"عيد الأم" في الإسلام.. بدعة أم تكريم؟

إسلاميات

عيد الأم في الإسلام
عيد الأم في الإسلام - أرشيفية


يتجدد الخلاف كل عام بين قطاع كبير من المسلمين حول حكم تخصيص يوم معين للاحتفال بعيد الأم، رغم اتفاقهم على تكريم الوالدين وطاعتهما و الرحمة والود بهما.
 
وتبنى عدد من علماء المسلمين اتجاهين، بعد الدعوة التى أطلقها مصطفي أمين للاحتفال بيوم الأم عام 1956، الاتجاه الأول تبناه فريق من علماء الأزهر وأنصار التيار السلفي، ويقوم على تحريم الاحتفال بهذا اليوم باعتباره بدعة وتشبه بالغرب، وفعل لم يقم به الرسول –صلي الله عليه وسلم – وصحابته والتابعين.
 
أما الاتجاه الثاني فذهب إليه فريق آخر من علماء الأزهر، و يرون أنه لا مانع من تخصيص يوم نعبر فيه عن مشاعرنا تجاه من لهم فضل علينا، ونظهر فيه مدى حبنا لهم ومكانتهم عندنا، باعتبار فرصة لإبداء المشاعر الطيبة نحو من قدموا لنا معروفًا، ومن ذلك ما يعرف بالاحتفال بيوم الأم، لما لها منزلة خاصة في الإسلام.
 
الأم هي الأساس
وبدوره قال الدكتور شوقي علام -مفتي الجمهورية- : "الأم كرمها الله سبحانه وتعالي في كتابه الكريم وسنة رسوله –صلي الله علية وسلم – كما كرم الأب، لافتا إلي وجود كثير من الآيات التى توجب طاعة الوالدين والرحمة والود لهما، إلا أن للأم المنزلة الكبيرة في علاقتها بأنبائها، ولذا يجب أن تكرم ليس في يوم واحد وإنما في كل ساعة ومن الساعات وكلما رأها الإنسان وسلم عليها والتقى بها".
 
وأضاف في رده على سؤال حول حكم الاحتفال بعيد الأم، : "الأم هى الأساس والأصل فى وجود الإنسان هى والأب، ومن ثم ليس هناك يوم مخصص يمكن أن يقال تجب فيه طاعة الأم فقط، وإنما تكريمها يكون على الدوام، ولكن إذا كان المقصود بحمل الناس على تذكر الأم ورعايتها وأن يحتفل بها فى يوم واحد من أيام السنة وأن يخصص بيوم كذا فهذا لا مانع منه لأنه مستند من هذا الأصل من التكريم".
 
التأصيل الشرعي
وافقه الرأي الدكتور على جمعة مفتي الجمهورية السابق، الذى أشار إلي أن القرآن الكريم راعى الحالة النفسية للوالدين حال كبرهما، ونصح الأبناء أن يكونوا على قدر من الذكاء والفطنة والأدب والرفق في التعامل مع الوالدين في مثل هذا السن, قال الله تعالى: ﴿إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا﴾.
 
وأوضح أن التشبه بغير المسلمين يكون ممنوعًا إذا كان الفاعل قاصدًا لحصول الشبه ، مؤكدا في الوقت ذاته إلي أن البدعة المردودة إنما هي ما أُحدث على خلاف الشرع, والاحتفال بعيد الأم يمكن أن يندرج تحت أصل شرعي كبر الوالدين، وإدخال السرور على قلب المسلم، ومقابلة الإحسان بالإحسان، والعرفان بالجميل، فقد انسحب حكم ذلك الأصل عليه، وخرج عن أن يكون بدعة مذمومة.
 
مناسبة اجتماعية
وأما الدكتورة فتحية الحنفي - أستاذ القفه بجامعة الأزهر- فأوضحت أن الاحتفال بعيد الأم مناسبة اجتماعية وليست دينيه، وعددت الآيات القرآنية التي تبرز مكانتها ومنها قوله تعالي "وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمّه وَهْنًا عَلَى وَهْن ..".
 
وأشارت في تصريح لـ" مصر العربية" إلي أن النبي -صلي الله عليه وسلم- أوصي في أكثر من حديث بمكانة الأم وبيان فضلها وهذا إن دل فإنما يدل علي عظم مكانة الأم في الإسلام وكيف أنه كرمها وأعطاه أعظم مكانة وارفع درجة وهي أن الجنة تحت أقدام الأمهات.
 
وتابعت : " الاحتفال بعيد الأم ليس له يوم معين من أيام السنة أو شهر معين، ولكن مع متاعب الحياة اليومية والبحث عن الرزق في كل مكان صار من الصعب التجمع الأسري، إلا في مناسبات خاصة فقد يمر شهر أو أكثر ولا تري الأم أولادها بل أكثر من ذلك، ولهذا فإن الاحتفال بهذا اليوم يعد بمثابة التجمع الأسري وتقديم بعض الهدايا الرمزية ففيه يلتقى الأخوة في جو يسوده الألفة والمحبة مع وجود الأم منبع الحنان".
 
تغيير الاسم لإزالة الحرج
بينما قال الشيخ سمير حشيش -الواعظ بالأزهر – إن الاحتفال بهذا اليوم جائز وينبغي أن نغير اللفظ فنقول "يوم الأم" وليس "عيد الأم"، موضحا أن حقيقة اليوم لا تنبئ عن شيء محرم أو مخالف للشرع، غير أن الأولى تعديل التسمية لإزالة أي لبس أو حرج في نفوس بعض المسلمين.
 
ونوه في تصريح لـ"مصر العربية"، إلي أن الخلاف في الاحتفال بما يسمى عيد الأم ناشئ من التسمية اللفظية، فالبعض يحرم الاحتفال به منخدعا بتسميته عيدا، فيقول ليس للمسلمين إلا عيدان عيد الفطر وعيد الأضحى، وكل ما يزعم من الأعياد بعد ذلك باطل، وهذه وجهة نظر صحيحة من زاوية اللفظ، لكنها تحتاج تحريرا وتدقيقا، فالأصل أن ننظر لماهيات الأشياء لا إلى ألفاظها، وإن كان يمكن تعديل اللفظ فهو أولى خروجا من أي لبس محتمل.
 
وأكد أن مقترحي هذا اليوم لم يجعلوه عيدا شرعيا يترتب عليه عبادات ونسك، بل حقيقته أنه يوم اقترحه البعض في البداية لحث الأولاد وتذكيرهم بحقوق أمهاتهم عليهم، وذلك لما غلبت الحياة المدنية على بعض المجتمعات والمدن الإسلامية فصار الأولاد -خاصة المتزوجين- ربما لا يتكلفون زيارة أمهاتهم مدة طويلة قد تصل إلى شهور أو سنة.
 
وردا على من قال لماذا نحتفل الأم دون الأب؟، أجاب حشيش : "ذلك لعظيم حقها أولا، وثانيا لأنها الجانب الأضعف الأكثر احتياجا للرحمة من الأب".