في ذكرى وفاته.. عباس العقاد.. "عدو المرأة" يعشق 3 نساء

تقارير وحوارات

بوابة الفجر


عرف بأنه "عدو المرأة" بسبب آرائه ومقالاته التي وُصِفت بأنها عنصرية ومتطرفة، وامتنع عن الزواج، فعاش وحيدًا ومات وحيدًا، ولم يستطع الأديب العالمي عباس العقاد أن يكون أسرة خاصة، وبالرغم من ذلك، فلقد أحب كثيرًا من النساء، ولعل أبرزهن الممثلة مديحة يسري، والأديبة مي زيادة، وأليس داغر.

مي زيادة
التجربة الأولى هي حب عباس العقاد، للأديبة مي زيادة، وكان حبًا هادئًا ليس فيه عنف ولا توتر، ويمكن القول أنه كان حبًا روحيًا لم يتجاوز حدود التعبير عن نفسه بلطف ونعومة في بعض الرسائل والقصائد الوجدانية.

لم يكتفي "العقاد"، بزيارة "مي" في صالونها الأدبي، بل ذهبا معًا إلى السينما وبخاصةً إلى سينما الكنيسة كما اشترطت هي.

يروي العقاد قصته مع مي ويقول: "كانا أشبه بالشجرتين منهما بالإنسانين، يتلاقيان وكلاهما على جذوره، ويتلامسان بأهداب الأغصان، أو بنفحات النسيم العابر من تلك الأوراق إلى تلك الأوراق... كانا يتناولان من الحب كل ما يتناوله العاشقان على مسرح التمثيل ولا يزيدان، وكان يغازلها فتومئ إليه بإصبعها كالمنذرة المتوعدة، فإذا نظر إلى عينيها لم يدر، أتستزيد أم تنهاه، لكنه يدري أن الزيادة ترتفع بالنغمة إلى مقام النشوز".

وبدأت الغيرة تجد طريقها إلى نفسه، فيغار عليها من علاقتها بجبران، وكانت مي تستلذ بغيرة العقاد عليها، فتستزيد من تلك اللذة كلما وجدت إلى ذلك سبيلًا، مستخدمة أحيانًا الدلال الناعم الجذاب، كما تظهر رسالة أرسلتها إلى العقاد من برلين في 30 أغسطس عام 1925، قالت فيها:

"وحسبي أن أقول لك: إن ما تشعر به نحوي هو نفس ما شعرتُ به نحوك منذ أول رسالة كتبتها إليك وأنت في بلدتك التاريخية أسوان، بل إنني خشيتُ أن أفاتحك بشعوري نحوك منذ زمن بعيد، منذ أول مرة رأيتك فيها بدار جريدة "المحروسة"، إن الحياء منعني، وقد ظننتُ أن اختلاطي بالزملاء يثير حمية الغضب عندك، والآن عرفتُ شعورك، وعرفتُ لماذا لا تميل إلى جبران خليل جبران".

وتابعت: "لا تحسب أنني أتهمك بالغيرة من جبران، فإنه في نيويورك لم يرني، ولعله لن يراني، كما أني لم أره إلَّا في تلك الصور التي تنشرها الصحف، ولكن طبيعة الأنثى يلذ لها أن يتغاير فيها الرجال وتشعر بالازدهاء حين تراهم يتنافسون عليها! أليس كذلك؟! معذرة، فقد أردت أن احتفي بهذه الغيرة، لا لأضايقك، ولكن لازداد شعورًا بأن لي مكانة في نفسك، أهنئ بها نفسي، وأمتّع بها وجداني".

أليس داغر
أما الكاتبة والمترجمة سارة، حاملة لقب "أليس داغر"، هي ابنة الرائدة والكاتبة المعروفة لبيبة هاشم مؤسسة مجلة فتاة الشرق، وتزوجت أليس من صحافي سوري كان مقيمًا في مصر ومؤمنا بالعروبة هو عبده هاشم وحملت اسمه، إلا أنها انفصلت عنه.

وتعرف العقاد، على أليس عام 1924 حين ذهب إلى أحد البنسيونات في شارع الأزهر بمصر الجديدة ليزور صديقه د. صبري السربوني حيث كان يقيم ولم يجده والتقى صاحبة البنسيون وكانت سيدة إيطالية متحضرة وكانت "أليس" هناك معها فدار حوار بينهما واتفقا على اللقاء في اليوم التالي في إحدى الحدائق بمصر الجديدة ثم زارته في بيته اليوم الثالث وهكذا كانت العلاقة حتى وهن الحب وضعف بسبب شكوكه في سلوكها حتى انتهت قصة الحب، ولكن الصداقة بقيت بينهما.

مديحة يسري
وكانت قصة حب عباس العقاد، ومديحة يسري الممثلة الجميلة الساحرة وقتها عذبة رغم أنها انتهت بالفراق المر وانعكست سلبًا على نفسية "العقاد"، لقد كانت السمراء الجميلة في العشرين وكان العملاق في الخمسين من العمر.

الفنانة مديحة يسري لا تنكر في أحاديثها حب العقاد لها وتذكر الكثير من أشعاره التي كتبها عنها إحدى تلك القصائد تناولت كوفية ومعطف كانت قد نسجتها له على "التريكو".

أحبها العقاد، حينما ذهبت لتتعلم على يديه اللغة العربية فاستحوذت على مشاعره وملكت قلبه، ولقد كانت تلقب بـ"سمراء النيل"، لأنها المصرية ذات الجمال الأصيل، ولعل هذا هو ما أّهل مديحة يسري لاقتحام عالم الفن في أربعينيات القرن الماضي، وتصنيفها وبجدارة كأجمل عشر نساء في العالم وفقًا لمجلة "التايم" الأمريكية.

وقد لا يعرف الكثيرون أن نفس الفتاة التي نُشرت صورتها في إحدى المجلات المصرية عام 1939 كأحد الوجوه الجديدة، هي ذاتها مديحة، التي تعلق بها "العقاد" منذ رؤيته للصورة، فدعاها إلى حضور صالوناته الأدبية الأسبوعية وأغدق عليها بعطائه الفكري والأدبي بشكل فتح أمامها أبواب العلم والمعرفة، حتى أن الأديب الكبير الذي كان عازفًا عن الزواج، وقع في حب تلك الفتاة التي لم يكن عمرها قد تجاوز العشرين، بينما هو في الخمسين من عمره، ولكن مع لوعها بالفن والسينما، خيرها العقاد بينه وبين الفن، ولكنها اختارت الطريق إلى السينما، ففسح لها الطريق.