"قانون أبوحامد" يكتب نهاية "الإمام"

العدد الأسبوعي

الدكتور أحمد الطيب،
الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف


هدفه منع وصول المنتمين للأحزاب أو الجماعات للمشيخة

■ المشروع يفتح الباب أمام العلماء من خارج المذاهب الأربعة للالتحاق بالهيئة

■ زيادة عدد العلماء لـ50 والعضوية تنتهى ببلوغ الـ75 سنة ولـ"الأوقاف والأعلى للجامعات والقومى للمرأة" حق ترشيح أعضاء

■ 150 نائباً بـ"دعم مصر" يؤيدون المشروع.. و"أبوحامد": ناقشت رئيس الائتلاف فى التعديلات


بمجرد إعلان محمد أبوحامد، عضو مجلس النواب، وكيل لجنة التضامن عزمه التقدم بمشروع قانون لتنظيم الأزهر، واجه المشروع الذى لم يدخل بعد أروقة البرلمان انتقادات حادة وواسعة، خاصة من جانب المؤسسة الأزهرية، حيث تم اتهام النائب بأن هدف مشروعه القضاء على استقلال الأزهر.

أبوحامد رد على هذه الاتهامات بالتأكيد على أنه يقدر بشدة الأزهر وشيخه وهيئة كبار العلماء وجميع علماء المشيخة، ونفى أن يكون التعديل موجها للضغط بشكل أو بآخر على الأزهر أو شيخه الدكتور أحمد الطيب، خاصة أن للمؤسسة الأزهرية دورا وطنيا سواء فى الـ6 سنوات الماضية أو فى تاريخ مصر منذ إنشاء الجامع.

ورغم أن مشروع القانون يتحدث عن إعادة تنظيم هيئات الأزهر الخمس «المجلس الأعلى للأزهر، ومجمع البحوث الإسلامية، وجامعة الأزهر، وقطاع المعاهد الأزهرية، وهيئة كبار العلماء»، إلا أن الأخيرة حازت نصيباً كبيراً من الجدل نظراً للتعديلات المرتبطة بها فى القانون الجديد، والتى تدور أغلبها حول تغير جوهرى فى طريقة عمل الهيئة واختيار شيخ الأزهر.


1- "مجددين داخل هيئة كبار العلماء"

أبرز التعديلات التى جاءت فى قانون أبوحامد، تمثلت فى التوسع فى اختيار أعضاء الهيئة وعدم اقتصارها على أصحاب المذاهب الأربعة «الشافعى والمالكى والحنفى والحنبلى»، وطبقاً لأبوحامد «لا يصح أن ينحصر اختيار أعضاء الهيئة فقط فى المذاهب الأربعة، لأنها هى الأشهر ولكن يوجد مذهب أهل السنة والجماعة، حيث يعتبر الأزهر، مؤسسة أهل سنة وجماعة، كما أنه يوجد علماء ليس شرطاً أن ينتموا للمذاهب الأربعة ولكنهم علماء لهم قدرات علمية يجب الاستفادة منها داخل هيئة كبار العلماء، خاصة أن المدرسة المذهبية التقليدية تمنع الاجتهاد فيما اتفق عليه الأئمة الأربعة.

يعتمد أبوحامد فى التعديل المتعلق بهيئة كبار العلماء التى تم حلها عام 1961 وعادت فى 2012، على أن التنوع يفيد المجتمع، وأنه عندما يجتمع علماء متنوعون فى الفكر الدينى لمناقشة موضوع سيخرجون فى النهاية بأكثر من وجهة نظر، ما يعطى سعة فى اختيار أصلح الآراء للمجتمع، ضارباً المثل بإشكالية ختان الإناث، حيث سبق وأفتى شيخ الأزهر الراحل جاد الحق على جاد الحق، بأنها حلال، وكانت فتواه سبباً فى غل يد الدولة عن إصدار قانون يجرم الختان، إلى أن جاء الدكتور محمد سيد طنطاوى والذى أفتى بتحريم الختان، وكانت الأمانة العلمية تقتضى على الشيخ جاد الحق، أن يذكر الآراء المتوافقة والمخالفة لختان الإناث، ليختار ولى الأمر أصلحها للمجتمع.


2- دخول متخصصين فى العلوم الطبيعة لـ»كبار العلماء» لأول مرة

من أبرز التعديلات التى أدخلها أبوحامد، زيادة عدد أعضاء الهيئة ليصبح 50 عالماً، بدلاً من 40، على أن يكون الأعضاء العشرة الجدد من علماء العلوم الطبيعية، وليس الدين للأخذ برأيهم.

ويأتى هذا التعديل من منطلق أن كتب أصول الفقه اجتمعت على اختلاف المذاهب أن المجتهد يجب أن يكون عالماً بأمور الدنيا، لأنه سيواجه أموراً مرتبطة بالحياة يجب أن يكون على دراية بها، حتى يقوم بالإفتاء فى مسألة يعرفها، سواء كان الأمر متعلقا بالاقتصاد أو الطب أو علم الاجتماع أو شأن فى شئون المرأة وغيرها من القضايا، ولن يكون رأى العلماء الـ10 الجدد استشارياً فقط، خاصة أن النص الحالى جاء فيه «يجوز لهيئة كبار العلماء أن تستعين باللجان المتخصصة بمجمع البحوث الاسلامية ومن تراه من الخبراء لأداء مهامها دون أن يكون له صوت معدود فى مداولاتها»، لكن فى التعديل الجديد سيكون وجود المتخصصين إلزامياً.

أما فيما يخص طريقة التصويت، ألغى مشروع أبوحامد التصويت على الفتاوى داخل هيئة كبار العلماء، حيث ينص القانون الحالى على: « يكون اجتماع هيئة كبار العلماء، صحيحاً إذا حضرته الأغلبية المطلقة لأعضائها وتصدر قراراتها بالأغلبية المطلقة للحاضرين»، أما مشروع القانون الجديد فنص على إلغاء التصويت مع رفع تقرير يشرح كل وجهات النظر التى تم تداولها حول الأمور المختلفة، إضافة إلى إجبار كافة أعضاء الهيئة على حضور كافة الاجتماعات، بحيث لا يكون الاجتماع صحيحا إلا بحضورهم جميعاً».

ونص مشروع القانون على خفض سن عضو الهيئة ليصبح 45 سنة بدلاً من 55، بشرط تحقق الشروط العلمية فيه، ولا تكون عضويته فى الهيئة أبدية، حيث تنتهى العضوية ببلوغ العالم 75 سنة، على أن يشكل لهم بعد خروجهم من الهيئة مجلس حكماء، يكون بمثابة مجلس استشارى لشيخ الأزهر.

كما وضع مشروع القانون الجديد نصاً واضحاً لضمان عدم وصول أصحاب الانتماءات السياسية إلى هيئة كبار العلماء، حيث اشترط التجرد من أى انتماءات سياسية، والفصل من الهيئة حال ظهور أى انتماء سياسى أو حزبى أو انتماء واضح لجماعة.


3- إنهاء عصر سيطرة الأزهر على الهيئة بمنح الأوقاف والأعلى للجامعات حق ترشيح أعضاء

القانون الحالى – بحسب أبوحامد – حرم علماء الأزهر بالأوقاف وعلماء الأزهر بنقابة الأشراف من عضوية الهيئة، لذلك نص مشروع القانون على أن يكون اختيار الـ40 عالم دين، كالتالى، أن تشكل لجنة خاصة لاختيار 20 منهم، فيما يختار الـ20 عضواً الباقين من خلال ترشيحات جهات متنوعة مثل وزارة الأوقاف وترشح 5 من علمائها ممن ينطبق عليهم الشروط العلمية، ونقابة الأشراف ترشح أيضاً من علمائها من ينطبق عليهم الشروط العلمية، ومشيخة الطرق الصوفية ترشح 3 والمجلس القومى للمرأة يرشح اثنتين من علماء الدين السيدات، خصوصاً أن المرأة محرومة من عضوية هيئة كبار العلماء، ويرشح المجلس الأعلى للجامعات، 3 من علماء الدين.

أما علماء العلوم الطبيعية فيرشحهم المجلس الأعلى للجامعات والمجلس القومى للدراسات الجنائية والاجتماعية والمجلس القومى للمرأة، والأخير يرشح متخصصاً فى قضايا المرأة، على أن يتم إرسال جميع هذه الترشيحات لمؤسسة الرئاسة لتختار منهم بعد إجراء التحريات الأمنية اللازمة.


4- انتخاب شيخ الأزهر وعزله

تنص المادة السابعة من قانون الأزهر الحالى على أن الأزهر الشريف هيئة إسلامية علمية مستقلة، يختص دون غيره بالقيام على كافة شئونه، وهو المرجع الأساسى فى العلوم الدينية والشئون الإسلامية، ويتولى مسئولية الدعوة ونشر علوم الدين واللغة العربية فى مصر والعالم.

وتلتزم الدولة بتوفير الاعتمادات المالية الكافية لتحقيق أغراضه، وشيخ الأزهر مستقل غير قابل للعزل، وينظم القانون طريقة اختياره من بين أعضاء هيئة كبار العلماء، ما يعنى أن منصب شيخ الأزهر محصن.

لكن فى مشروع القانون الجديد، اقتصر التحصين على فترة ولاية شيخ الأزهر، والتى حددها المشروع بـ8 سنوات فقط تجدد لمرة واحدة.

أما فيما يتعلق باختيار شيخ الأزهر، فتوسع مشروع القانون الجديد فى طريقة الاختيار، حيث كانت تقتصر فى السابق على أن تختار هيئة كبار العلماء 3 من بين أعضائها وتعرضهم على الرئاسة لاختيار واحد منهم، لكن فى التعديل الجديد أضيف أعضاء مجمع البحوث الاسلامية والتى تمثل بـ60 عضواً فى عملية الاقتراع لاختيار الأعضاء الثلاثة، بهدف منع تحكم العوامل الشخصية فى الاختيار، وينص القانون على أن يكون الثلاثة المنتخبون ممثلين لثلاثة مذاهب مختلفة.


5- منح الأقباط حق الالتحاق بالكليات العلمية فى جامعة الأزهر

من أبرز الإشكاليات فى مشروع أبوحامد، النص على أن تتبع الكليات العلمية التابعة لجامعة الأزهر، للمجلس الأعلى للجامعات ليتمكن غير المسلمين من الالتحاق بها، حيث يرى أبوحامد أن دور الأزهر حسب الدستور ينحصر فى القيام على كافة شئونه وهو المرجع الأساسى فى العلوم الدينية والشئون الاسلامية، وبالتالى فلاتوجد أى علاقة بين هذا الدور ووجود كليات الطب والهندسة والزراعة والتجارة وغيرها من الكليات العملية بجامعة الأزهر.

ويرى أبوحامد أن الهدف من هذا التعديل، أن يتفرغ الأزهر لدوره الدستورى الذى تحتاجه مصر والعالم، والمتمثل فى علوم الشريعة واللغة العربية، بحيث تظل جميع الكليات التى لها علاقة بالشئون الاسلامية والدين واللغة العربية تحت إشراف جامعة الأزهر والمشيخة مضافاً إليها كلية واحدة فقط من الكليات التى ليس لها علاقة بالأمور الدينية وهى كلية اللغات والترجمة لأن علماء الأزهر يحتاجون إلى أن تكون لديهم لغات، أما باقى الكليات فيتم نقل تبعيتها للمجلس الأعلى للجامعات، إما بتأسيس جامعة باسم جامعة الأزهر للعلوم والتكنولوجيا، تابعة للمجلس الأعلى للجامعات، أو إلحاق الكليات العلمية بأقرب جامعة لها، فطب الأزهر بجوار جامعة عين شمس فتلتحق بها.


6- مفاجأة.. أغلبية العلماء وافقوا على مشروع أبوحامد

اجتمع أبوحامد خلال الفترة الماضية، مع ما يقرب من 50 من علماء وأساتذة الأزهر، للنقاش حول مواد مشروع القانون، وحسب النائب نحو 80% منهم أيدوا مشروع قانونه، وتحفظ نحو 20% منهم، مؤكدا أن مثل هذه الاجتماعات ستتكرر حتى يخرج القانون للنور.

برلمانياً، ورغم عدم التقدم بالمشروع، إلا أن حزب الوفد أعلن رفضه للقانون، وأكد دعمه الكامل للأزهر وشيخه الدكتور أحمد الطيب، فى مواجهة ما أسماه بمحاولة النيل من استقلال المؤسسة الأزهرية والتحرش السياسى والإعلامى بها وبشيخها، وأكد الحزب أن الدستور يحصن منصب شيخ الأزهر، مناشداً البرلمان احترام المادة السابعة من الدستور، أما حزب النور فهناك اتجاه لرفض المشروع.

ورغم ذلك يحظى القانون باتفاق أعضاء ائتلاف دعم مصر، صاحب الأغلبية، والذى ينتمى إليه أبوحامد، وهو ما انعكس على التوقيعات التى جمعها من الأعضاء لتقديم مشروعه، حيث جمع نحو 150 توقيعا، رغم أن تقديم أى مشروع طبقاً للائحة الداخلية للمجلس لا يتطلب سوى موافقة نحو 60 عضواً.

أبوحامد قال لنا إنه شرح لرئيس الائتلاف، النائب محمد السويدى، فكرة مشروع القانون بشكل عام، ولايزال الموضوع قابلًا للمناقشة بينهما، وسيتم رفع مذكرة بالمشروع فور الانتهاء منها إلى رئيس المجلس، منبهاً إلى أنه ملتزم تنظيمياً بتوجهات الائتلاف لأنه عضو به، وانه بعد انتهاء جلسات الاستماع التى يتم عقدها ستخرج المذكرة الأولى التى تضم توقيعات نواب دعم مصر.