حسين معوض يكتب: الخروج من العشوائيات

مقالات الرأي



عشنا سنوات طويلة خائفين من اللحظة الحرجة التى يخرج فيها سكان العشوائيات على أهل المدن ليسلبونهم أرواحهم وأموالهم وأراضيهم.. حددنا تاريخ تلك اللحظة وانتظرنا تداعى المشاهد لكنها لم تحدث.. كان ذلك فى أيام الثورة الأولى، وامتدت توقعاتنا إلى أيام وأسابيع وشهور.. لكننا لم نلتق بسكان العشوائيات إلا فى جولات صد الموجات الثورية، وعرفنا أن هناك من استغلهم بدعاوى الدين أو بتوزيع الأموال والأحلام والوعود.

الآن عاد البعض إلى لحظة الانتظار.. هذه المرة تبدو الدعوة عامة لكل سكان العشوائيات، الدعاة يعتقدون أن العشوائيين لا يجيدون لغة الإشارات ولا يفهمون تتابع الأحداث فكان البديل هو الإلحاح عليهم حتى يخرجوا إلى الشوارع محتجين غاضبين.. وبعض الدعاة يصل غيهم إلى ترغيب المدعوين للخروج بحصد الذهب والأموال والسبايا، بالطبع يصيغون وعودهم للناس على أنها رسالة تحذير.

وجد الأشرار فى اللحظة القاسية أرضًا خصبة للتجارة فى الحرام.. تحول الفقراء إلى سلعة للبيع لأسباب سياسية.

يعيش مليون مصرى فى عشش وأكوام من الطوب المرصوص وبيوت من الكارتون والخيش، يطلق عليها «مناطق خطرة»، والخطورة فى اللفظ على السكان وليست منهم.

وليس صحيحًا أن 45% من المصريين يعيشون فى العشوائيات، 40% من المصريين يعيشون فى مناطق غير مخططة، ومنها كورنيش الإسكندرية مثلا.. والفارق بين «العشوائيات الخطرة» و «الأماكن غير المخططة» شاسع، مثل الفارق بين العشة والبرج، ومثل الفارق بين المدرسة الخاصة والكتاب، مثل الفارق بين أبراج كورنيش النيل وعشش عزبة خير الله.

بدون أن ندرى بدأ سكان العشوائيات فى مغادرة عالمهم، رأيت ذلك فى «الشهبة».

«الشهبة» هى عمق «منشأة ناصر».. بعض بيوت أهلها عبارة عن حفر على أطراف جبل المقطم، الآن يهدم الجبل وتفتت صخوره لتتحول إلى أرض مبسوطة تبنى عليها 87 عمارة، ينتقل إليها باقى سكان «الشهبة»، والدفعة الأولى من السكان انتقلوا بالفعل إلى منطقة الأسمرات 1 و 2 .

الأسمرات والشهبة والعسال وغيط العنب وغيرها عشرات المناطق الخطرة بدأت تتغير ملامحها.. تهدم عششها وينتقل سكانها إلى عمارات جديدة بها مرافق وخدمات..

ينتظر أن يستفيد مليون مصرى من هذا المشروع، بالفعل استفاد 10 % من سكان المناطق الخطرة من المشروع القومى لتأهيل العشوائيات والمناطق الخطرة.

حجم الأموال المنفقة على هدم وبناء بيوت الشهبة يكفى لتوفير سكر وزيت لكل سكان العشوائيات.. رأيت هناك كراكات وحفارات ولوادر و4 شركات مقاولات تهدم جبل المقطم لتبنى بيوتًا وعمارات بدلا من العشش والحفر التى يعيش فيها الناس هناك.. وبالمناسبة لا يفصل بين المدينة التى يتم بناؤها للناس على 140 فدانًا وبين كمبوند راقٍ جدا سوى سور.

ادعموا مشروع قومى لجبر خواطر الناس اللى تحت.