بعد اغتيال سفيره في تركيا.. 3 أسباب تفرض على الرئيس الروسي عدم التصعيد ضد تركيا

عربي ودولي

اغتيال السفير بالروسي
اغتيال السفير بالروسي بأنقرة


يأتي حادث مقتل السفير الروسي  في تركيا نقطة جديدة في مسار العلاقات التركية الروسية، بعد أن شهدت العلاقات تحسنا كبيرا وتقاربا قويا، إلا أن هذا الحادث برغم أهواله الكبرى وصدمته الشديدة على العالم، لا سيما على المشهد الروسي، الذي لا يزال يتلقى الضربات بين الحين والآخر، من تدمير طائراته، والمنتهية بمقتل السفير الروسي، جاءت تصريحات الطرف الروسي متواضعة، وهو الأمر اللافت خاصة أن بوتين معروفا بردود الأفعال القوية، المغلفة بالعناد والعتو، هذا الأمر الذي جاء صادما بعض الشئ لمن كانوا يظنون أن العالم على شفا حرب عالمية ثالثة.

 

بوتين بين حادث إسقاط الطائرة ومقتل سفيره في تركيا

في أعقاب الحادث ظهرت العديد من التصريحات وردود الأفعال الكثيرة، كان أبرزها تصريحات الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، ردا على مقتل سفيره، حيث توعد بوتين بحرب لا هوادة فيها على الإرهابي الذي قتل سفيره، إلا أن الأمر اللافت أكثر هو هدوء بوتين في تصريحاته، والتي لحقها بقوله "إن قتل السفير الروسي في تركيا عمل استفزازي يهدف إلى إفساد العلاقات الروسية التركية، وإعاقة محاولات موسكو بمساعدة إيران وتركيا لإيجاد حل للأزمة السورية.

 

 كما أكد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إنه تحدث مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وإن الزعيمين اتفقا على أن اغتيال السفير الروسي في أنقرة عمل استفزازي من قبل الساعين للإضرار بالعلاقات الثنائية.

 

 عند سقوط الطائرة

وعلى النقيض تماما ظهر بوتين وسياسيه كالوحوش الكاسرة في تصريحاتهم، عندما قامت تركيا بضرب الطائرة الروسية وإسقاطها في شهر نوفمبر من العام الماضي 2015وهو الحادث الأشهر الذي كان بين روسيا وبين تركيا، حيث وصف بوتين بأن ما حدث من إسقاط الطائرة، كان طعنة في الظهر من قبل تركيا، بل وأكد، إن أردوغان يدعم الإرهابيين، وطالبه بالاعتذار، كما حذر بوتين وقتذاك أيضا من أن العلاقات بين موسكو وبين أنقرة تنتظرها عواقب وخيمة.

 

اختلاف ملحوظ بين الموقفين

وبالمقارنة بين ردود الأفعال التي جاءت عقب الحادثتين، يرى أن هناك اختلافا واضحا وجليا، فحديث بوتين الهادئ عن حادث مقتل سفيره كان الأبرز، وهو ما جاء لبعض الأسباب التي تفرض على الرئيس الروسي، عدم الانفعال، ترصدها الفجر كالتالي:

 

استفزاز أوروبا وحلفها

تعد من أهم الأسباب التي تحرص عليها روسيا، التي تتخذ من حلف شمال الأطلسي عدوا لدودا لها، وهو الأمر الذي يهتم به الرئيس الروسي على اعتبار الصراع التاريخي بينه وبين تلك الدول، من ثم تأتي أهمية تقاربه مع تركيا، التي تعد طرفا مهما بل قويا في حلف شمال الأطلسي، وهو الأمر الذي يسر به بوتين ويسبب أرقا لحلف شمال الأطلسي، حيث أن هدف موسكو من إبقاء هذه العلاقة القوية مع أنقرة، هو جر تركيا لتدور في فلكها وتجذبها إلى منظمات التجارة والأمن التي ترعاها وتدعمها روسيا في آسيا، بحسب محللون متخصصون في العلاقات الدولية، ومنهم  "ألكسندر فاسيلييف" الخبير في العلاقات الروسية التركية في معهد الدراسات الشرقية بموسكو، الذي أكد إن أردوغان أيضا يستفيد من مد أواصر العلاقات مع روسيا، حيث يستخدمها كورقة رابحة في يده على طاولة المفاوضات مع الغرب، فهدفه الأكبر هو الغرب لا روسيا.

 

كسب الموقف التركي في سوريا

من أهم المحاولات التي يريدها بوتين من مد أواصر العلاقات بينه وبين  تركيا، هو "حلحلة" الموقف التركي وخاصة نظرة "أردوغان" المعادية من موقفه المضاد تجاه بشار الأسد، الذي كان يأتي معاديا لوجود بشار الأسد كرئيس للدولة السورية، وهو الأمر الذي ترفضه تماما روسيا، بل وتجيش الجيوش من أجله للقضاء على تلك الترهات من وجهة نظر روسية، وهي الخاصة برحيل بشار الأسد عن السلطة، وعزز هذا الأمر كثيرا بعد التقارب الروسي التركي، إثر ضرب الطائرة الروسية في العام الماضي، مما جعل الفرصة قوية وسانحة، لإذابة الجليد بعض الشئ بين روسيا وبين تركيا حول بقاء بشار الأسد رئيسا لسورية، فضلا عن رغبة روسيا  أن تغلق تركيا حدودها وتمنع سيل المقاتلين والأسلحة من التسلل والعبور إلى أيدي المسلحين، كما ترغب أن تتراجع تركيا وتعدل عن مطلبها في رحيل الأسد.

 

التعاون الاقتصادي الكبير

كم أن التعاون الاقتصادي من أكثر الأمور أهمية لدى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، فعلى إثر الخلافات التي كانت قد حدثت بين البلدين، بعد تحطم الطائرة الروسية، توقفت مشروعات، تأتي أكثرها أهمية بين البلدين، مثل مشروع أنبوب الغاز "السيل التركي" وهو الذي سيؤمّن نقل الغاز الروسي إلى أوروبا، بالإضافة إلى مشروع محطة الطاقة النووية "أق كويو" والتي تبنيها روسيا جنوب تركيا، لكن سرعان ما استأنف استكمال هذه المشروعات، عقب عودة العلاقات الروسية التركية.

وأكد الرئيسان ائنذاك، على ضرورة رفع حجم التجارة السنوية بينهما إلى 100 مليار دولار، فضلا عن تعهد الرئيس التركي بمنح مشروع محطة الطاقة النووية "أق كويو" مكانة "الاستثمار الاستراتيجي" بإعفائه من الضرائب ومساعدته له لحصد مزايا أخرى، بما يؤكد على العلاقات الاقتصادية القوية بين البلدين، وهو ما يبيّن تحفظ بوتين على تصريحاته في حادثة مقتل السفير الروسي.