عبدالحفيظ سعد يكتب: الشباب.. والخبز.. والحرية.. يحسمون نتائج انتخابات نقابة الصحفيين

مقالات الرأي



الثلاثة الذين يحددون معركة إدخال النقابة "الحظيرة"


تختلف معركة انتخابات نقابة الصحفيين، المقرر أن تنعقد جمعيتها العمومية الجمعة المقبلة وتؤجل لمدة أسبوعين فى حالة عدم اكتمال النصاب القانوني، لاختيار نقيب ونصف أعضاء المجلس، عن باقى الانتخابات التى شهدتها النقابة على مر تاريخها، خاصة أنها تأتى فى ظروف لم تر النقابة مثلها، والتى تصاعدت عقب الأزمة الشهيرة، باقتحام مبنى النقابة فى نهاية إبريل الماضى، وما تبعه من أحداث وصلت لحد محاكمة نقيب الصحفيين الحالى واثنين من مجلسها وصدور حكم ضدهم بالسجن عامين فى محكمة أول درجة، وهناك تخوفات من تثبيت الحكم عليهم فى محكمة الاستئناف التى أرجأت للمرة الثانية النطق بالحكم إلى 25 مارس الجارى.

كما أن الانتخابات تأتى فى فترة بالغة الحساسية بالنسبة للصحافة، خاصة أن من المتوقع صدور حزمة قوانين جديدة لتنظيم عمل الصحافة، طبقا للأوضاع الجديدة، مع تشكيل الهيئة الوطنية للصحافة والإعلام، والمجلس الوطنى للصحافة، الذى ستنتقل بمقتضاه إدارة وملكية الصحف القومية، وإصدار الصحف المستقلة والمعارضة من المجلس الأعلى للصحافة إلى الهيئة المنتظر إقرارها، طبقا لنصوص دستور 2014.

ويتوقع أن تشهد الصحافة القومية تحولات كبيرة، تتبع عملية تغيير فى القيادات الحالية فى إدارة الصحف القومية، وهو ما يلقى بظلاله على انتخابات النقابة، والتى تلعب فيها التغييرات المتوقعة فى المناصب فى إدارة الصحف وتشكيل المجلس الوطنى للصحافة، دورًا هامًا فيها فى إطار الوعود بالحصول على مواقع، وتوزيع المناصب والذى من المتوقع أن تلعب نتائج انتخابات نقابة الصحفيين دورًا هامًا فيها.. خاصة فى وجود توجهات من قبل الحكومة وبعض الدوائر الأمنية، لفرض توجهات معينة فى مجلس النقابة، طبقا لتصريحات يحيى قلاش بأن هناك محاولات من «الأمن الوطنى» للتأثير فى الانتخابات.

ولعل ما دار فى الكواليس التى سبقت عملية الترشح للانتخابات النقابة، تكشف محاولات الهيمنة والسيطرة فى انتخابات النقابة، والتى بدأت بانسحاب نقيب الصحفيين الأسبق ضياء رشوان من المنافسة الانتخابية، رغم إعلانه عن ترشحه قبلها، غير أن رشوان كان يطمح ألا يترشح أحدا أمامه على منصب النقيب، غير أن تقدم كل من يحيى قلاش النقيب الحالى وعبدالمحسن سلامة بالترشح، دفع «رشوان» لعدم خوض المنافسة، فى ظل توقع أن يكون له دور فى المرحلة المقبلة، فى ظل ترشيحه للمجلس الوطنى للصحافة.

ولعل ما يدور فى الكواليس عن قيام أطراف، بمحاولة إقناع ياسر رزق رئيس مجلس إدارة وتحرير أخبار اليوم، بالترشح للانتخابات على منصب النقيب، ما يقطع الفرص على يحيى قلاش، لكن «رزق» رفض الترشح للانتخابات، خاصة فى ظل وجود تهديد بحبس "قلاش" واثنين من أعضاء النقابة ما يضعه فى حرج..

ولذلك جاء تركيز «الدوائر» على مساندة عبدالمحسن سلامة الذى يعتمد على أصوات الأهرام التى يشغل عضوية مجلس إدارتها بالانتخاب. ولكن لا تبدو الأمور بهذه السهولة بالنسب لـ«سلامة» فى الأهرام، فى ظل المنافسة على المواقع والمناصب المتوقع تغييرها قريبا، والتخوفات من عمليات التحول داخل الأهرام، ليس فقط فى المناصب، بل ما يتردد عن تحويل 4 من إصدارات المؤسسة الورقية إلى مواقع إلكترونية، ما يلقى بظلاله على التوجهات فى المؤسسة خاصة من جيل الشباب، الذى تعاطف فى غالبيته مع النقابة فى أزمة «الاقتحام».

ويضاف لذلك التصعيد الأخير من قبل رئيس البرلمان على عبدالعال، تجاه الصحافة و«الأهرام» بشكل خاص، عندما «عاير» عبدالعال المؤسسة، بالصرف عليها، من ميزانية الدولة، وذلك عقب الجلسة العامة لإسقاط العضوية عن النائب أنور السادات، والذى سبق إجراءات إسقاط العضوية عنه، بالحديث عن المخصصات المالية للبرلمان، وتحديدًا المبالغ المرصودة من ميزانية الدولة لشراء سيارات لقيادة المجلس.

ولذلك يتوقع أن يلقى التصعيد من قبل رئيس البرلمان وبعض أعضاء مجلس النواب على الصحافة، بظلاله على مسار انتخابات النقابة، خاصة أنه يظهر حالة التربص بالصحافة فى الفترة المقبلة، والتى ستشهد إقرار البرلمان حزمة من القوانين المنظمة للصحافة، ما يزيد التخوفات من الالتفاف على نصوص الدستور الجديد والتى ضمنت عدة قواعد لحرية الصحافة.

غير أن ما يظهر فى توجهات وتصريحات رئيس البرلمان وبعض أعضاء البرلمان، ربما يعطى تنبيهًا إلى الجمعية العمومية للصحفيين بأن هناك عملية تربص بالصحافة والمهنة وأن ما حدث من عملية اقتحام لمبنى النقابة فى إبريل الماضى وما تبعها من أحداث، لم يكن المقصود منه مجلسها الحالى بقدر ما هو تعبير عن توجهات معينة، تريد أن تدخل النقابة فى «الحظيرة»، خاصة أن عملية التصعيد توافقت معها عملية أخرى ونقل ملكيات فى الصحف الخاصة والمستقلة، ما ينعكس بدوره على مستقبل المهنة ككل، فى ظل تردى الأوضاع الاقتصادية للصحفيين والمؤسسات، والتى يعززها الأوضاع الاقتصادية العامة وارتفاع تكلفة الصحف وتقلص الإعلانات.

كما يوجد عوامل أخرى تتعلق بانخفاض التوزيع، وهو أمر يتعلق بتصاعد تأثير وأدوار مواقع التواصل الاجتماعى والمواقع الإلكترونية، فى الحصول على المعلومات لتدخل فى حيز التأثير فى الرأى العام، خاصة أنها غير مقيدة بقواعد قانونية، ولا سقف لمجال الحريات فيها، ما يعطيها زخمًا أشد، لن تستطيع الصحافة الورقية أو الإلكترونية ذات الشكل القانونى، مجاراتها، ما يفرض على الجمعية العمومية للصحفيين، بعدا آخر فى عملية التصويت لاختيار النقيب ونصف المجلس الجديد، يتعلق بالعمل على رفع سقف الحريات، التى تمثل "الترياق" لمهنة الصحافة.

كما أنها تعد مؤشرًا عامًا على المجال العام للوطن بأكمله، ومن هنا يبرز دور الشباب فى حسم المعركة الانتخابية، خاصة أنهم القوة التصويتية الأكبر فى الصحفيين حاليا، وأنهم عامل الحسم فى المعركة الانتخابية، ليس فى النقيب فقط، بل أعضاء المجلس الذى يتنافس عليه ما يزيد على 70 مرشحًا، ينجح منهم ستة فقط، مما يصعب بالتكهن بشكل المجلس القادم وتوجهاته، والذى ستحدد معاركه القادمة مستقبل المهنة لعقود مقبلة فى وقت تعيش فيه المهنة أزمة حقيقية، ربما تعصف بها إن لم يتكتل الصحفيون، فى مواجهتها.