منال لاشين تكتب: مافيا الفيزا

مقالات الرأي



■ آخر طرق التحايل إعادة المشتريات من المحلات الأجنبية للحصول على الدولار

■ 2٫5 مليار دولار حجم السحب من الكروت خلال عام

■ طرود البريد تحمل آلافًا من كروت الائتمان لسحب الدولار من الخارج


ما يحدث فى سوق الدولار عبث لا يمكن تفسيره إلا من خلال نظرية المافيا. فالدولار تحول لسلعة، وكل يوم يبتكر بعض المصريين وسائل جديدة لسرقة الدولار من السوق الرسمية، من البنوك بالسعر الرسمى إلى السوق السوداء بالسعر الأعلى.

وفى ظل الهوس بالتجارة فى الدولار دخلت الكروت البنكية بكل أنواعها سوق السرقة.

تجميع الكروت (الفيزا) أصبح مهنة جديدة. فى المطار ضبطوا مواطنا أو بالأحرى «حرامى» ومعه 320 كارتا بنكيا والأرقام السرية. مهمة هذا الحرامى أن يجمع الكروت ويقوم بالسحب من دول أخرى لجمع الدولار والعملات الأخرى. ويأتى إلى مصر لبيعها فى السوق السوداء.

وبدلا من تحمل تكلفة السفر والإقامة لجامع الكروت ظهرت صورة جديدة للسرقة. إرسال الكروت بالأرقام السرية عبر طرد فى البريد. ويقوم مصرى فى إحدى الدول بسحب ملايين الدولارات. ويتم حساب الدولار بالسعر الرسمى. وبيع الدولار بعد ذلك بسعر السوق السوداء.

وعقد مصريون صفقات مع المحلات اتفاق؟ وذلك لإعادة مشترواتهم للمحل مرة أخرى مقابل نسبة للمحل. وهكذا يحصلون على الدولار والعملات الأخرى لإعادة بيعها فى السوق السوداء.

وشهدت مصر زيادة مهولة فى فتح الحسابات ومن ثم الحصول على الكروت، وذلك للمتاجرة فى الدولار.

فى البنك الأهلى أكبر بنوك مصر كان متوسط السحب من الكروت فى العام الماضى 25 مليون دولار. ارتفع هذا الرقم فى العام الحالى إلى 32 مليون دولار. وفى شهرى أغسطس وسبتمبر ارتفع الرقم إلى نحو 52 مليون دولار لكل شهر.

وفى بنك مصر ارتفع إجمالى العملة الصعبة المسحوبة من خلال كروت البنك لـ300 مليون دولار. وإجمالى ما تم سحبه من خلال الكروت فى جميع البنوك خلال العام المالى الحالى 2.5 مليار دولار.

وهذه أرقام مرعبة فى أى دولة، فما بالك بدولة تعانى من أزمة اقتصادية طاحنة. أزمة أساسها غياب الدولار وتدفقاته. وذلك بسبب غياب السياحة والاستثمار الأجنبى المباشر وتراجع الصادرات.

وقد لجأت البنوك إلى معاقبة المتلاعبين بالكروت بإيقاف الكروت وحرمانه من إصدار كروت أخرى. ولكننى اعتقد أن هذه العقوبة غير كافية ولا تتناسب مع فداحة الجريمة التى يرتكبها هؤلاء اللصوص.

فيجب أن يتم منع هؤلاء اللصوص من التعامل مع كل البنوك لمدة خمس سنوات بما فى ذلك الإيداع والاقتراض، وليس مجرد حرمانه من الكروت.

وفى إطار العقوبات يجب أن يتم تعديل التشريعات لوضع عقوبات رادعة على هؤلاء اللصوص.

فنحن فى وضع لا يسمح برفاهية السرقة أو حتى الشوبينج والفسح فى الخارج. وأرجو من كل من يهاجم البنوك المصرية لخفض حدود السحب أن يراجع نفسه أو ضميره.

فكل دولار تشترى به سلعة أو تحصل على خدمة فى الخارج يخصم من دولارات شراء الدواء والقمح. ولا يوجد باستثناء المرض أى شىء أهم من توفير الدواء فى ظل الأزمة الاقتصادية. ولا يوجد مبرر حقيقى لأن ينافس دولار الشوبينج والفسح دولار رغيف العيش وإنبوبة البوتاجاز. اللى عايز يتفسح يشترى من السوق السوداء. واللى خايف يشيل (الكاش) يشترى من السوق السوداء ويفتح حسابا بالدولار فى أى بنك. ويسافر بألف سلامة. أما اللى عايز يسرق قوت الشعب ويسرق دولار العيش والدواء والبوتاجاز يروح فى ستين داهية، وأقل واجب أنه يروح السجن لأنه يرتكب جريمة إهدار مال عام صريحة وخطيرة ودنيئة.