وللقدماء المصريين مع الحيوانات حكايات

منوعات



احترام القدماء للحيوانات
بموازاة صور الحيوانات والبشر في مشاهد الحياة اليومية والتي تشهد على حضارة متطورة اجتماعياً وتقنياً، استخدمت فيها الحيوانات لأغراض مختلفة، تطالعنا صور ومنحوتات الحيوانات في الطقوس الدينية والمعتقدات التي ترافق المصريين من المهد إلى اللحد، أن المصريين القدماء كانوا ينظرون إلى الحيوانات باحترام وانبهار ويؤمنون أنهم يتقاسمون معها ثرواتهم الطبيعية، وكثيراً ما أخذت الآلهة لديهم شكل الحيوانات وكانت تجسد قوى الشر والخير والحب والخصوبة والجمال وعناصر الطبيعة كالشمس والقمر.

علاقة متبادلة
 كانت المعتقدات المصرية تؤمن بأن العلاقة مع الحيوانات من شأنها أن تساهم في تأمين النظام والاستقرار ومنع انتشار الفوضى والحرب في العالم المحيط بالمصريين، لقد سعى الفنانون إلى تجسيد القوى الروحية والرمزية الكامنة في الحيوانات، وابتكروا كائنات نصفها حيوان ونصفها إنسان، ومن أشهرها تمثال "أبو الهول" الذي يجمع بين رأس إنسان ورأس أسد.

تحنيط الحيوانات
وكما لجأ المصريين القدماء إلى تحنيط جثث موتاهم، كانوا يقومون بتحنيط بعض الحيوانات ووضعها في التوابيت داخل المقابر، حتى أنه تم العثور على مقابر مخصصة فقط للحيوانات التي كانت بالنسبة للعقيدة الدينية المصرية تجسد أرواح الآلهة، ونشاهد في المعرض بعض هذه الحيوانات المحنطة مع أقنعتها، لقد كرم الكهنة والملوك المصريون بعض الحيوانات ومنها القطط والبقر والثيران والصقور والأفاعي لما تحمله من رموز ومن صفات الآلهة، فالحيوانات هنا تعكس المقدس وتمثل قوى خفية وروحية تساعد البشر في انتقالهم إلى العالم الآخر بعد وفاتهم، وهذا ما يفسر دفنها معهم في مقابرهم، أيضاً اعتمد الملوك الفراعنة على الكثير من الصور والرموز والإشارات للتأكيد على سلطتهم المطلقة ولإسناد نفوذهم إلى قوى إلهية ومنها ما هو على ارتباط وثيق بالحيوانات، هكذا كان الملوك ينسبون إلى أنفسهم صفات بعض الحيوانات والطيور للتأكيد على مقدرتهم على حماية دولتهم من التهديد الخارجي والحفاظ على سلامتها في وجه الأعداء الذين يتربصون بها.

رسم أنسان برأس حيوان مثل "أبو الهول"
ما كان يرسمه قدماء المصريين بهذا الشكل هو الآلهة، ونفس الإله له أكثر من شكل حسب ظروف الرسمة بما يتناسب مع طبيعة الاله.
فمثلاً يظهر ذلك في رسم الألهه (أوزيريس وأنوبيس وحورس) وبالتالي فإن هذه الرسمات التي تتكون من جسد انسان ورأس حيوان هي عبارة عن الهة وليس بشراً.
وقد يرجع تقديس الإنسان للحيوان وعبادته فى هذه العصور المبكرة من التاريخ إما إلى الإستفادة والنفع منه، أو للخوف والرغبة فى دفع شره عنه، وقد برز تقديس الحيوان وعبادته خلال العصور التاريخية بشكل أوضح، كما أن العديد من الآلهة قد اتخذ هيئات حيوانية، أو مزيجاً بين الهيئة الحيوانية والبشرية،

ونود الإشارة إلى أن المصريين لم يكونوا وحدهم من عرف تقديس وتأليه الحيوانات والطيور، أو تصوير معبوداتهم أو أربابهم في هيئات بعض منها، ولكن شاركهم فى ذلك أيضاً أصحاب الحضارات القديمة الأخرى، مثل العراق، واليونان، والرومان.
ولكن يجب أن نتوقف عند نقطة هامة، ألا وهي ملاحظة أن أيا من هذه الحيوانات والكائنات المتعلقة بتصوير المعبودات لا تعطي أية معلومات عن الصورة الحقيقية للمعبود، فإن هذه الصورة الحقيقية  طبقاً لما ذكرته النصوص الدينية هي صورة خفية وغامضة تكتنفها الأسرار، ولا يمكن لأحد أن يحيط بمدى ثراء وعمق طبيعته. 
 
آلهه 
"الماو" أو "باستيت" أو "سيخمت" كل تلك الأسماء للآلهة المصرية القديمة على  سبيل الرمزية، فـ"باستيت" هي رمز للخصوبة والأمومة وراعية المرأى عند الحمل، والوجه الغاضب لـ"سيخمت" القط الغاضب، التي لقبت بربة السماوات والآلهة الأم الأولى.

القطط 
وقدس المصريون القدماء القطط بشكل كبير، فصنعوا العديد من التماثيل في المعابد وحفرت على الجدران، وكان قتل القطط جريمة يعاقب عليها القانون المصري القديم، كما كان المصريون يحنطون قططهم بعد الوفاة تكريمًا لهم، وعن فريق بحثي بالجامعات الأوروبية، فثبت علميًا أنّ المصريين القدماء أول من نجح في تهجين القطط، وأن السلالات المختلفة للقطط في العالم إنما تعود في أصلها إلى القطط الفرعونية القديمة.
 
الكلاب
 العلاقة بين الإنسان والكلاب دائمًا عبر العصور علاقة صديقة وطيدة لما يملكه هذا الحيوان الأليف من مشاعر الوفاء والإخلاص لصديقه الإنسان، فإن الكلب قد بلغ منزلة لا تقل عن القطط في مصر القديمة، فاعتبر المصري القديم أن الكلاب لما لها من طبع الوفاء تعمل دور الوسيط بين الإنسان والآلهة بعد الموت، فوجدوا أكبر مقبرة في مصر القديمة والمدفون فيها أكثر من 8 ملايين كلب، والتي اعتقد الباحثون أن هذا العدد الكبير دفن لهذا الغرض تحديدًا وهو لعب دور الوسيط بين الإله "أنوبيس" والإنسان.
 
التمساح
 التمساح في مصر القديمة بلغ منزلة كبيرة لدى المصريين، حيث إن أشهر أنواع التماسيح، هو التمساح النيلي، في منطقة كوم أمبو، اشتهرت عبادة التماسيح في مصر القديمة، حيث كان التمساح رمز للآلهة أوزوريس، ورمز إليه أيضاً بالإله "سات" إله الشر عند المصريين، ومن ذلك يتضح أن للتماسيح رموزًا متناقضة في الحضارة المصرية القديمة، وفي المعابد الفرعونية نجد حفريات التماسيح في أسوان والأقصر والفيوم، ما يدل على عبادة التماسيح في العديد من بقاع مصر.
 
الثور
أكثر الحيوانات نفعاً لدى المصري القديم، فلولاه لما اخضرت الأرض، ولا جادت بخيراتها، قدس المصري القديم الثور وجعلوه في منزلة الآلهة، وصنعوا له تماثيل في المعابد القديمة ورمزًا لآلهة القوة (حقا نخت)، ورمز دائما للملوك برأس الثور، ووجد في مقابر مصر القديمة تماثيل للثيران، ورؤوس ثيران محنطة، واستمرت عبادة الثيران وتقديس المصريون لهم فترة طويلة من الزمن.
 
الجعران
 الجعر أو الجعران، وهو رمز الخصوبة والحظ عند القدماء المصريين وقدسه المصريون ورمزوا له بآلهة الشمس، ورمز الخير وجالب الحظ وطارد العنوسة،  وأقاموا له التمثال الأكبر في معبد الكرنك الجعران المقدس، واستخدمه المصريون في حياتهم اليومية، استبشارًا به.
 
في أغلب الأحيان، كان آمون، كبير الآلهة في مصر القديمة، يصور على هيئة مخلوق برأس كبش، فيما كان يصور "أنوبيس" إله الموتى، على أنه ذو رأس حيوان "ابن آوى" أما حورس إله السماء، فقد كان يظهر عادة برأس صقر.
ما سبق ليس سوى بعض الأمثلة التي تظهر الأهمية التي اكتست بها الحيوانات في مصر القديمة، فقد كان لهذه الكائنات وضع مرموق ذو مسحة إلهية.

كان من الممكن استهداف أي حيوان أو كائن؛ من التماسيح إلى قردة الرباح (البابون) وصولا إلى الطيور، بما في ذلك طيور البازي والصقور وكذلك طيور أبي منجل، حتى القوارض والثعابين كانت من بين ملايين الكائنات الحية التي جرى تحنيطها في مصر القديمة من أجل تقديمها قرابين للآلهة، بل إن الحيوانات كانت تُربى خصيصا لهذا الغرض، حيث جرى استخراج بعض هذه المومياوات بالفعل، ولكن يعتقد أن ملايين أخرى لا تزال قابعة دون حراك في سراديب الموتى الواقعة تحت الأرض في مصر دون أن يمسها أحد لفترة تزيد على ألفي عام.

متحف اللوفر
يضم المعرض نحو 430  مجموعة، ويعتبر المتحف الذي يملك ثاني أهم مجموعة فرعونية في العالم بعد متحف القاهرة، تنتمي هذه التحف إلى عصور مختلفة وتغطي مرحلة زمنية طويلة تتجاوز الألفي عام، وهي هنا لا تطالعنا وفق تسلسلها الزمني، بل وفق الهاجس الذي تعبر عنه والذي يعكس رؤية شاملة وعميقة للطبيعة بمختلف عناصرها.
أول ما يستوقف زائر المعرض هو تعرفه على الكثير من الحيوانات التي لم تعد موجودة في مصر اليوم، ومنها الأسد والزرافة وأنواع من الصقور والثور البري، والسبب في ذلك هو التغيرات المناخية التي أدت إلى انقراضها ولم يبق لنا منها إلا صورها على جدران المعابد والمقابر أو المنحوتات التي تجسدها، ويبين المعرض أن انقراض هذه الحيوانات والكوارث البيئية في حوض وادي النيل كان لهما انعكاسات سلبية كبيرة على التنوع البيولوجي في مصر وعلى الثروات الطبيعية ككل.

"ليديا ماكنايت"
بل إنه عُثر على بقايا عظام بشرية بداخل إحدى هذه المومياوات، وتقول "ليديا ماكنايت"، الباحثة بجامعة مانشستر، والتي فحصت المومياوات المعروضة الآن بالمتحف بالأشعة السينية، إن هناك "محتويات متنوعة بداخل هذه المومياوات على الرغم من أنها تبدو من الخارج متشابهة تماما".
ومن غير الواضح السبب الذي يقف وراء ذلك. فربما كان الأمر يعود إلى أنه كان هناك طلب هائل على مثل هذه المومياوات، مما أدى إلى تقلص كميات العظام الكافية لتلبية ذلك الطلب.
ولذا كان يعتقد أن توافر ولو عظمة صغيرة من الهيكل العظمي لحيوان ما أو أي شيء مرتبط به كاف لكي يتم إرسال رسالة من خلاله إلى الآلهة.