دموع على ركام منازل "الوراق".. الحاجة "فاطمة": بيوتنا مرخصة.. واللحمة لم تدخل جوفي منذ الصغر

تقارير وحوارات

بوابة الفجر


تقبع على الدرج المجاور لمنزلها، تتطلع إلى حطام العقارات المهدومة، تُدندن مع نفسها بكلمات غير مفهومة، وكأنها في حديث خاص مع الرحمن، ومع أول تساؤل وجه إليها انهمرت في البكاء، بترثي حالها وما وصلت إليه جزيرة "الوراق" التي تحضتنها هي وأسرتها منذ نعومة أظافرها.

 

الحاجة "فاطمة"، ذو الثامنين عامًا من عمرها، تروي تفاصيل أصعب ليلة مرت على عمرها داخل جزيرة "الوراق"، فنجلها الأكبر أصيب بطلقة "خرطوش" في كتفه الأيمن، وأحفادها ما بين الخوف والصراخ المتكرر حتى السقوط مغشيًا عليهن، خوفًا من أن يلحق منزلهن بالعقارات المهدومة، فظلوا حتى وقت الذروة بدون نوم أو راحة، مُترقبين الأوضاع.



بصوت يقطتعه البكاء، أبدت الحاجة "فاطمة" استيائها من الوضع التي وصلت إلية الجزيرة، قائلة: "بيوتنا مرخصة وورقنا سليم، وعايشين هنا من أجداد أجدادي وعمري ما سمعت أن الأرض ملك لأحد إحنا اشترناها وفاتورة المياه والكهرباء باسمنا"، متسائلة هل يعقل أن يتم هدم العقارات دون إخطار سكان المنطقة؟.



وأكملت بنبرة حزن، أن جميع الأسر لم ترى النوم منذ أن استيقظت على أصوات المعدات الخاصة بالهدم في تمام السادسة من صباح أمس الأحد، مضيفةٍ: "ولا حد شاف طعم الراحة والنوم، والذات، وقاعدين نبكي حالنا ونواسي بعض ونشو ف  بواقي بيوت أهالي الجزيرة، والعفش اللي بقى زي التراب، ونتحصر على ما وصلناله".

 

وبكلمات تشع بالرضا، عبرت الحاجة "فاطمة" عن أنها متقبله عيشتها بكل ما فيها بالرغم أنها لم تتذوق من متع الحياة شىء، فوجبتها الرئيسية لا تتخطى الجبن المملح "المش"، واللحوم لم تدخل جوفها منذ زمن بعيد: "راضية بعيشتي وما بشتكيش يجي الوزير يستكتر علينا أننا قاعدين في بيوت لمانا حرام اللي بيحصل".



"الدور جاي علينا".. بهذه الكلمات عبرت عن خوفها من أن تستيقظ على هدم منزلها، قائلة: "هي الحكومة جاية تصحى دلوقتي وتدور على حقوقها، طيب اللي بعولنا الأراضي دي فين".

 

وتترجى الرحمن بأن يصلح حال الجزيرة، وأن يتولاهم برحمته ورضاه، مستنكرة مخاطبة المسئولين: "بطلب منه هو .. مش بطلب من بني أدم أن يخرجنا من أزمتنا.. بطلب من ربنا ينقذني ويرحمني".