عجوز بلا مأوى.. مسنة تجمع الرزق من أمام أسوار جامعة القاهرة.. وتصرخ: "عايزة شقة " (صور)

تقارير وحوارات

العجوز أمام جامعة
العجوز أمام جامعة القاهرة


تقبع على أحد الأرصفة المواجه للبوابة الخلفية لجامعة القاهرة، محاطة ببعض الكتب الخاصة بالشيخ محمد الشعراوي، مستعينة بها لسد رمق معيشتها، تتطلع المارة بإبتسامة صامتة كأنها لا تحمل همًا بل ترسل  ببشاشة وجهها شعورًا خفيًا كتنويمًا مغناطيسيًا يجبر المار أمامها يتحرك كإنسانًا آليًا بُرمج علي الشراء منها ومداعبتها لتخفيف ألامها الخفية.

بيع كتب الشعراوي
منذ أكثر من عشر سنوات  بدأت " إلهام عبد الرازق" الشهيرة بـ "أم عمرو"، ذات اثنان وسبعون عامًا، عملها من الساعة السابعة صباحًا حتى العاشرة مساءً، تقضي كل هذا الوقت في بيع الكتب الدينية، لاسيما كتب الشيخ "الشعراوي" ، لأنها تجيدها، ولديها الكثير من المعلومات الخاصة عنه، لاهتمامها بكتبه وهي في  العاشرة من عمرها.

مأساة السيدة العجوز
وبنبرة مختنقة بالدموع الملبدة بالألم، استهلت "عبد الرازق"، حديثها لـ"الفجر"، قائلة: بعدما توفى ابنها الأكبر"عمرو" الذي كان يعولها هي وأسرته، وأصيب ابنها" بسام" البالغ من العمر 38عامًا الثاني بالفشل الكلوي في إحدى كليتية بعدما استئصل الأخرى، وهروب ابنها الثالث "عيد" البالغ من العمر 28 عاما بعدما صعب عليه الحال، لجأت إلى العمل لتعول أحفادها وابنها المريض، فبدأت بيبيع بعض "المناديل الورقية" أمام جامعة القاهرة، ولكن كان العائد المادي لا يلبي احتياجات أسرتها خاصة وهي تعول" أربع أحفاد والزوجة الأولى لابنها المتوفي والثانية لابنها المريض، الذي يكلفه الغسيل الكلوي أموالاً كثيرة، اضطرت تبيع بعض الكتب الدينية في ذات الرصيف، بمساعدة " أبو خالد" أحد بائعي الكتب بالمنطقة.

النوم في الشارع
وتواصل السيدة المسنة حديثها: " بالرغم من شدة البرد والآلام المزمنة في فقرات الظهر من القاعدة في الشارع ليل نهار حتى ببات في الشارع، إلا إني راضية باللي قسمه ربنا ليه أحسن ما أمد ايدي للناس والناس تبصلي بصة وحشة، الناس دلوقتي بتعطف عليه بس بشكل محترم لأن بيبع كتب وليه زبايني اللي بتحبني وتسأل عني".

حصيلة بيع الكتب
وبنظرة منكسرة عبرت "عبد الرازق عن سوء أحوالها المعيشية قائلة: " أحفادي وابني ومرتات ولادي قاعدين كلهم في شقة بالايجار في "كفر الأبيض" في الجيزة وبروح كل أسبوع أديهم الفلوس اللي بيكرمني بيها ربنا، ولكن مفيش حاجة مقضية المدارس ولا العلاج ولا الإيجار والحاجة كل يوم بتغلي، وأنا بشتري الكتاب جملة بـ(10) جنيه وببيعه بـ (15) جنيه وأحيانًا الناس مش بترضى تاخده بنفس السعر فبضطر ابيعه بسعره لهم علشان مخسرش، واهي عيشة لحد ما ربنا ياخد أمنته".

"عايزة شقة وأعالج ابني"
وبأملاً يشبوه الخجل، طالبت السيدة المسنة شقة تسكن فيها هي وأسرتها ومعالجة ابنها المريض، وتوفير فرصة عمل لها بعيدًا عن أرصفة الطرقات لكي تستطيع مواكبة العيشة الصعبة- بحسب وصفها- وتلبية احتياجات أسرتها، مؤكدة أنها حاولت توصل مشكلتها إلى وزارة التضامن الاجتماعي عن طريق بعض زبائنها؛ ولكنها لم تفلح، ولم يأتيها أحدًا من الوزارة للنظر في أزمتها حتى الأن.