كرستينا عياد تكتب: عزيزي هشام عرفات.. خدعوك فصارت التذكرة ب2جنيه

ركن القراء

كرستينا عياد
كرستينا عياد


معالي الدكتور هشام عرفات وزير النقل ، تحية طيبة وبعد..
هذه رسالتي الأولى، واسال المولى الا تكون الاخيرة ، اكتب اليك وانا أعلم يقينا بأنك قد تعرضت لفترة عصيبة شائكة خلال تلك الأيام القصيرة التي قضيتها في براثن وزارة النقل ،افهم واعي تماما مقدار الألغام المخبئة جيدا انتظارا  للحظة انفجارها حتى تقع في قبضة من نصبوها ولعل اول الغيث في هذه الألغام كانت زيادة تعريفة تذكرة المترو الموقوته والتي انفجرت بعدما نجح مخطط وضع بصماتك عليها .

 هل تعلم سيدي الوزير أن قرار  زيادة سعر التذكرة  100% قد جعل سيادتكم الاسم الاشهر على صفحات محركات البحث عبر شبكة الانترنت خلال الساعات الماضية، وبالقطع فان  التاريخ سيذكر اتخاذك هذا القرار كخطوة منك لإنتشال شركة مصرية خدمية كبيرة مما تتعرض له من بحر الديون وسوء الخدمة المقدمة.

ولكن سيدي دعني اعترف لك بأني قد اصبت منذ الصغر بداء "المنطق و العقل "وهي متلازمة فرضت علي الا اخضع لهيبة البيانات الرسمية التي تطلقها الوزارة و" تنشر" دون مرورها بكافة مراحل اي عملية تنظيف محترمة بل - وفي كثير من الاحيان -فأنها تنشر دون تجفيفها او عصرها فتصبح و بالتعبير الدارج "نشر غسيل وسخ "

فبحسب البيان الأخير للوزارة فقد ذكرتم أن مرفق مترو الأنفاق يقدم خدمة مميزة من ناحية الوقت والأمان- بغض النظر عن قلة من  الجثث المندسة  التي تناثرت اشلائها تحت عجلات مترو الأنفاق- و كذلك فقد أكد البيان الرسمي على أن هذا المرفق الحيوي يقوم بخدمة  حوالي 3 مليون راكب يوميا علما بأن حوالي 40 % من هؤلاء الركاب اشتراكات مخفضة، و بعيداُ عن ابسط قواعد الرياضيات البحتة وأنت تعلم أهمية الرياضيات فلولاها لما صرت أنت الآن وزيرًا للنقل، ولما صرت أنا أكتب إليك هذه الرسالة ،أذ أن هذه المعلومات الرسمية تشير الى أن متوسط الأيرادات اليومية المباشرة تتجاوز 2 مليون جنيه يوميا وهي حصيلة بيع التذاكر مضافا اليها النصيب اليومي من قيمة الأشتراكات المخفضة وهو ما يعني أن هذه العائدات السنوية تساوي 732 مليون جنيه سنويا ، ولكن بيانكم الرسمي الأخير أشار الى أن المترو يحقق إيرادات سنوية تبلغ 716 مليون جنيه (شاملة عائدات بيع التذاكر- اعلانات- تأجير محلات)  وهو ما يعني غياب المصداقية عن هذا البيان فكيف يكون ناتج بيع التذاكر فقط أكبر من مجموع كافة الأيرادات بأكثر من 15 مليون جنيه وذلك دون التشكيك في اي من الأرقام الرسمية للوازرة.

كذلك لم يكتف البيان بهذا التخبط الواضح، فقد أكدت الوزارة على أن المصاريف السنوية لمترو الأنفاق تبلغ  916 مليون جنيه ( تكلفة التشغيل والصيانة )  وبذلك  يصبح  المترو محققا لخسائر سنوية   تبلغ 200 مليون جنيه، وهنا ينبغي التوقف للحظات و العودة الى علم الرياضيات البحتة مرة أخرى ، فأذا أسلمنا بصحة الأرقام الرسمية فهذا يعني أن مترو الأنفاق يبيع 732 مليون تذكرة سنويا و تحقق خسائر قدرها 200 مليون جنيه ، أذن لمعرفة نصيب كل تذكرة من هذه الخسائر فأننا سنقوم بقسمة 200 مليون على 732 مليون ..حينها سنكتشف أن كل تذكرة تخسر حوالي 27 قرش ، أذن فكل ما تحتاجه الوزارة لتحقيق التعادل هو أضافة 27 قرش لثمن التذكرة الواحدة و ليس جنيها كاملا كما حدث، و بالطبع و من خلال هذه المعطيات الرسمية فأن مرفق مترو الأنفاق في طريقه لتحقيق مكسب يتجاوز الـ400 مليون جنيه بعد مضاعفة قيمة التذكرة ،ولعلك سيادة الوزير تلحظ أنه في حال كانت زيادة التذكرة ب 27 قرش فقط، فأن سداد مبلغ ال200 مليون كان سيقع على عاتق المواطن البسيط فقط دون المساس بالرواتب الخرافية لحيتان هذا المرفق الخدمي أو زيادة في قيمة ايجارات المحلات أو قائمة أسعار الأعلانات فالبحث خارج الصندوق عن أفكار من شأنها زيادة موارد هذا المرفق .

الأهم من ذلك أن الوزارة اشارت الى أن ارتفاع تكلفة الصيانة و التشغيل في الأونة الأخيرة  هو ما أدى الى وجود 200 مليون جنيه خسائر سنوية بالأضافة الى 500 مليون جنيه مديونيات سابقة ! وماذا أذن سيدي الوزير عن زمن ما قبل أرتفاع تكلفة الصيانة و التشغيل ؟ لماذا تضخمت المديونيات السابقة حتى وصلت الى نصف مليار جنيه ؟ و أسمح لي سيادة الوزير أن أتسال عن السبب الذي لم توضع فيه عائدات بيع التذاكر المستعملة ضمن موارد مرفق مترو الأنفاق رغم أنها تجارة تتجاوز 2 مليون جنيه في السنة ؟ و لماذا لم أجد أعلان واحدا حول مزاد بيع هذه التذاكر المعاد تجميعها؟ فهل يتم بيعها بالأمر المباشر الى احد مصانع الأقرباء في الأسكندرية كما يدور الهمس اسفل أنفاق هذا المرفق الخدمي ؟

و الغريب يا معالي الوزير أن البعض قد زين لك مقارنة أسعار خدمات النقل الخاص مع مترو الأنفاق وهي مقارنة ظالمة و عجفاء و تفتقر الى ابسط  قواعد الموضوعية ، وذلك لسبب بسيط للغاية، فالممول الرئيسي لحفر المترو ومد خطوطه العريضة هي أموال دافعي الضرائب، أصحاب مترو الأنفاق و ملاكه يا سيادة الوزير هم أبناء هذا الشعب وهم أيضا ضحيته ودعني أذكرك بأن أموال هذا المرفق لا تخضع لاي قانون ضريبي بعكس كافة وسائل النقل الخاص 
 نعم يا سيادة الوزير فقد خدعوك بأرقامهم الزائفة و معطياتهم الكاذبة ، خدعوك يوم أن أخبروك بأن متوسط دخل الفرد في مصر يبلغ 3800 دولار اي حوالي 6 الاف جنيه شهريا، خدعوك وهم يعلنون وجود تسريب بترولي من أحد محطات الوقود في أحد مواقع الحفر للخط الرابع للمترو .

و أخيرا يا معالي وزير النقل، فأنا أعلم أنك تستطيع الآن بكل ما تمتلك من سلطات أن تأمر بإحضار كافة الأوراق والكشوفات التي تتضمن الأرقام الصحيحة، بما لا يدع مكانا للتشكيك من أحد حول مصداقية ما ينشر على لسانك سواء فيما يعرض لك من شرح تفصيلي للمشروعات، أو التكلفة الفعلية، فإذا لم تمارس أنت هذه الرقابة فمن عليه إذا أن يمارسها؟ و لتتأكد أن مضاعفة قيمة هذا الكارت الأصفر جاء بمثابة الأنذار لما ينتظرك في غياهب هذه الوزارة و بعيدا عن لغة الأرقام والحسابات فأنني أدعوك للتوقف أمام قرار أحد المواطنين بالبقاء في المنزل لأن ذلك أوفر من مغادرته و التوجه إلى عمله مستخدما وسيلة نقل هي الأرخص.