عادل حمودة يكتب: تسجيلات عبدالناصر السرية.. نظام الحكم المقفول أدى إلى الهزيمة

مقالات الرأي



■ الحديث عن سيادة القانون مجرد ثرثرة لأن البلد أساسا مافيهاش قانون!

■ إذا استمر هذا النظام بهذه العيوب ستنتهى البلد إلى كارثة.. العيب فى النظام

■ المستقبل غامض لأن فى قوى كتير متصارعة والسؤال هو: كيف تصنع النظام السليم الذى يؤمن البلد؟

■ المعارضة يجب أن تكون انعكاسًا لرأى الشعب.. والدولة تحولت إلى مناطق مستقلة

■ طالما أن من فى السلطة لا يحاسبه أحد فسندخل على مرحلة فساد وقد نكون دخلناها بالفعل

■ هنا نطق جمال عبد الناصر بأصعب جملة يمكن أن يتفوه بها حاكم بعد الهزيمة: كنت متصور إن الناس تطلع وتضربنا بالجزمة لأننا عملنا عملة ما تستاهلش غير الجزمة.. سكنت هذه العبارة أحد شرائط محاضر مجلس الوزراء برئاسته يوم 2 أغسطس 1967 فى قصر القبة وبقيت فى مقابر السرية أكثر من نصف قرن رغم أهميتها فى تقييم ما حدث والاستفادة منه قبل أن يصبح تغيير النظام (أو السيستم) على حد قوله أمرًا لا مفر منه

■ البلد فيها عصابات استغلت الحراسات لصالحها وهددت باعتقال الأبرياء وجعلت الوزراء يطيحون فى الشعب

■ قوانين البلد متخلفة وعاجزة عن مسايرة التطور الاجتماعى وعن حقيقة العلاقات داخل المجتمع

■ المعارضة فى مجلس الأمة جبانة ولا تستطيع أن تقترب من أخطاء الكبار


فى تلك اللحظات المؤلمة بدت مصر أمامه جثة مذبوحة يسيل دمها بطول النيل من الإسكندرية إلى أسوان.

وكانت سيناء مثل أسورة من الذهب والفيروز تبخرت من بين يديه قبل أن يجد جيشا يحميها من الاختطاف.

وكان الحزن هو المواطن الوحيد المسموح له بحق البكاء أو الانتحار.

هنا نطق جمال عبد الناصر بأصعب جملة يمكن أن يتفوه بها حاكم بعد الهزيمة: كنت متصور إن الناس تطلع وتضربنا بالجزمة لأننا عملنا عملة ما تستاهلش غير الجزمة.

سكنت هذه العبارة أحد شرائط محاضر مجلس الوزراء برئاسته يوم 2 أغسطس 1967 فى قصر القبة وبقيت فى مقابر السرية أكثر من نصف قرن رغم أهميتها فى تقييم ما حدث والاستفادة منه قبل أن يصبح تغيير النظام (أو السيستم) على حد قوله أمرا لا مفر منه.

لكن.. السؤال: هل تغير السيستم فى وجود عبدالناصر أو بعد رحيله بعشرات السنين فعلا؟.

لنقرأ ما جاء فى المحضر الذى ينشر لأول مرة بعد نصف قرن ربما نجد إجابة.

عبد الناصر: أنا كنت شايف عيوب فى الفترة اللى فاتت.. عيوب كثيرة.. أولها إن المجتمع بتاعنا مجتمع مقفول.. العمل السياسى كله عمل سياسى سايح وده بيوجد عيوب ولا يوجد تضامن.

بعد 15 سنة من الثورة وإحنا دلوقت بنمثل جيل فى آخر مراحله هل السيستم صح؟.. على الورق صح.. ولكن لما بتيجى على الطبيعة بتلاقيه مش صح لأن هناك صراعات فى كل حتة فى داخل الاتحاد الاشتراكى (التنظيم السياسى الوحيد).

والنقطة الثانية: ما مستقبل هذا النظام؟.. علينا قبل ما نخلص دورنا فى الحياة أن نضمن أن يكون النظام سليماً مش شخص ولا أشخاص وبهذا نبقى عملنا حاجة ولا بنضيع.. بنبص نلاقى الدنيا كلها ضايعة فى الهواء واللى يقدر يخبطها يخبطها بالبساطة كده وييجى اللى يقول أنا استمرار للنظام ويدوق البلد العذاب.

لابد إن المجتمع بتاعنا يبقى مجتمع مفتوح أو العمل السياسى بتاعنا يبقى عمل سياسى مفتوح لأن لما ييجى حد النهاردة ويهاجم سيد مرعى «وزير الزراعة والإصلاح الزراعى» وقد أكون أنا مقتنع إنه مخطئ بادافع عنه ليه لازم؟.

لما ييجى حد ويقول لى: إن ده خد بيت من الحراسة وده خد عفش حصل حاجات كتير الناس بتتكلم.. كان إيه؟.. بادافع عن هذا التصرف وقد لا أكون مقتنعاً أبدا به.. ليه؟.

طالما الناس اللى فى السلطة حاسة إن ما فيش حد هيقول لهم: إنتم بتعملوا كذا؟ أنا فى رأيى هندخل أو دخلنا على مرحلة فساد وهندخل على مرحلة أعلى.

ورغم إن إحنا عندنا القوة وأنا بالذات عندى إننى أقدر أعمل اللى أقدر أعمله لكن فى أوقات فيه حاجات ماكنتش بأقدر أعملها.. إذا فيه عيب فى السيستم.. فيه عيب كبير جدا.. وهو العملية المقفولة اللى مشيت واتخذت ذريعة لكل واحد يعمل فى وزارته زى ما هو عايز.

طب أنا هاحاسب مين ولا مين؟ ولا أنا عارف جارى إيه فى وزاراتكم؟ أنا ما أعرفش وإن عرفت يا سماعى يا تقارير مخابرات والمخابرات هايجيبوا منين؟ من واحد باشكاتب عند سيد مرعى «مثلا» ولو كان صديق سيد مرعى وده مايرحلوش أو قد يكون ناقماً عليه جدا وده اللى يروحوله عادة بتوع الداخلية وبتوع المخابرات عشان يجيبوا منه التقارير ويقولوا: جت لنا معلومات بالشكل ده!.

وبعدين فى مجلس الأمة برضه ما حدش هيجرؤ يقف يقول إن سيد مرعى عين قرايبه وجاب ناس من العزيزية ولا اسمها إيه؟.

سيد مرعى: العزيزية يا فندم.

عبد الناصر: أكتر من كده يقولك: ما هو سيد مرعى.. هانتكلم عن سيد مرعى؟.. لكن يطلعوا يتكلموا بره فى مجالسهم الخاصة ويكبروها وبرضة تحت ستار المجتمع المقفول الناس بتتخوف والناس ممكن تتهدد وزى ما حصل فى وزارة ثروت عكاشة (الثقافة) إن واحد راح قال للناس: هاعتقلكم.. وهو ما عندوش سلطة الاعتقال ولا ثروت عكاشة نفسه عنده سلطة الاعتقال ولا على صبرى عنده سلطة الاعتقال مش كده؟.

صوت: أيوه.

عبد الناصر: لكن الناس خافت وصدقوا إنه ممكن يعتقل.. وزى الناس اللى برضوا بيروحوا وبيقولوا: إننا ممكن نفرض حراسة وممكن نعمل ونسوى إلى آخر هذه المعاناة.. وفيه حاجات كتيرة جدا حصلت فى السنوات الأخيرة.. الناس بقى عندها حساسية إنها تتكلم وفى مجلس الوزراء الناس عندها حساسية وفى برة مجلس الوزراء ما حدش.. يعنى الواحد ممكن يكلم زميله لكن ما يتكلمش.. هذا عيب كبير موجود.

أنا كنت بفكر إن لا بد من أن تكون هناك معارضة منظمة.. معارضة منظمة للحكومة.. يعنى معارضة حقيقية.. المعارضة الفردية اللى موجودة فى مجلس الأمة معارضة هزؤ جدا ولا يمكن أن تؤدى الغرض وأيضا معارضة جبانة لا يستطيع أحد منها نظرا لأن النظام مقفول يقول: إن أنا شايف سيد مرعى عين ناس من العزيزية وجاب أهل بلده وما فيش عدالة فى الحتة دى.. أنا بأقول ده على أساس إن الكلام معاك يعنى «ضحك».

سيد مرعى: أيوه.

عبد الناصر: وفيه جبن الحقيقة.. فى مجلس الأمة فيه جبن.. الحقيقة السيستم اللى ماشى بيه الحكم لو استمر بهذا الشكل ما أعرفش البلد هتقع فى إيد مين بعد كده.. يعنى ممكن البلد يبقى فيه فظائع أكثر من الفظائع التى نسمع عنها فى أمريكا اللاتينية.

هذا الكلام حصل معايا أنا وما حدش هاييجى بعدى أقوى منى وأستطيع أعمل أى شىء والبلد تقبل فما بالكم بالمستقبل؟.. يعنى الدولة تحولت إلى مناطق مستقلة والواحد كان شايف الصورة اللى ماشية وأهو كل واحد متشبث بمنطقته المستقلة وكان فيه مشاكل كثيرة فى الفترة اللى فاتت دى تعبتنى جدا ماكناش بنتكلم وما كانش حد اتكلم عليها ولكن أنا شايف الصورة قدامى أسوأ.

قدامنا فرصة النهاردة نصلح كل هذه العيوب وبتكون المهمة بتاعتنا إن إحنا البلد اللى ادتهولنا يعنى لازم نديها قصاده حاجات كتير جدا.. ولا إيه يا دكتور قيسونى؟.

عبد المنعم القيسونى (وزير التخطيط): أيوه.

عبد الناصر: لازم الحقيقة نحط البلد النهاردة نظام وهذا النظام يؤمن البلد من أى عصابات فيه عصابات فى الدولة أو مغامرات وبعدين لازم نحط نظام بيخلى كل واحد عارف إن لو غلط هذا الغلط الناس هيقولوه: إنت غلطت أنت ليه ما عملتش كده؟ لكن النهادره قد تسول للواحد نفسه إنه يعمل حاجة وهو حاسس إنه هينفذ بيها فى الظلام وفى هذا النظام المقفول.

وبنقول سيادة القانون.. مهما قلنا.. ما أنا قلت فى خطبى سيادة القانون قبل ما تقولوها.. يعنى قبل ما يقولها عصام (عصام حسونة وزير العدل) فى المجلس.. مش كده؟.

وبعدين نيجى تانى نقول: لا عايزين سيادة القانون.. ده ما فيش قانون.. بيطردوا الناس من أراضيها.. وده مثل صغير على موضوع سيادة القانون.. فيه أمثله أصرخ من هذا المثل بكثير.

وممكن نقعد نقول النهاردة وبكره وبعده السيستم اللى إحنا ماشيين بيه سيادة القانون ولن تكون سيادة للقانون أبدا وممكن إن إحنا بنقول: نحرر الناس من الخوف وتحرير الوطن والمواطن ولا يمكن.. كل الناس خايفة ولا يمكن نحررالوطن والمواطن.

لابد أن تكون هناك معارضة.. ميزة المعارضة أنها حتصطاد لك الأخطاء.. لو مشينا فى السكة اللى ماشيين فيها بنبقى لبسنا البلد مصيبة كبيرة وجنينا عليها.. طالما إحنا ما بنتحاسبش على أى أخطاء منا كل واحد سالك طريق الخطأ سواء اللى قاعدين هنا أو اللى برة كل واحد سيجد طريق الخطأ لذيذاً وكويس وقد ينقاد فيه.. ولكن إن وجدت معارضة حقيقية كل واحد عامل حسابه إن هذه المعارضة خطر على وجوده فى الوزارة وفى العمل السياسى وإنه لو راح عمل العملية الفلانية يتفضح تانى يوم فى البلد.

النهاردة أى واحد فيكم يقدر يعمل أى حاجة والجرايد ما تكتبش ولا حدش يكتب ولا حدش يجرؤ فى مجلس الأمة إنه يعمل حاجة.. انا أعتبر ده الموضوع الأساسى فى البلاد.

عبد العزيز السيد (وزير التعليم): من الطبيعى إن أى نظام يعتمد على أشخاص مهما كانوا صالحين نظام مقفول سيؤدى إلى نفس النتيجة اللى بتقولها سيادتك لكن من جهة أخرى نظام الحزب الواحد بيؤدى إلى هذا ما نقدرش معاه نعمل نقد أو حرية أو غيره إلا على حالات فردية وده يئول فى الآخر إلى ديكتاتورية بعض الأشخاص.

المعارضة ما بتتخلقش.. يعنى ما تقدرش فى نظام الحزب الواحد تخلق معارضة لمجرد إن عايزين معارضة فالسؤال الأساسى: هل يمكن داخل الاتحاد الاشتراكى خلق حزبين؟.

هل ممكن هذا؟ إذا أمكن هذا تقدر تخليه نقطة البدء.. وشعور الناس بأنها تقدر تغير الأشخاص وتقدر تغير الأجهزة ضرورة لأن أمن الناس وحريتهم فى الحقيقة إنهم يقدروا يشيلوا ويغيروا هذه الوزارة وهذا الحزب ويجيبوا التانى لأن ده أصلح والاثنين فى النظام الاشتراكى.. هل ده ممكن؟.

سيد مرعى: اللى حصل فى 9 يونيو (تظاهرات طالبت بعودة عبد الناصر بعد تنحيه) بيلقى مسئولية كبيرة على سيادتك شخصيا وأنا شفت مناظر كتير فى هذا اليوم بتدل على شعور قوى جدا ولابد أن يكون لها تأثير وتغيير جوهرى مش الخروج على النظام الاشتراكى بطبيعة الحال إنما بتوفير جو صحى أكثر ملاءمة لقوى الشعب العاملة من عامل إلى مدير شركة إلى رئيس مؤسسة وما أخفيش على سيادتك إن كل الناس منتظرين اللى حاتعلنه سيادتك من خطط للمستقبل.

وأنا لا أنكر أن الاتحاد الاشتراكى قام بمجهود كبير فى الريف لكن ليه ما شدش الجماهير كلها إليه؟ ليه مجلس الأمة ما شدش الجماهير كلها إليه؟ الشد العاطفى اللى كنا بنشوفه زمان أيام حزب الوفد لما كان الفلاح الصغير مشدوداً إلى الوفد بإيديه ورجليه وبسنانه وبيطلع يتظاهر وبيعمل كل حاجة بينما كان لما نحلل سياسة الوفد مثلا ما نجدش إنها كانت بتنعكس على حياة الفلاح أو العامل بصورة من الصور ومع ذلك كان ماشدود.. كل منظماتنا الجماهيرية ما بتشدش الناس.

وبعدين برضة صورة أخرى الإخوان كانوا بيحركوا البلد قبل الثورة من أولها إلى آخرها بس ده كان بسبب عامل الدين وبالمناسبة شعبنا متدين وبيعتقد إن ده مدخل من المداخل السليمة إليه وبيتأثر بيها تأثر كبير.

ولو كانت الانتخابات اللى تمت حرة طب ليه ما شدتش الجماهير إليها ليه الجماهير بعدت عن هذه العملية؟.

أنا بأضرب مثل من غير زعل فليه؟ لأنه أتوجد نوع من المجالس عزل الناس عن متابعة ما يجرى فيه وهنا أسأل: هل الأحسن إن إحنا نكون حزبين؟ واحد منهما على الأقل ينتقد الوزراء رغم حساسيتهم للنقد.

لكن كيف توجد المعارضة وتنظيمها ما هى المعارضة سلاح ليه حدين لأن قد تكون المعارضة إذا كانت مطلقة فاسدة وقد يكون غرضها التجريح فقط وبالتالى بتنعكس على النمو الكبير اللى تم فى 15 سنة والتجريح غالبا ما يكون شخصيا أو يكون تجريح الموضوع وسيلة لتجريح الشخص ودى بنشوفها فى إنجلترا نفسها.

يبقى لابد إنه داخل الاتحاد الاشتراكى يكون فيه حزبان كاملان ويكون خلافهما على موضوعات معينة ظاهرة.

الخطورة اللى جعلت النظام مقفول إن الشخص يتروى قبل ما يتكلم لأنه لو قال رأيه ربما يتهم بأنه رجعى أو رأسمالى وأصبحت موضة إن الأكثر تقدمية هو الأكثر يسارية إلى حد أن أحدهم وزع مجلة عسكرية سورية فيها أن الدين معوق للتقدم.. ده موجود وله آثار خطيرة.

والحقيقة إننا فى الاتحاد الاشتراكى حزبين مش حزب واحد لكن حزب بيتكلم وحزب خايف يتكلم ولو اتكلم الصامتين سنجد معارضة قوية لكن ليست من أجل المعارضة.

فاضل نتكلم عن حق الفرد تجاه الدولة.. قبل الثورة لو جت حكومة وفصلت موظفاً كان بيلجأ إلى مجلس الدولة ليحكم فى صالحه وبعودته ولكن بعد الثورة تراجع ذلك.. أنا باشوف إن تدعيم مجلس الدولة ضرورة.. محكمة تضمن حق الفرد تجاه الدولة أمر مهم جدا حتى يطمئن الناس.. المحكمة فيها مستشارون بيحكموا بالقانون ولا يمتون للحكومة بصلة.

ونأتى لنقطة مهمة أخرى اللى هى ديوان المحاسبات.. ديوان المحاسبات لما كان تقريره بينزل مجلس الأمة كان بيبقى زى المولد فى المجلس وأنا حضرت وشفت يعنى الناس تتلقف التقرير وتدرسه والجرايد تكتب فيه أيام عريضة طويلة والوزراء يقفون يردون على التقرير ويفندوه لأن مش كل اللى هيكتبه ديوان المحاسبات بيبقى صحيح إنما الوزير بيرد عليه وبعدين بيطرح فى نقاش عام.. لكن.. منذ فترة لم يعد التقرير يصل المجلس وربما ضاعف ذلك من حجم الفساد.

وده أحد أسباب إن الوزير طايح فى وزارته زى ما سيدتك قلت.. وهناك أسباب أخرى.. منها أن عليه تنفيذ تكليفات فى الخطة ولكن بطريقة بيعتقد أنها صح.. ومنها أن عدد أطقم الموظفين أكبر من حاجة العمل.. وبعدين ما كان فى مجلس الوزراء اجتماعات زى اللى بتحصل النهاردة وده خلى الوزير طايح.. وهنا برجع إلى ضرورة توفير مناخ صحى حتى يستريح الناس.. الشعب بيعتبر سيادتك مسئول ميه فى الميه والمسئولية زادت عن الحد لدرجة كبيرة.. أى غلطة فى الوزارة ما بيلمونيش عليها وإنما بيتكلموا على سيادتك فورا.

وبعدين المسئولية تبلورت بصورة أقوى بعد 9 يونيو سيادتك مهما أعطيت الشعب من حرية أنت بالذات لا يمكن أن ينكرها عليك أى واحد منا.

أى واحد بينتمى للنظام ومش عارف يبقى جماهيرى أو شعبى بيحملك مسئولية كبيرة جدا وبيتعبك معاه تعب طويل وعريض.. وكلامى أيضا بينصب على جميع الإجراءات التى قد تتخذ.. أى إجراء حتى باعتقال شخص.

عبد الناصر: لابد أيضا من دعم مجلس الأمة.

سيد مرعى: مجلس الأمة فيه خمسين فى المية عمال وفلاحين ولكن اقعد سيادتك تلاقيهم مالهمش علاقة بالفلاحين لن تسمع الحقيقة إلا من الفلاحين فى القرى وليس الفلاحين فى مجلس الأمة طب ليه لأن فلاحين المجلس لوناهم يعنى مسكنا فرشة ودهناهم بوية مابقاش عارف هو بيمثل الفلاحين ولا عارف هو بيعبر عن مين؟ وابتدى يفكر بتفكير سياسى إن الكلمة دى هتغضب الوزير أو لا تغضب الوزير وده أسباب ضعف مجلس الأمة.

عبد المحسن أبوالنور وزير استصلاح الأراضى: مبدأ إن يبقى فيه أكتر من حزب ده مرتبط فى الواقع بأهداف أكثر ما تكون نقطاً أو مسالك أو أسلوباً.. النظام مبنى على أهداف معينة.. أهداف اشتراكية وما فيش خروج على هذه الأهداف فإذا اختلفنا بنختلف على قدر تنفيذ هذه المبادئ.. لكن وجود أكثر من حزب ينقل الاختلاف إلى أى هذه المبادئ.. وكده العملية هتتسرسب منا.. ولن تكون علاجا.. حزبين قصاد بعض.

لكن النقطة اللى مسها الأخ سيد مرعى مهمة أن النواب الذين يمثلون الشعب فى القرية أو فى المصنع انعزلوا عن بيئتهم وانفصلوا عن الجهة اللى بيستمد منها المشاعر الحقيقية.

أنا بيتهيألى إن إحنا مشكلتنا عاوزين يبقى فيه الرأى معبر هو فى الواقع يجب أن يكون ترديدًا لرغبات الشعب وهى دى فى النهاية لو عرفنا نتجه نحو التجاوب الحقيقى للشعب فى جميع الاتجاهات.

بدل ما نعمل حزبين قصاد بعض ما نعملها عملية رأسية من خلال المجالس الشعبية المنتخبة نقدر نجمع آراء الناس وكده نكون بنعرف رغبات الناس من الجذور بعد ما نفتح لهم مجال الرأى ومجال الفكر ونوسع الصدور.

هذه المجالس المنتخبة هتساعدنا فى بلورة المشاعر الحقيقية وتربط ما بين الاتحاد الاشتراكى ومجلس الأمة ويبقى أخذت الرأى السليم من القاعدة دون أن أخل بمبدأ الالتزام.

عبد الوهاب البشرى (وزير الإنتاج الحربى): بالنسبة يا فندم لنقطة المعارضة فى الحقيقة سيادتك أكدت فى أكثر من خطاب وألقيت ضوءاً عليها الآن واضح أن سيادتك بتقصد من هذا عاملين أو هدفين يحققان ما تسميه سيادتك بالمعارضة.. الهدف الأول: إن أنا أراقب الأخطاء اللى ما فيش فى الدنيا جهاز يقدر يوصلها لنا توصيلة كاملة.. والحاجة الثانية: بنقضى على ما قد ينشأ من خوف لدى الناس اللى مش عايزة تتكلم.

فى نوعين من المعارضة الحقيقية فيه معارضة بتحقق الهدفين اللى قلناهم لكنها قائمة أيضا على أن المعارض مختلف فى فلسفته اختلافا كاملا مع اللى بيعارضه لأن لما بنيجى نشوف حزبين حزب يسارى خالص وحزب يمينى خالص وبيبقى واحد منهما فى الحكم وبيبقى اللى مش فى الحكم يعارض وبيكشف الأخطاء وبيشجع الناس على الكلام لكن فى نفس الوقت فيه اختلاف كامل فى الفلسفة بين الحزبين هنا أنا باعتقد ما يمكنش نسلم بهذا النوع من المعارضة بمعنى إن تنشأ معارضة تختلف فى الفلسفة مع اللى إحنا ارتضيناه ومشينا فيه.

وأنا بأقول خصوصا بعد 9 يونيو لأن الفئات اللى خرجت يومى 9 و10 يونيو دول حقيقة كانوا الشعب ولكن مين الفئة الكبيرة من اللى طلعوا يوم 9 و 10 يونيو بعد خطاب سيادتك بسبع دقائق؟ أنا شفت الناس فى الشوارع مندفعة اللى طلع مين؟ كانوا العمال والفلاحين وبعدين أنا أعرف فى بلدنا كانوا بيدوروا على عربية بالإيجار علشان تجيبهم القاهرة وتشحنهم هنا.

صوت: طبعا كل الناس هنا.

عبد الوهاب البشرى: فهنا الفلاحون والعمال شكلوا الفعالية اللى تمت أنا بأقول كل الناس وكل الفئات خرجت لكن فى الواقع النسبة الكبيرة ذات الوزن الكامل الحقيقى هى العمال والفلاحون.

الفكرة الثانية للمعارضة على أساس إتقان الفلسفة العامة للحكم.. ممكن نختلف فى كثير من النقاط ولكن ليس فى فلسفة الحكم.

السؤال: هل ينشأ لهذا حزب مختلف؟ كلنا متفقون فى الفلسفة والاتجاه العام لكن الأسلوب يخلينا نختلف أو درجة القوة فى التطبيق تخلينا نختلف.. أنا باقول: يمكن فى الفترة الجاية حتى لو جاهز التصور ده يبقى فى الفترة الجاية لا يجوز لأن الحزبين فى هذه الحالة معناه إن كل حزب حيتشغل بفلسفته وهايتحول الأمر إلى صراع.

يبقى المعارضة تكون من داخلنا ولكن بضمان أن يجب محاسبة الوزير ويمشى إذا مسكت له أجهزة معينة أخطاء.. لكن من سيحاسب الوزير؟.. هنا نقول اللجنة المركزية اللى نحن نشكلها بحيث يكون لها غرضان غرض الناس تتكلم وتناقش وغرض محاسبة المخطئين مهما كانوا ولو كنت سيادتك طالبت باجتماع لها كل ستة شهور فأنا باطالب يكون الاجتماع كل ثلاثة شهور ونقدر من خلالها نحاسب الوزير ونقول له امشى.

على أنه يجب أن تكون هناك ضمانة سواء فى النقد أو الاتهام لأن من السهل إن نقول للوزير انت عملت وسويت لكن لو اللجنة المركزية أو مجلس الأمة ما درسش ودعم اتهامه بأسانيد وأدلة قوية يبقى من الممكن الوزير نفسه ينحرف أو قد يكون ضحية لمؤامرات شخصية من بعض الأشخاص اللى بياخدوا منه موقف.

كمال رفعت (وزير العمل) ما عرفش هل مفروض وجود أكثر من حزب ولا معارضة من داخل التنظيم القائم؟ وهنا نسأل: ما هو شكل هذه المعارضة؟ وهل هى بتتبنى قضية معينة؟ وهذه القضية المعينة قضية اجتماعية؟ أنا فى تقديرى أى شكل فى نظام أى حكم بيقوم أساسا على القضية الاجتماعية اللى بيعالجها وإذا كانت القضية الاجتماعية عندنا تحققت فى الميثاق إذا أى تنظيم بيقوم ما هو إلا وسيلة لتحقيق هذه القضية أو تحقيق صورة المجتمع اللى موجودة أو اللى بنرجو إنها تقوم.

إحنا فى مرحلة تحول وصراع بين شىء جديد وشىء قديم إلى أى مدى الجديد استطاع إنه يثبت وجوده فى وسط الجماهير؟ وإلى أى حد القديم لا يزال له مواقع قوية ويستطيع إنه يجابه بها القوى الجديدة الموجودة؟ ومن هنا قضية قيام معارضة أو عدم قيامها تكون مسألة شكلية.

إن وجود حزب آخر يعنى أن يبدأ بمعارضة مواضيع بسيطة لكنه سيصل إلى القضايا التى تمس حياة المجتمع ككل فى المستقبل.

والديمقراطية لا يمكن أن تتحقق لمجرد وجود حزبين أو أكثر ولكنها تتحقق بنوع من التوازن بين القوى السياسية نفسها فى المجتمع مع النظام الاقتصادى أو القوى الاقتصادية اللى موجودة وده بيحدد لنا ما هو هيكون عليه دور المعارضة دور مصلح أم دور مدمر؟.

الظاهرة الأخرى اللى يجب أنها تعالج هى تخلف القوانين أساسا عن مسايرة التطور الاجتماعى وعن التعبير عن حقيقة العلاقات الجيدة فى داخل المجتمع وده يمكن أدى إلى تناقضات كثيرة وده اللى يمكن بيأدى إلى إن نقول: إن مفيش مبدأ سيادة القانون لأنه فى الواقع ده بيرجع أساسا إلى أن القوانين فعلا متخلفة عن التطور وما بتعبرش عن حقيقة العلاقات الجديدة فى المجتمع.

وهناك أيضا قضية التخلف العلمى وتخلف البحث العلمى خصوصا فى المرحلة القادمة.

عبد العزيز السيد: المعارضة فى أى هيئة منتخبة ما تبقاش معارضة لأن المعارضة ارتباط بين الناخبين والشعب ومن هنا المعارضة لازم تكون انعكاساً لرأى الشعب.. أما أن تنشأ المعارضة بعد الانتخابات فهذا يذكرنا بما فعل إسماعيل باشا فى مجلس شورى القوانين حين عينت الحكومة المعارضة بفرمان من الخديو.

ولما أقول حزبين داخل النظام الاشتراكى طب حيكونوا شكل بعض ولهما نفس الأيديولوجية.

عبد الناصر: تاخد إيه؟.

عبد العزيز السيد: نأخذ بالحزبين بعيدا عن الاتحاد الاشتراكى والحزب اللى يختاره الشعب فى الانتخابات يكون معبراً عنهم ويخليهم يتكلموا بالحرية اللى إحنا بنطالب بيها باختصار نحط المبادئ فى أيد الناخبين.

كمال رفعت: من هنا أنا باطالب أن نناقش العملية بعمق أكبر وإلا قد تؤدى بنا إلى أخطار إحنا لا نستطيع التنبؤ بها.

لبيب شقير (وزير التعليم العالى): بالنسبة للكلام عن المعارضة هو أساسا رقابة والناس تعبر عن رأيها بوضوح أنا أعتبر إن فيه فرق بين المعارضة والرقابة وأعتقد أن من الأسباب اللى خلت العملية دى ظهرت فى الخمس سنين الأخيرة عدم استكمال الجهاز السياسى بعد تشكيل الاتحاد الاشتراكى لأن كان مفروض نعمل المجالس الشعبية فى المحافظات وهى قد تتولى الرقابة واللجنة المركزية وباقى التشكيلات السياسية وهى كفيلة بالرقابة الأعلى وممكن قوى تكون المعارضة فى إطارها.

النبوى المهندس (وزير الصحة): لا خلاف على المعارضة لابد أن تقوم ولكن الخلاف فى الثوب الذى ترتديه المعارضة هنا أشعر أن على سيادتك أن تشرح لنا ما غمض علينا.

عبد الناصر: بكل أسف ما عنديش فكرة راسخة فى رأسى عايزكوا تنورونى وتتكلموا أنا باقول أنه فى عيوب وبعدين إذا استمر هذا النظام بهذه العيوب ستنتهى البلد إلى كارثة.. العيب فى النظام.. وممكن أنا أمشى سيادة القانون ولكن ممكن حد غيرى ييجى ما يمشيش سيادة القانون.

ما هو إحنا فى آخر مرحلة لينا فى العمل يعنى داخلين على الفترة النهائية لازم نسلم القيادة لناس لكن لو سلمتها لهم بهذا السيستم نكون قد اتجهنا إلى المجهول متعرفش الناس اللى جاية هاتيجى منين فيه ناس كثيرة بتعد نفسها علشان تاخد الحكم فيه ناس فى الجيش أنا معتقلهم النهاردة كانوا بيكونوا طبقة داخل الجيش كان فيه طبقة داخل الجيش بتعد نفسها علشان تحكم هم صغيرين فى السن وكون فيه تنظيم داخل الجيش يعنى أنا ما كنتش أعرفه فيه ناس طموحين صغيرين بيعتبروا عن طريق هذا النظام ممكن يوصلوا إلى القمة مش برضه عن طريق الانقلاب ولكن الانقلاب ممكن يحصل فدول برضه عن طريق العمل السياسى بتاعنا اللى إحنا ماشيين فيه عن طريق العمل المغلق بيجى واحد ومعاه ناس وتتلم العملية يعنى بتتاخد العملية.

طيب تحت هذا النظام اللى إحنا فيه إذا جه شخص بهذا الشكل وإذا حصلت حاجة بهذا الشكل وخد قوة وكذا وكذا وكذا وبعد 5 أو 6 أو 8 سنين مسك البلد القوى هو اللى هيحكم ويمسك البلد أنا ما عرفش مين القوى؟ زكريا محيى الدين ولا حسين الشافعى ولا على صبرى؟ مين القوى ما بقولش؟ أنا معرفش هيقدر يمسك ويصفى الاثنين؟.

صوت: أو واحد من برة خالص بقى.

عبد الناصر: أنا فى رأسى بقى إن القوى مش أنتم.

صوت: واحد غاوى تعب من برة.

عبد الناصر: لا.. مش تعب ولا حاجة.. القوى فى هذا السيستم المقفول وهذا هو الموجود فى الاتحاد الاشتراكى هو اللى بياخد العملية برضة يعنى طرحى ده طرح للموضوع إنتم اتكلمتم فى فرعيات للموضوع ما خدتوش الموضوع كما طرحته.

طب افرض الراجل ده طلع زى بتوع أمريكا اللاتينية لا هو مثقف ولا هو كذا ولا كذا وممكن إذا وصل إلى القمة بيعمل إيه فى البلد؟ طبعا القوى اللى طالع ده معاه شلة أو حزب حتروح البلد فى داهية أنا ما بتكلمش عن النهاردة أنا باتكلم إن دى مرحلة هاتيجى وهاتقابلنا.

إحنا إذا لم نؤمن نقط الخطر دى كلها ونعمل السيستم اللى يضمن للناس دى فى المستقبل ما يتبهدلوش نبقى ليه نبهدلهم؟ ليه إحنا نتسبب فى بهدلتهم أنا بأقول عايز أمن البلد للمستقبل ولكن كيف هذا؟ هو الموضوع اللى طرحته.

كيف تؤمن البلد من هذه المحظورات كلها بحيث إنك تعمل حاجة سيستم نمشى عليه ونضمن للبلد سلامتها فى كل الأحوال وكل الظروف؟.

المستقبل غامض والمواضيع اللى بكلمك فيها بصراحة لأن فيه قوى كتيرة متصارعة وكلكم حاسين بيها فيبقى السؤال هو كيف نصنع النظام السليم اللى يكفل البلد فى مستقبلها حتى بعد إحنا ما ننهى دورنا وده لازم نعمله دلوقتى.

لكن القدر لم يمهل عبد الناصر على تحقيق ما يريد.