نادية صالح تكتب: أحدث رسائل السماء

مقالات الرأي



انتهى زمن الرسل برسالة سيد الخلق وخاتم الانبياء والمرسلين محمد (صلى الله عليه وسلم)، لكن رسائل السماء لا تنقطع وتصل إلينا تباعا. فمن يسمع؟! ومن يرى؟! ومن يتعظ بما اشتملت عليه من حكم (جمع حكمة).. وهذه أحدث الرسائل التى تأملتها وأردت أن نشترك معا فى تأملها.

أولا: رسالة الفتاة المكافحة الطيبة التى ظلت تحمل على أكتافها العلب والاكياس تبيعها لأبناء بلدها.. الإسكندرية.. والتى كانت تجوبها من اولها إلى آخرها كل يوم سيرا على قدميها الضعيفتين.. لتعود آخر اليوم برزقها تقسمه مع أهلها وأخوتها وتأكل لقيماتها القليلة بالهنا والشفا، ثم تنام لتصحو وتمر الأيام والأعوام تنام وتصحو وتصحو وتنام.. لكن السماء لاتنام.. فكانت أن فتحت عليها بابا من الرحمة والرزق الواسع ما جعلها رسالة لكل مجتهد.. لكل مكافح.. لكل راض عن نصيبه هذه الفتاة.. تدخل قصر الرئاسة بالاتحادية تجلس مع رئيس بلدها.. إلى الرئيس السيسى يراها الناس بل العالم كله.. تعطى عظة لمن يتعظ.. حتى إن رئيسنا الانسان كريم الخلق.. الممتلئ قلبه حنانًا وشفقة يقول لها إنه تعلم منها وأظن أننا جميعا حفظنا حواره معها وإعجابه بها.. ثم راقبنا رضاها وإنكارها لذاتها.. إنها تعيش لأهلها وأحبائها.. لا تطلب إلا «الستر» الذى كان يبين حديثها ولم يكن لها من مطلب إلا هو «الستر»، الذى جعلها أغنى الأغنياء وكافأتها السماء بهذا الذى انهمر عليها بالرزق والتقدير.

راقبوها ياسادة.. راقبوها يا من قال بعضكم إن مثلها كثيرون.. فلماذا هى؟ ياسادة هى مثال.. هى رسالة.. بعثت بها السماء لأمثالكهم الذين يجلسون.. يتحدثون.. يتفلسفون.. يتغامزون ولا شيء غير ذلك، هى رسالة من رسائل السماء.. من يلتقطها ويفهم معناها ويدرك مغزاها لابد أن يغير من أحواله إذا استدعى الأمر ذلك أو يتأكد أن عدالة السماء موجودة وأنها لابد واصلة إليه طالما هو يكافح ويجتهد.

ثانياً: إلى كل «معلم» و«مدرس» أخلص فى عمله وعلَّم تلاميذه بأمانة وإخلاص، وغرس فيهم أنبل المعانى والقيم، وصحح ألسنتهم لتنطق صحيح اللغة، إلى كل هؤلاء الذين أخلصوا فى رسالتهم «مدرسين» وأساتذة، قدم ذلك المواطن السعودى -«وهو ليس أميراً أو من الأغنياء هناك»- بحث عن أستاذه المصرى الذى علمه فى سنواته الأولى هناك فى السعودية.. علمه القراءة والكتابة وحفظ على يديه قصار السور.. وانطقه اللغة العربية صحيحة وسليمة..، بحث التلميذ السعودى عن أستاذه المصرى بعد أعوام زادت علي الأربعين عاماً، حتى جاءه وقد بلغ به العمر سنوات متقدمة ليقول له شكراً.. ليقبل يديه ويشرح صدره بذلك الوفاء النادر..

لقد أكدت هذه الواقعة مقولة الشاعر التى طالب فيها لتبجيل المعلم.. عندما قال:

قم للمعلم وفه التبجيلا

كاد المعلم أن يكون رسولاً

أليست هذه الواقعة رسالة من السماء لكل المعلمين الشرفاء الراضين بعملهم وأجورهم تقول لهم إن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً.

وهى تقول لغير الراضين: صبراً جميلاً.. الوفاء مازال موجوداً والعمل الصالح لا يذهب هباء بل يمكث فى الأرض ومهما طالت السنين.

ثالثا: ذلك الطفل وعمره شهور.. مولود وله عيب خلقى فى القلب..، من رأى مثلى صورته الأولى لم يحتملها..، لكن الله أراد لمن راقب حالته الأولى ومعاناته..، أراد الله أن نرى ذلك الطفل المولود بأصابع أطباء مستشفى مجدى يعقوب العظيم.. ليعود الشفاء إلى قلبه، بل إلى قلوبنا جميعا نحن الذين راقبناه..، الطفل المعجزة.. يبتسم.. يضحك.. وأمه كذلك بثت فيها الحياة.. هذه أيضاً رسالة جديدة من السماء..، الطبيب والشفاء من هنا.. من عند الله.. سبحانه وتعالى وهؤلاء الأطباء هم الوسائل بالعمل الصالح والعلم النافع..

تأملوا.. تأملوا ثم تأملوا يا سادة رسالات السماء تسعدوا وتصحوا «من الصحة».