قصص ٣ نساء في حياة غسان كنفاني.. إحداهن أديبة سورية معروفة

الفجر الفني

غسان كنفاني
غسان كنفاني


"ما لكِ كطفلة ريفية تدخل المدينة أول مرة".. كلمات رددها الأديب والمناضل الفلسطيني الراحل غسان كنفاني، على مسامع الأديبة السورية غادة السمان، عند التقائهما للمرة الثانية في إحدى الحفلات الساهرة بالقاهرة، بعد مقابلتهما الأولى في جامعة دمشق، ونشب الإعجاب بينهما منذ اللحظة الأولى، بالرغم من اختلاف ديانتهما فكان هو مسيحيا وكانت هي مسلمة، ولكن الحب الحقيقي لا يعرف هذه الفروق، وكان تبادل رسائل الحب فيما بينهما هو وسيلة التعبير عن هذا الحب، والتي نشرتها غادة على كتاب بعنوان "رسائل غسان كنفاني إلى غادة السمان"، أصدرته عام ١٩٩٢ في ذكرى غسان السنوية.

 

في مثل هذا اليوم، الموافق ٨ يوليو عام ١٩٧٢، اغتيل غسان كنفاني، ومعه ابنة أخته "لميس"، في العاصمة اللبنانية بيروت، بوضع عبوة ناسفة في سيارته، لينتهي بذلك مشوار أديب ومناضل دافع عن وطنه بكلماته الرنانة في أنحاء العالم العربي، وفضح مغتصبي الأرض الفلسطينية من العناصر الصهيونية الإسرائيلية، ليرد الجميل لمسقط رأسه بمدينة عكا، شمال فلسطين، والتي ولد فيها، في التاسع من إبريل عام ١٩٣٦، ثم عاش في يافا حتى عام ١٩٤٨، ثم أجبر على اللجوء مع عائلته في بادئ الأمر إلى لبنان ثم الى سوريا، وعاش وعمل في دمشق ثم في الكويت وبعد ذلك في بيروت منذ عام ١٩٦٠، وحتى استشهاده في ١٩٧٢.

 

أصدر غسان كنفاني حتى تاريخ وفاته المبكّر، ثمانية عشر كتاباً، وكتب مئات المقالات في الثقافة والسياسة وكفاح الشعب الفلسطيني، وفي أعقاب اغتياله تمّت إعادة نشر جميع مؤلفاته بالعربية، في طبعات عديدة، وجمعت رواياته وقصصه القصيرة ومسرحياته ومقالاته ونشرت في أربعة مجلدات، وتُرجمت معظم أعمال غسان الأدبية الى سبع عشرة لغة ونُشرت في أكثر من ٢٠ بلداً، وتمّ إخراج بعضها في أعمال مسرحية وبرامج إذاعية في بلدان عربية وأجنبية عدة، وتحولت اثنتان من رواياته الى فيلمين سينمائيين، وما زالت أعماله الأدبية التي كتبها بين عامي ١٩٥٦ إلى ١٩٧٢ تحظى اليوم بأهمية متزايدة.

 

شغل كنفاني، منصب عضو المكتب السياسي و الناطق الرسمي باسم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، في عام ١٩٤٨، حتى أجبر وعائلته على النزوح فعاش في لبنان ثم في سوريا، وأكمل دراسته الثانوية في دمشق وحصل على شهادة البكالوريا السورية عام ١٩٥٢، وفي ذات العام سجّل في كلية الأدب العربي في جامعة دمشق، ولكنه انقطع عن الدراسة في نهاية السنة الثانية، وانضم إلى حركة القوميين العرب، التي ضمه إليها جورج حبش بعد لقائهما عام ١٩٥٣، وذهب إلى الكويت حيث عمل في التدريس الابتدائي، ثم انتقل إلى بيروت للعمل في مجلة الحرية عام ١٩٦١، التي كانت تنطق باسم الحركة مسؤولا عن القسم الثقافي فيها، ثم أصبح رئيس تحرير جريدة (المحرر) اللبنانية، وأصدر فيها (ملحق فلسطين) ثم انتقل للعمل في جريدة (الأنوار) اللبنانية.

 

تزوج كنفاني، من سيدة دانماركية تدعى "آن"، وأنجب منها ولدين هما فايز وليلى، وأصيب مبكرا بمرض السكري، وكانت شقيقته قد أصيبت به من قبل وفي نفس السن المبكرة، مما زاده ارتباطاً بها وبابنتها الشهيدة "لميس نجم" التي ولدت في عام ١٩٥٥، فأخذ غسان يحضر للميس في كل عام مجموعة من أعماله الأدبية والفنية ويهديها لها، وكانت هي شغوفة بخالها محبة له تعتز بهديته السنوية وتتفاخر بها أمام رفيقاتها، ولم يتأخر غسان عن ذلك إلا في السنوات الأخيرة بسبب ضغط عمله، وفِي بيروت، بدأ عمله في مجلة الحرية، وقام بكتابة مقالات أسبوعية لجريدة "المحرر" البيروتية، والتي كانت ما تزال تصدر أسبوعيا، صباح كل اثنين.

 

لفت نشاطه ومقالاته الأنظار إليه كصحفي ومفكر وعامل جاد ونشيط للقضية الفلسطينية، فكان مرجعاً لكثير من المهتمين، وفِي عام ١٩٦١ عقد مؤتمر طلابي في يوغوسلافيا، اشتركت فيه وفود من فلسطين وكذلك الدانمارك، كان بين أعضاء الوفد الدانماركي فتاة كانت متخصصة في تدريس الأطفال، قابلت هذه الفتاة الوفد الفلسطيني ولأول مرة سمعت عن القضية الفلسطينية، واهتمت بها، فشدت رحالها إلى البلاد العربية مرورا بدمشق ثم إلى بيروت، حيث أوفدها أحدهم لمقابلة "غسان كنفاني" كمرجع للقضية وقام هو بشرح الموضوع للفتاة وأخذها في جولة داخل المخيمات، فتأثرت بحماسه ونضاله، وبعد مرور عشرة أيام تزوج غسان، من الفتاة الدانماركية آن، للزواج وقام بتعريفها علي عائلته كما قامت هي بالكتابة إلى أهلها.