لماذا أطلق "السادات" على انتفاضة يناير اسم "ثورة الحرامية"؟

تقارير وحوارات

انتفاضة الخبز
انتفاضة الخبز



"يا حاكمنا في عابدين، فين الحق وفين الدين، ياساكنين القصور الفقرا عايشين في قبور".. هتافات زلزلت مصر في مثل هذا اليوم الـ18 من يناير 1977، عقب إعلان الدكتور عبدالمنعم القيسوني، نائب رئيس الوزراء للشئون المالية والاقتصادية، رفع الدعم عن مجموعة من السلع الأساسية وكذلك رفع أسعار الخبز والسكر والشاي والأرز والزيت والبنزين و25 سلعة أخرى، خلال بيان له أمام مجلس الشعب.

وقع ضحية الانتفاضة الشعبية عشرات من القتلى والمصابين، وتم اعتقال الكثير ممن شاركوا في التظاهرات، التي أطلق عليها الرئيس السادات عليها "انتفاضة الحرامية".

وبمرور 40 عاماً على انتفاضة الخبز، يرصد "الفجر" خلال السطور التالية، قصة تحوّل انتفاضة الخبز لانتفاضة حرامية في عين "السادات".


بداية الانتفاضة

بدأت الانتفاضة عند الثامنة من صباح يوم 18 يناير 1977، للاعتراض على قرارات رفع الأسعار، و بدأت بالتحركات العمالية، وانضم إليها تحركات طلاب الجامعات، وزاد عليهم الكثير من فئات البسطاء من الأحياء الشعبية الغاضبين من غلاء الأسعار.


العنف يصاحب الموقف

استمرت التظاهرات اليوم الثاني على التوالي، وكانت الاحتجاجات ببعض المناطق بها عنف، حيث أن بعض المتظاهرين حاولوا اقتحام مديرية أمن القاهرة، واستمرت مظاهرات الشوارع المصحوبة بالعنف ضد المصالح الحكومية وأقسام الشرطة.


مفاجأة للسادات

ووصلت المظاهرات حتى أسوان، حيث كان هناك السادات يستعد لاستقبال المارشال تيتو، رئيس يوغسلافيا، وبينما كان مشغولا في حوار صحفي مع صحفية لبنانية، في شرفة استراحته المطلة على خزان أسوان القديم، وفجأة شاهد عمودا من الدخان يرتفع، فسأل: ما هذا؟ فقالت له الصحفية اللبنانية: ربما كانت المظاهرات في القاهرة قد وصلت إلى هنا.. فسألها مندهشًا: إيه مظاهرات؟ وفوجئ السادات بمحافظ أسوان، يدخل عليه في خوف، ويطالبه بسرعة مغادرة الاستراحة، لأن المظاهرات على الطريق المؤدي إليها وأن الأمن يحاول السيطرة لكن هناك خطرا محتملا إذا تمكنت الجماهير من الوصول إلى الاستراحة، سارع السادات بمغادرة الاستراحة، وغادر إلى القاهرة.


التراجع واتهام اليسار

وعند مساء يوم 18 يناير عاد السادات إلى القاهرة، واتخذ قراره بالعدول عن القرارات الاقتصادية المسببة للتظاهرات، واتصل برئيس الوزراء ممدوح سالم، يطالبه فيه بالإعلان عن التراجع عن القرارات، وفي المساء خرج عبد المنعم القيسوني، نائب ئيس الوزراء ورئيس المجموعة الاقتصادية على شاشات التليفزيون الرسمي ليعلن أنه تم التراجع عن القرارات، لكن المظاهرات لم تهدأ وتواصلت في اليوم التالي 19 يناير، فعقد السادات سلسلة من الاجتماعات في بيته، ضمت قيادات الأمن والمخابرات، وبدأ باتهام اليسار بالمسئولية عن تحريك تلك المظاهرات.


تصديق الصحف على حديث الرئيس

خرجت الصحف الثلاث الحكومية بعناوين عريضة، يوم 19 يناير، متحدثة عن مؤامرة شيوعية لإحراق البلد وقلب نظام الحكم، وقاموا بمهاحمة أحداث الانتفاضة معتمدين على تحليل الرئيس، بأن  اليسار هم من قاموا بتحريك الجماهير لتلك المظاهرات، وسماها السادات انتفاضة حرامية وهو نفس المسمى الذي استخدمه مصطفى أمين رئيس تحرير جريدة "الأخبار" وقتها.

ونشرت جريدة "الأهرام" في 22 يناير، عنوانا في صفحتها الأولى جاء نصه "ضبط وثائق الخطة الكاملة لحرق القاهرة مع أعضاء التنظيم الشيوعي السري".


القبض على المشاركين في الانتفاضة

وفي عصر يوم 19 يناير، أمر السادات بنزول الجيش إلى الشارع لقمع المظاهرات وأعلنت حالة الطوارئ وتقرر حظر التجول في كل مصر من السادسة مساءا إلى السادسة صباحًا.

في تلك الأحداث تم القبض، والتحقيق مع قرابة 1270 شخصا، ووجهت لهم تهم التجمهر والشغب، ومحاولة قلب نظام الحكم، وأحيلوا إلى المحكمة.


براءة للانتفاضة واتهام للنظام

وحكمت المحكمة برئاسة القاضي حكيم منير صليب، ببراءة المتهمين، وكانت حيثيات الحكم تشير بشكل واضح إلى أن النظام هو المتسبب الرئيسى فيما حدث، وفندت الحيثيات ما قدمته النيابة العامة في قرار الاتهام والتي من بينها تقديمها تحريات مغلوطة وعارية من الصحة، والاعتماد على مجلات وكتب كأدلة على ثبوت التهم وأثبتت المحكمة أخطاء فادحة فى كشوف أسماء المتهمين، ومن بينها أسماء لمتوفين ومهاجرين، وركزت الحيثيات على مسألة "الشاهد الطائر" وهي لعقيد مباحث شهد على الأحداث فى أكثر من منطقة فى نفس الوقت.