الفجر بجوار "سماسرة الموت".. 5 سنوات من الاتجار في البشر (صور)

تقارير وحوارات

مستشفى تجارة الأعضاء
مستشفى تجارة الأعضاء



مازالت أيادي الجشع تسرق أرواح البسطاء، مستغلين جهلهم غير مبالين بأحزانهم فما يشغلهم اكتناز الأموال وانقاذ حياة الأغنياء على حسابهم، وهو ما سلكته مستشفى "ا.ن" بمنطقة الهرم، بسرقة أعضائهم البشرية، وبيعها دون علمهم، وإخراجهم منها ملفوفين في أكفانهم، دون حول من ذويهم ولا قوة لرد حقوق فلذة أكبادهم.

واقتحمت قوة من هيئة الرقابة الإدارية مبنى مستشفى "ا.ن" التخصصي، فجر أمس الثلاثاء، لضبط شبكة دولية للاتجار بالأعضاء البشرية، وأغلقت الشرطة الدار بالشمع الأحمر، ورصدت"الفجر"، روايات القاطنين في محيط المستشفى، للكشف عن كواليس الجريمة الإنسانية التي اقترفها العاملون بها.

مرضى من الأقاليم
استهلت رشا الخولي، صاحبة "كوافير" مجاور لمستشفى "ا.ن" التخصصي، بمنطقة الهرم بمحافظة الجيزة، حديثها، إنه منذ افتتاح المستشفي في عام 2011ولم تلاحظ دخول مرضى منتمين إلى الطبقات العليا أو المتوسطة، بل كان جميعهم ينتمون إلى الطبقات البسيطة خاصة مواطنين الوجه القبلي والأقاليم، وهو ما دعاها للشك، لاسيما وأن أهالي المرضى دائمًا ينامون خارج المستشفى على الرصيف، وأمام الكوافير ويغلقوا باب المستشفى، مشيرة إلى أنها سألت إحدى الممرضات داخل المستشفى لماذا لم تتوفر لهؤلاء استراحة داخلها، لتجيب الممرضة: "مفيش حد بيدخل مع المريض.. هو بس ومفيش مكان داخل المستشفى للأهالي دي تعليمات الدكاترة".

واستكملت" الخولي"، حديثها لـ"الفجر"، أن "المستشفى لها باب خلفي، ودائمًا في أوقات متأخرة من الليل كانت تسمع أصوات "أنابيب الأكسجين" تحدث أصواتًا غير مألوفة، وعندما كانت تخرج إليهم وتنهرهم من شرفة منزلها الذي يقبع في الطابق الثالث أعلى محلها، كانوا دائمًا يردون بخوف وارتجاف، معلقين: "معلشي يامدام بس علشان المرضى، ونوعدك هنحاول نظبط الصوت.. وهو ما اثار شكوكها".


ملاكها من الخليج
وتابعت "الخولي": "هذه المستشفى لا نعرف من صاحبها إلى الآن، ولكن على أغلب الظن أن ملاكها (عرب)، نظرًا لأن في بداية افتتاحها كان جميع الحاضرين من دول الخليج، بالإضافة إلى أن زوجاتهم كانوا يأتون إلى الكوافير الخاص بها لأغراض التجميل، وعندما سألتهم عن المستشفى قالوا أهالينا مدعون لافتتاح المستشفى ونحن جئنا لنحتفل معهم".


ملائكة الرحمة "بلطجية"
والتقطت أطراف الحديث "شيماء المصري"، إحدى قاطني البنية السكنية التي تقبع بها المستشفى، قائلة : إن صهرها كان مريضًا اصطحبه إلى هذه المستشفى ، وعقب دخوله لاحظت أن موظف الاستقبال كان لا يعي التصرف معهم، ناهيك عن هيئته الغير مألوفه ولا يوحي بأنه موظف يعمل بمستشفى تخصصي مثل هذه، بالإضافة إلى أن الممرضات كانوا أشبه بالبلطجية عن ملائكة الرحمة، وكن شابات صغيرات في العقد الثاني من عمرهن، وبالتحدث معهن ارتبكت، ولكن لم يخطر على بالي لحظة أن هناك شيئًا مريب".

بداية كشف المستور
واستطردت: " بعد أسبوع تردد على المستشفى لاحظت أنها لا تستقبل سوى الحالات المستدعية للجراحة، وهو ما زادني فضول وسألت الأطباء عدة أسئلة في هذا الإطار وجدت إجابات مبهمة، ولكن لم يتوقف الفضول مرة أخرى، إلا أن بعد ما رأيت حالات تأتي أمامي، والممرضات يخرجن أهاليهم للخارج بحجة أن هذا أمان للمريض، بالرغم أنها وزوجها كانوا دائمين الزيارة، خاصة وأن المستشفى أسفل منزلها".

أكاذيب لوهم الآخرين
ولفتت" المصري"، إلى أن بسؤالها لأحد عمال نظافة المستشفى، عن السببب وراء أن أغلب المرضى من الطبقات الفقيرة، فاجأها بإجابته أنهم محولين للمستشفى عن طريق التأمين الصحي، والجمعيات الخيرية مما زادها فضولاً: "ازاي مستشفى خاصة وبيجيلها تحويل من التأمين الصحي؟!"،- بحسب قولها.


الداخل مفقود!
وكشفت أن بمراقبتها للمستشفى لاحظت: " كل حالة بتيجي يقولون لها البقاء لله وخديها متكفنة بسرعة ادفنها أصل الصحة تيجي تشرحها والناس بسيطة وكانوا يسمعوا الكلام، إلا أن جاءت حالة وأهلها أصروا يأخذونها دون تكفين، وطلبوا عربة إسعاف وانصرفوا من المستشفى، وباليوم الثاني(أمس الثلاثاء)، جاءت الشرطة وبالتفتيش وجدت أعضاء بشرية، وبدأت إمرأة في الخمسين من عمرها تصرخ :" مش قولتلك يا بيه أخدوا كلية ابني.. أهي الكلية وقامت الشرطة بتهدئتها، وشمعوا المستشفى  بالشمع الأحمر ". 

مستشفى "شيكاغو"! 
"أول مرة نشوف مستشفى تخصصي رامية أهالي المرضى على الرصيف".. بهذه الكلمات عبر محمد سويلم، أحد أصحاب المحال المجاورة للمستشفى، عن استيائه من الوضع الذي كان عليه المستشفى، قائلاً: "الواحد كان بيشوف المستشفى كأنها حكومي، بس عمر الواحد ما شك إنها بتبيع أعضاء البني آدمين.. ليه احنا في شيكاغو مستشفى بكل جرأة قاعدة وسطينا وبتجزر في الناس.. ده الواحد مش هيثق في أي حاجة بعد كده ولا داخل لا مستشفياات حكومية ولا خاصة.. من امبارح الواحد مش عارف يتلم على أعصابه حتى الناس قفلت بابها على عيالها ومحدش بقى بيبعت ابنه يشترى حاجة خايفين من اللي حصل ومش مصدقين إن ولادهم ماتخطفوش واتاخد أعضائهم".

نقل المرضى إلى معهد الكلى بالمطرية
من جانبها كشفت هيئة الرقابة الإدارية، أمس الثلاثاء، أن المتهمين في القضية أدلوا باعترافات تفصيلية بما كانوا يتقاضونه من مبالغ مالية، بالإضافة إلى الضغوط التي يمارسونها على من يعاني ظروفا اقتصادية صعبة لقبول بيع أجزاء من أجسادهم، كما ضبطت الهيئة كل المستندات وأجهزة الحواسب الآلية المحمل عليها وقائع الاتجار بالبشر.

وتم نقل المرضى العرب والمصريين إلى معهد الكلى في المطرية، بالإضافة  أن التحريات كشفت عن تورط 6 أماكن أخرى بين معامل ومستشفيات مع شبكة الاتجار بالأعضاء البشرية.