المصريون والعثمانيون يسحقان روسيا بمعارك القرم

منوعات

بوابة الفجر


شهدت الإمبراطورية العثمانية العديد من الصراعات والحروب، حيث استطاعت أن تفرض سيطرتها وتمد أطرافها من المشرق إلى المغرب إلى أن وصلت لبلاد القرم شمالي البحر الأسود، فقد دخلت مع الإمبراطورية الروسية في صراع كان بدايته مذهبي ليتحول إلى سياسي، بل وحرب عالمية صغري أطلق عليها الروس "الحرب الشرقية".

سبب الحرب
نشأ الصراع بين الإمبراطورية العثمانية وروسيا بسبب المقدسات الدينية في فلسطين؛ إذ أرسل قيصر روسيا "نيقولا" إلى السلطان العثماني وفدًا يترأسه وزير البحرية "منشكوف"، حيث طالبه بإعطاء الرهبان "الأرثوذكس" الحق في التصرف بمفتاح كنيسة "المهد" ببيت لحم، وكذا النجم الذي وضعه "الأرثوذكس" في مولد السيد المسيح حسب معتقدهم، وأن يكون للأرثوذكس حق الولاية على قبر "مريم" العذراء، وان تصدر الحكومة العثمانية أمرًا بإنشاء القبة الكبرى لكنيسة القيامة بواسطة بطريركية الأرثوذكس دون إشراك الكاثوليك أو غيرهم.

أدركت بريطانيا وفرنسا خطر فرض الروس سيطرتهم على المنطقة، فحولت قضية النزاع من الجانب الروسي من مذهبي إلى سياسي، فبعد موافقة العثمانيين على منح تلك الامتيازات للجانب الروسي، علا سقف مطالب "منشكوف"، إذ طالب السلطان العثماني بضرورة إعلان استقلال الجبل الأسود.

الصراعات
رأت فرنسا وبريطانيا أن في "الحرب الشرقية" تحقيقاً لمصالحهما، من حيث إضعاف قوة روسيا في الصراع "العثماني،الروسي"، لردع نشاطها السياسي بأروبا، وكذلك إبعادها عن المنافسة الإستعمارية، ومن ناحية أخرى إنهاك الدولة العثمانية حربيًا تمهيدًا لتقسيم حدودها التي امتدت بثلاث قارات.

دفعت الدولة العثمانية بريطانيا وفرنسا لمساندتها في الحرب ضد روسيا، فأرسلت مجموعة من الأسطول العثماني القديم لميناء "سينوب" على البحر الأسود، وهي تعلم أن روسيا قادرة علي صدها، وبالفعل هاجمت روسيا هذه السفن وأغرقها واستشهد حوالي 2000 جندي عُثماني.

فأدركت بريطانيا أنه من الضروري الوقوف أمام القوة الروسية، لحماية مستعمراتها بالهند، وقرر "نابليون الثالث" عقد تحالف "بريطاني، عثماني، فرنسي" استعدادًا لقتال روسيا، فعقدوا اتفاقية نصت على عدم عقد أي مصالحة بين إحدى دول التحالف منفردة مع الجانب الروسي، وأن تنضم الأساطيل البحرية البريطانية الفرنسية لولاية العثمانيين، وبذلك أعلنت كل من فرنسا وبريطانيا الحرب على روسيا في 27مارس1854.

معارك القرم
بدأت الحرب العثمانية الروسية بمنطقة البلقان في 3 يوليو1853م، حيث احتل حوالي 35 ألف جندي روسي رومانيا التي كانت تابعة آنذاك للدولة العثمانية، ولكن سرعان ما ألحق "عمر باشا" الهزيمة بالروسيين واستعادتها مجددًا، فقد حشد القوات على جبتهي الدانوب والقوقاز، واستطاع ردع روسيا بهزيمة كبرى على نهر الدانوب.

كما نشبت سلسلة من المعارك جاءت أهمها معركة "سيفاستوبول" التي خاضتها دول التحالف الثلاثة للقضاء على القوة البحرية الروسية في البحر الأسود، والتي كانت في شبه جزيرة القرم "أوكرانيا" حاليًا، واستمرت المعركة حوالي عام قُتل خلالها 35ألف قتيل وعدد من القادة الكبار من كلا الجبهتين لينتهي الأمر بسيطرة دول التحالف على ميناء "سيفاستوبول" في 9مايو1855.

بسالة مصر في حرب القرم
طلب السلطان "عبد المجيد الأول" من والي مصر "عباس باشا الأول" بأن يمده بمقاتلين، فأرسل له أسطول بحري من 12سفينة مزودة ب642 مدفعًا، و6850 مقاتل بقيادة الأدميرال "حسن باشا الإسكندراني"، فضلاً عن إمداده بـ 20 ألف جندي من القوات البرية و72مدفعًا بقيادة "سليم فتحي باشا".

حيث كانت مصر صاحبة الدور الرائد في الحرب قبل مشاركة كل من فرنسا وبريطانيا في الحرب، حيث شاركت القوات البرية في معارك عنيفة عند نهر الدانوب، فكانت الفرقة الأولى بقيادة "إسماعيل باشا حقي"، حيث شاركت بالدفاع عن مدينة "سليستريا" في شمال شرق بلغاريا في الفترة ما بين  11مايو إلى 22 يونيو1854،كما صدت هجمات الروس عليها، موقعة 2000 قتيل منهم ليلة 28 مايو وحدها.  

وكانت فرقة المدفعية تشكل أكثر من نصف قوات التحالف العثماني المكونة من 23 ألف جندي، وتمكن المصريون بأيام قليلة من احتلال مدينة "أوباتوريا" الشهيرة بمرفأ استراتيجي. 
رد الروس في 16 و17 فبراير 1855 م بهجوم مضاد ومفاجئ، شارك فيه 19 ألف جندي بـ 108 مدفع لاستعادة المدينة، وصدهم المصريون بقتال وصف بأنه كان من الأشرس في حرب القرم، ففي تلك المعركة وحدها سقط 400 مصري شهداء، ممن تم دفنهم في المقبرة الإسلامية بالمدينة، كما سقط أيضا قائد القوات البرية "سليم باشا فتحي"، ودفنوه بجوار مسجد بـ "أوباتوريا"، وهو "مسجد خان" الأقدم والأشهر في المدينة.

وفي عام 1854 ألحق التحالف "العثماني، الفرنسي، البريطاني" الهزيمة بالقوات الروسية في معركة "ألما" التي كانت من أشرس المعارك، ليعود بعدها الأسطول المصري في أكتوبر إلى الدولة العثمانية، ولكن في طريق العودة غرقت بارجتان مصريتان في البحر الأسود لتفقد البحرية المصرية 1920 بحارًا، ونجا 130فقط.