عبدالحفيظ سعد يكتب: "دليل الصحراء".. الرقم المجهول فى معركة الإرهاب

مقالات الرأي



كاشفو أسرار الأرض المجهولة والرمال

■ إحصائيات إعلامية تشير إلى أن عددهم لا يتجاوز 100 فى الصحراء الغربية والواحات.. وأرقامهم مجهولة فى سيناء


«دليل الصحراء» رقم مهم فى المعركة التى تخوضها مصر حاليا ضد الإرهاب، وذلك بعد أن ركزت التنظيمات الإرهابية عملياتها ومناطق اختبائها فى الصحراء سواء فى سيناء أو فى مناطق الواحات بصحراء مصر الغربية. وهى المناطق المعروفة بوعورتها وصعوبة التحرك فيها، إلا عبر دليل يستكشف ويرشد عن الطرق الخفية فيها ومناطق الاختباء فى المغارات والدروب.

وبرز «الدليل» فى العملية الإرهابية الأخيرة عند الكيلو 135 بطريق الواحات والتى لم يكن ضحيتها فقط الشهداء من ضباط وجنود الشرطة، بل ضمت أيضا الشهيد صلاح الشولحى المعروف بـ»فزاع الشدايد» الذى كان يعمل كدليل للشرطة فى تتبع أثر الإرهابيين، وهو شاب فى الثلاثينيات من عمره، ينتمى لمركز الدلنجات محافظة البحيرة ويعمل فى إحدى شركات البترول فى مناطق الواحات وسيوة منذ 4 سنوات كدليل.

ولذلك تعد مهنة «الدليل» أو ما يطلق عليه «قصاص الأثـر»، من الأوراق المهمة فى عملية تتبع الإرهابيين، وربما تكون ورقة ليس فى عملية التتبع فقط، بل أيضا تلعب دورًا مهما فى الكشف عن تحركات الإرهابيين والذين يلجأون بالمثل إلى «الدليل» فى تحركات فى داخل الصحراء، فى ظل وجود مؤشرات إلي أن العناصر الإرهابية تنتقل عبر الحدود، سواء الغربية مع ليبيا أو الجنوبية الغربية مع السودان.

والدليل مهنة لا يقدر عليها أى شخص، بالنظر إلى ما تحتاجه من تكوين خاص يتوارث أبا عن جد، ورغم اتساع الصحراء الغربية فى مصر، تشير إحصائيات إعلامية إلي أن عدد «الأدلة» لا يتجاوز مائة شخص، كان أبرزهم الحاج صالح زيدان والملقب بـ«أبوالصحراء» الذى توفى قبل عامين عن عمر يناهز الـ 92 عاما، بينما لا يوجد حصر للذين يعملون كـ»أدلة» فى سيناء، رغم أن غالبيتهم يعملون فى مجال السياحة خاصة فى جنوب سيناء.

واستعان بمهنة الدليل فى البداية التجار، فى عملية إرشاد قوافل نقل البضائع عبر الطرق الصحراوية، ولكن مع انتشار السياحة بدأ يزداد عمل الدليل خاصة فى مناطق واحة سيوة والفرافرة، وصولا إلى صحراء الجلف الكبير، فى المغارات البدائية.

ومن هنا يبرز الدور الذى يمكن أن يقوم به دليل الصحراء فى أي عمليات خاصة بمطاردة الإرهابيين، خاصة أن هذه المهنة تعد من المهن النادرة التى تتطلب مواصفات خاصة لا تتوافر لأى شخص، خاصة أنها تعد مهنة متوارثة، ولا يعمل بها إلا عائلات وشخصيات معينة، ممن يعرفون ويكشفون أسرار الصحراء، وهو ما يجعل لهم مكانة خاصة داخل قبائلهم.

ومعركة السيطرة على دليل الصحراء، لا يتنازع فيها فقط مع الإرهابيين، بل أيضا المهربون والتجار فى الصحراء، الذين يحرصون على الاستفادة من الدليل فى اختراق الطرق السرية فى الصحراء.

ولعل ما قام به المهربون من استهداف «الأدلة» فى الصحراء الغربية خاصة فى واحة «الفرافرة» قبل ثلاث سنوات، وتهديدهم وتصفية بعضهم، حتى لا يرشدوا الشركات المنفذة للطرق الممهدة التى تربط مدن الصعيد بالفرافرة، قبل 3 سنوات، أثناء تنفيذ الطريق الدولى الذى يربط أسيوط بواحة «الفرافرة»، خير دليل على أهمية مهنة الدليل، فى الكشف عن أسرار الصحراء، ورغبة المهربين فى عدم وجود طرق تكون كاشفة عن أعمالهم الإجرامية فى التهريب خاصة فى السلاح والمخدرات.

ومن هنا يظهر أهمية الدليل ليس فقط فى عملية محاربة الإرهاب، بل أيضا فى عملية التنمية، والكشف عن أسرار الصحارى والتى لا يٌعرف عن أسرارها الكثير..

وربما الحادث الإرهابى الأخير فى الواحات يدفع أجهزة الدولة للعمل على رصد العاملين بهذه المهنة ومحاولة استقطابهم، ومحاولة إيجاد طريقة لوضع خريطة لدروب صحراء مصر، والتى يسعى الإرهابيون لفتح نقاط ساخنة فيها، واستغلال دروبها الوعرة فى عملية الاختباء والتحرك، واستغلال عدم وجود طريق لملاحقتهم غير «دليل الصحراء».