أحمد متولي يكتب: عفوًا.. هذا الفيلم لا يصلح للمهرجانات

مقالات الرأي

بوابة الفجر


ضمن ليالي الدورة الـ38 لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي ووسط حضور جماهيري ضخم، انطلق مساء أمس، العرض الأول للفيلم السينمائي "البر الثاني" والذي يقوم ببطولته عدد من الشباب الواعد منهم محمد على وعمرو القاضي ومحمد مهران من تأليف زينب عزيز، ومن إخراج على إدريس، ونال الفيلم استحسان عدد كبير من الحضور.

 

الفيلم وهو الثاني الذى يمثل مصر رسميًا بالمهرجان يُعدّ من الأفلام المتوسطة الجودة على المستوي الفني لضعف قصته التي لا تخرج عن كونها سرد للأحداث الحقيقة التي تحدث فى الواقع المصري ونعيشها يوميًا دون أن يكون هناك مساحة كبيرة لخيال المؤلف يطير بها بعيدًا ليؤكد على أهدافه السامية المراد استخراجها من الفيلم، وهو ما تم تعويضه فى الصورة والموسيقي التصويرية للفيلم، ويؤخذ عليه بأنه فيلم لا ينتمي للأفلام التجارية أو حتى له صله بأفلام المهرجانات –(بغض النظر عن الدعاية الضخمة التى أنفقها بطل الفيلم للترويج لفيلمه داخل المهرجان وعدد البودي جاردات الذى اصطحبهم معه لتامين دخوله وخروجه وتسببوا فى افتعال عدد من المشاكل مع حضور المهرجان)، ولا يخرج عن كونه فيلم وثائقي أو أرشيفي يكون تابع لوزارة الهجرة ويعرض على شاشات التلفزيون المحلي والأقاليم للحد من خطر الهجرة غير الشرعية، وهذه رسالة هامة أهم من رسالته من المشاركة فى أى مهرجان سينمائي، حيث يسرد قصة معاناة 3 شباب يحلمون بالسفر إلى إيطاليًا للهروب من المعيشة الاقتصادية الصعبة داخل مصر، ويأملون في أن تتحسن حياتهم وحياة أسرهم بالسفر إلى الخارج عن طريق الهجرة غير الشرعية على مركب متهالك يتحطم داخل البحر وتصبح حياة الجميع مهددة بالموت، ويتحقق حلم هؤلاء بالسفر إلى إيطاليا ولكن يصلون جثث هامدة على شواطئها.

 

محمد على بطل الفيلم، والذي تصدرت صوره البوسترات الدعائية للفيلم وحيدًا، ظهر بالأداء المتوسط، ليس القوي الذي يخطف العين ويجعلنا نقول أننا أمام مشروع نجم صف أول ستتصدر أفلامه يومًا ما شباك التذاكر وليس الضعيف الذي يجعلنا نستهين بنجوميته، فقد كان دوره قريبًا من دور البطلين الثاني والثالث للفيلم وهما (عمرو القاضي ومحمد مهران) واللذان أجادا في أدوارهما وخطفا الأنظار فى أوقات من بطل الفيلم بعدما نالا تعاطف الجمهور مع قصصهم الاجتماعية التي ظهرت في الفيلم وموتهما في المشاهد الأخيرة داخل البحر بعد غرق السفينة.

 

الخلطة السرية لنجاح الفيلم تعود للصورة التي أبدع فيها مدير التصوير أحمد عبدالعزيز، والموسيقي التصويرية للفيلم بقيادة تامر كروان، وأداء الفنانين بيومي فؤاد وقائد السفينة واللذان أبدعا فى مشاهدهما بدرجة أكبر من مشاهد القديرين عفاف شعيب وعبدالعزيز مخيون، وأحكم إخراجها المخرج على إدريس، والذي اشتهر بإخراجه واشتراكه في إخراج عدد كبير من الأفلام الكوميدية مثل (صعيدي فى الجامعة الأمريكية، الدادة دودي، النظار، النوم في العسل، مرجان أحمد مرجان، طيور الظلام، أصحاب ولا بيزنس، وهى أفلام كوميدية جماهيرية من الدرجة الأولى.

 

أتوقع أن يحصل الفيلم على جوائز فى التصوير أو الموسيقي التصويرية للفيلم، وبعيًا عن الانتقادات السلبية للفيلم إلا أنه تجربة يجب أن نشكر عليها صناعها والذين أكدوا مرارًا وتكرارًا أنهم لا ينتظرون الربح المادي المناسب من الفيلم والذى بلغت ميزانيته حوالى 27 مليون جنيه مصري بقدر ما يهمهم تقديم فيلم توعوي يستطيع أن يكون جرس إنذار للدولة المصرية بضرورة النظر إلى مشاكل الشباب وتوفير فرص العمل لهم داخل بلدهم وتوفير المعيشة الإنسانية المناسبة للمواطنين للحد من خطر الهجرة غير الشرعية.

 

فى النهاية أُشيد بالمخرج على إدريس وزوجته المؤلفة زينب عزيز على جرأتهما فى إخراج هذا الفيلم للنور رغم أن تكلفته كانت كبيرة ورغم أنه فيلم بدون نجوم ورغم الوقت الكبير الذى استغرقه تصويره ورغم أنه فيلم ليس ينتمي لأفلام شباك التذاكر التى تهدف للربح، فتحية شكر وتقدير إذا كانت نيتهم فى الفيلم هي توجيه نظر الدولة إلى المشاكل التى تدفع الشباب المصري للهجرة من بلدهم وليس توجيه اللوم لهم، فهم فى النهاية بشر يريدون عيش الحياة المناسبة حتى ولو كلفتهم الموت غرقًا في حلكة ظلام مياه الأنهار والبحار.

 

للتواصل مع الكاتب: Ahmed Ramadan