده كان بيتقال عليه عميل وقابض".
 
وأردف: "أخيرا الناس اللي اتسجنت وخرجت ما ينفعش نعاملهم معاملة عادية أو نزعل ونشيل منهم ونعاتبهم .. الناس دي مرضى نفسيين .. طبطبوا عليهم اتكلمو معاهم .. الناس دي شافت كتير واتهددو بأغلى حاجه عندهم".

 
إحنا لازم نتعالج
وفي السياق ذاته قال يحيى الحسيني، أحد المعالجين، تحت هاشتاج "أنا بتعالج نفسيا" أنا بكتب الكلام ده مش عشان أصعب على حد .. ولا عشان حد يقولي معلش .. أنا بكتب الكلام ده عشان فيه كتير مننا بقو مرضى نفسيين وخايفين يعترفو بده حتى بينهم وبين نفسهم .. بس إحنا لازم نتعالج.
 

وبدأ في سرد قصته بقوله: "الموضوع بدأ معايا من بدري شوية، أحداث كتير حصلت على فترات وانتهت بحاجتين ورا بعض جابوني الأرض .. من 2011 بداية سجني يوم 3-2-2011 على يد بلطجية لجنة شعبية وسلموني للداخلية اللي سلمتني للجيش وفضلت محبوس يومين في وحدة جيش بيحقق معايا جواها أمن الدولة .. حسيت يومها باننا بناخد على قفانا".

وأضاف الحسيني: "بعدها بسنة بالظبط يوم مذبحة بورسعيد لما شفت منظر الشباب اللي راجعين في محطة مصر انهكني جدا وتاني يوم اتخطفت من قدام شغلي اتكهربت واترميت ع الصحراوي الساعه 2 بالليل وسبحان من نجاني".


تفاصيل تم حذفها
لكن لصعوبة القصة تم حذف تفاصيل التعذيب داخل السجن، وكيف أضطر مع كثرة الضرب الوشاية على والده للقبض عليه ثم على أخوته، وكيف تشردت الأسرة، وكم الشعور بالذنب أنه كان سببًا في تشريد أسرته لكن "قهرا" من كثرة العذيب ويقول في نهاية قصته "مش عارف أوري وشي لأمي".


ويقول صاحب مقترح العلاج النفسي للثوار: "إن من أهم مشاكل الثوار الشخصية هي صراعهم الدائم بين رغبتهم أنهم يعيشون حياة طبيعية هادئة و مستقرة وبين طبعهم الشخصي اللي بيدفعهم دايما لحياة خطر و صعبة ضد ظلمة أقوى منه بمراحل و أغلبية قادرة تعيش الحياة الطبيعية دي من غير ما تفكر في غيرها".

ويضيف: "مشكلة الثائر إنه مش بيدفع الثمن لوحده لكن بيدفع معاه الثمن الدائرة المقربة ليه سواء كانوا أسرته أو أصدقائه أو ناس بيحبوه، اتقالتلى كلمة مؤخرا إنى أناني و ما بيهمنيش غير نفسي، لما ركزت في الكلمة دي لقيت أنها صحيحة لأنها خارجة من الدايرة القريبة مني، بالنسبة ليهم أنا شخص أناني ما بيفكرش غير في اللى هو عايزه ".


وتابع: "كثوار مبنفهمش الكلمة دي لأن دايرة تركيزنا منحصرة في الصراع مع الظلمة علشان خاطر ناس ما نعرفهاش أصلا ، كل اللى نعرفه عن الناس دي أنهم مظلومين و دي قمة عدم الأنانية من وجهة نظرنا، اختيار الثورة اختيار أناني فعلا بيدمر الناس اللى حوالينا و مفيش طريقة أبدا تعوضهم عن خسارتهم فينا مهما حصل، عايز تثور حاول تكون لوحدك دايما و متقبل لثمن الاختيار دة و ربنا يعوض عليك و على اللى بيحبوك خير".



من أصل 100 مسجون 4% يحتاج لعلاج نفسي كامل
في هذا الإطار يقول الدكتور جمال فرويز، أستاذ الطب النفسي في جامعة القاهرة، إن ظروف السجن تختلف من شخص لآخر، ووفقا لمدة كل مسجون؛ لكن في الغالب أن من بين 100 مسجون يحتاج 4% منهم لعلاج نفسي كامل.
 
وأوضح فرويز في تصريح خاص لـ "الفجر" أن أغلب ما يصيب المسجونين أما "وساوس قهرية، أو اكتئاب، وما شبه ذلك، نتيجة للتعذيب الجسدي، أو الاعتداء اللفظي، مشيرًا إلى أن أغلب الإصابة قد تكون جينات وراثية.
 
لكن الخبير النفسي أكد أن أغلب المعتقلين في حاجة لدعم نفسي بعد الخروج، مشيرًا إلى أن معظم من يصابوا بالعقد النفسية كانوا غير متوقعين دخولهم السجن، ولذلك نجد جماعة الإخوان ليس في حاجة لهذا العلاج.