عضو الفتوى بالأزهر يكشف حكم الزنا في محادثات الفتيات والشباب.. ويؤكد: أفكار إرهابي الواحات "مغلوطة" (حوار)

تقارير وحوارات

صالح محمد عبد الحميد
صالح محمد عبد الحميد


الجهاد ليس فرض عين


قائمة الأزهر ليست نهائية


استغلال الدين لمكاسب سياسية حرام شرعًا


اتهام الأزهر بالتقصير في تجديد الخطاب الديني ظُلم


الإعلام يفتح باب الفتاوى الشاذة


فتوى معاشرة الزوجة المتوفية فُهمت بالخطأ

 

فجر صالح محمد عبد الحميد عضو لجنة الفتوى بالأزهر الشريف، العديد من التصريحات الهامة حول حوار الإعلامي عماد الدين أديب مع إرهابي الواحات عبدالرحيم المسماري، واتهاماته المغلوطة للنبي محمد حول قيامه بقتل أعمامه من أجل الدعوة، فضلًا عن كشف حقيقة قائمة الشخصيات المسموح لها بالإفتاء عبر وسائل الإعلام.

 

وأوضح عبد الحميد، في حواره لـ"الفجر"، أن القائمة التي أعلن عنها الأزهر مؤخرًا بالمسموح لهم الظهور إعلاميًا للإفتاء، كانت بناء على طلب تقدم به المجلس الأعلى للإعلام بترشيح قائمة من علماء الأزهر المتخصصون في أعمال الفتوى والأزهر أرسلها كبداية فقط وليست نهائية، متطرقًا إلى العبادات الموسمية، وخلط بعض الجماعات والأحزاب الدين بالسياسة.. وإلى نص الحوار:

 

* بدايةً، إرهابي الواحات صرح مؤخرًا أن الجهاد أصبح فرض عين، بما ترد؟

إدعاء البعض بأن الجهاد بات فرض عين على كل مسلم الآن كلام خاطئ، لأن الجهاد في الإسلام يصبح فرض عين في حالة واحدة، وهو أن يدخل العدو ويهاجم المسلمين في ديارهم فوقتها فقط يصبح الجهاد فرض عين.

 

*وما تعليقك على قوله إن النبي قتل أعمامه من أجل رفع راية الدعوة؟

ماصرح به هذا الإرهابي من أن النبي قتل أعمامه لينشر الإسلام والدعوة، كلام ينم عن جهل صارخ لأحكام شريعة الإسلام التي نعلم جيدًا عنها أنها ما انتشرت إلا بأخلاق المسلمين وسماحتهم ورحمتهم حتى مع المخالفين لنا في العقيدة، فالله قال لنا؛ (لإكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي)، وقوله؛ (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر)، فكيف يقال هذا الكلام وكيف يقال أن النبي قتل أعمامه من أجل انتشار الإسلام؟!.

 

فالنبي لم يقتل أحدًا بسبب عقيدته ما دام مسالمًا للمسلمين ولم يبدأ هو بقتال المسلمين والتعدي عليهم، فالحرب والقتال شرع في الإسلام لرد العدوان فقط وليس لنا أن نقاتل من يخالفنا في العقيدة بسبب عقيدته هذا لم يحدث مطلقًا من النبي ولا من أصحابه ولا من أي مسلم بعده.

 

*كيف استقبلتم القائمة التي خرجت من الأزهر بالمسموح لهم الظهور للإعلام؟

فيما يخص القائمة التي أعلن عنها الأزهر مؤخرًا كانت بناء على طلب تقدم به المجلس الأعلى للإعلام بترشيح قائمة من علماء الأزهر المتخصصون في أعمال الفتوى والأزهر أرسلها كبداية فقط وليست نهائية.


 وكما أعلن الأزهر عن ذلك أن الباب مفتوح للجميع لمن أراد عليه أن يتقدم بإدراج اسمه وتخصصه، فالأزهر به علماء كثر لا حصر لهم في جميع التخصصات وهذه القائمه بدايه فقط.

 

*ما الحكم في اختلاط الشباب والفتيات بالجامعة؟

مسألة الاختلاط عمومًا في مؤسسات التعليم المختلفة في المرحلة الجامعية وغيرها الأصل فيها الإباحة، لأنه ليس هناك مانع شرعي يحرم الاختلاط، بشرط أن يكون في الحدود والضوابط التي وضعتها الشريعة وأن لا يترتب على هذا الاختلاط أفعال مسيئة تقع في دائرة الأفعال المحرمة مثل الخلوة بين الشاب والفتاه في مكان ينفردان بالحديث فيه لنهي النبي صلي الله عليه وسلم عن أن يختلي الرجل بالمرأة في قوله، "ما اختلي رجل بإمرأه إلا كان الشيطان ثالثهما".

 

وأيضًا مثل إطلاق النظرة المحرمة من الجانبين وعدم غض البصر، لقول الله عزوجل وجل مخاطبًا الرجال والنساء بغض البصر، في قوله تعالي (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم)، فلو تم اجتناب هذه الأمور من غض البصر واجتناب الخلوه فليس هناك شرعا مايمنع الإختلاط.


أما إذا صاحب الاختلاط إطلاق البصر والخلوة المحرمة وعدم الالتزام بالآداب والضوابط الإسلامية بين الجانبين فحينها يصبح الاختلاط محرمًا ووقتها شرعًا يجب الفصل بين الذكور والإناث.

 

*حكم المحادثات بين الشباب والفتيات عبر وسائل التواصل الإجتماعي ووصف البعض لها بأنها زنا؟

من التنطع والتشدد المنهي عنه في الإسلام أن نطلق الحكم اعتباطًا هكذا بأن من يتحدث مع فتاة على وسائل التواصل بأنه زنا والعياذ بالله، ولكن لا بد أن نفصل الحكم وأن بين الأمر، فنقول لو كانت هناك حاجة ملحة وضرورة شرعية كتعلم العلم أو تحصيل منفعة من عمل أوخلافه تقتضي معه الضرورة التحدث بين الشاب والفتاه وكان الحديث متسمًا بالأدب والأخلاق، أو كان في جروبات عامة من خلالها يتم النقاش وتبادل الأراء النافعة، فليس هناك ما يمنع شرعًا.

 

أما لو كان التواصل على الخاص لغير حاجة وصاحبه تلك الكلمات المعسولة فهنا يتغير الحكم من الأصل وهو الإباحه إلى التحريم المنهي عنه حتى ندرأ المفسدة المتوقعة.

 

*هناك بعض المطالبات من بعض النواب لتدريس مادة الثقافة الجنسية للطلاب في المدارس؟

لو كان هذا المقترح من بعض النواب يقصد به تعليم الطلاب وتوعيتهم ببعض الأمور التي تتعلق بهم مثل تعليمهم مسألة البلوغ والزواج وغيره من تلك المسائل فليس هناك ما يمنع شرعًا لعدم تعارض ذلك مع الشريعة الإسلامية بل أن الشريعة تحدثت عن بعض تلك الأمور مثل التفريق بين الأبناء في المضاجع، حينما قال النبي (علموا أولادكم الصلاة وهم أبناء سبع واضربوهم عليها لعشر وفرقوا بينهم في المضاجع).

 

كما بين القرآن أيضًا تعليم الأبناء آداب الأستذان حينما يبلغوا الحلم في قوله تعالي؛ (وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا كما استأذن الذين من قبلهم)، فلو كانت التربية الجنسية المقترح تدريسها من أجل توجيههم وتعليمهم لتلك المسائل من وجهة دينية وأخلاقية فلا مانع من ذلك شرعًا، أما لو تخطت تلك الأمور وكانت سببًا في سوء الخلق وعدم الالتزام بالضوابط الشرعية فهي محرمة.

 

*بما تفسر قيام بعض الأشخاص بالعبادة الموسمية؟

بعض الناس يتخذ مواسم للعبادة والطاعة كمن يصلي الجمعة ثم يترك الصلاة بقيه الأسبوع أو يلتزم في الطاعة والعبادة في شهر رمضان ثم يعود مرة أخرى إلى سابق عهده في التقصير والعبادة، فإني أهمس في أذني هؤلاء وأوصيهم أن يداوموا على الطاعة وأداء فرائض الله لأن الإنسان منا لا يدري متي أجله ومتى سيلقي الله فلابد دائمًا وأبدًا أن يحرص على أداء العبادات والفرائض دون تقصير.

 

وعليهم أن يستمدوا من تلك المواسم شحنة إيمانية تدفعهم وتعينهم على استكمال الطاعة والعبادة في بقية العام ولأن من علامات قبول العمل المدوامة على الطاعه بعده.

 

*ما رأيك في بعض الجماعات والأحزاب التي تخلط السياسه بالدين؟

إن الحديث عن خلط الدين بالسياسة يقتضي ويحتم علينا أن نفرق بين دين الإسلام وشريعته كمنهج رباني شامل وصالح لكل زمان ومكان، فالشريعة ما تركت شيئًا يخص الناس في دينهم ودنياهم إلا أوضحته وبينته فوجدنا المسجد في عهد رسول الله مكانًا لانطلاق الجيوش وساحه للقضاء بين الناس ومكانًا لتلقي العلم والصلاة.

 

وما بين هؤلاء الذين يتخذون من الدين ساترًا لتحقيق مأربهم بدعوي أننا وحدنا من نعرف الإسلام ونطبقه وننادي به، أو من يتخذون من الدين وسيلة لمكاسب سياسية أو زعامة أو شهرة أو غير ذلك، فهذا حرام شرعًا وشأنهم شأن المنافقين وهم من يظهرون للناس خلاف مايضمرون في قلوبهم وكل همهم أن يجنوا من وراء ذلك الأموال والسلطه والزعامه مستغلين جهل الناس ببعض أمور دينهم وأيضًا الفطرة التي فطر الناس عليها من محبتهم لدينهم.

 

*الجميع يتهم الأزهر بالتقصير في تجديد الخطاب الديني.. بما ترد؟

الجميع يعلم أن موسسة الأزهر الشريف لم تتوانى للحظة واحدة في تجديد وتطوير الخطاب الديني بما يواكب تحديات المرحلة الراهنة، فالأزهر لو نظرنا إلى مساعيه التي فاقت ما كنا نتوقعه من عقد مؤتمرات دولية تحارب وتواجه الإرهاب وتسعي دومًا لنشر ثقافة السلام واحترام الآخر بصرف النظر عن توجهه وعقيدته وما يدين به.

 

فوالله الأزهر ما وجد بابًا يخدم الخطاب الديني ويسعي لتطويره وملائمة ومواكبة العصر إلا طرق هذا الباب، رغم أن المسئوليات على موسسة الأزهر فوق ما يتوقعه الجميع، فالأزهر لديه ما يزيد عن 30 ألف طالب وطالبة من أكثر ما يزيد عن 100 دولة على مستوى العالم يرعاهم ويقوم على شئونهم لأنهم يأتون للأزهر لتعليم العلم الشرعي الوسطي الذي يخدم الإسلام والمسلمين فيأتون إلينا في مصر فينهلوا من علم الأزهر، ثم يعودوا إلى أوطانهم وبلادهم سفراء يبلغون ما تعلموه وما تربوا عليه هنا في الأزهر الشريف، وهنا نعلم مدى ثقة وتقدير هذه البلاد التي أرسلت أبناؤها إلينا في مصر ليتعلموا في الأزهر الشريف.

 

والحقيقة أنه من الظلم أن نتهم الأزهر دومًا بالتقصير وأن نهاجمه دون دليل أو بينة، مع أن وزارة الأوقاف ووزيرها تقع عليه المسئولية مناصفه مع الأزهر لأنه يعمل تحت مظلة الأوقاف ما يزيد عن 60 ألف إمام وخطيب في المساجد على مستوى الجمهورية وغير ذلك من المؤسسات الأخري كالإعلام وغيره.

 

*متى تتوقف الفتاوي الشاذة؟

مسالة الفتاوي الشاذة التي تخرج بين الحين والآخر وتصيبنا جميعًا بالاشمئزاز، أرى أن هذه الفتاوي تتوقف عندما يتم وأدها من البداية وعدم إتاحة الفرصة لأصحاب تلك الفتاوى في الوصول إلى مأربهم من الشهرة والصيت، فأنا أعتب وألوم على وسائل الإعلام التي تفتح أبوابها لتلك الفتاوي الشاذة.

 

وحتى نكون منصفين هناك بعض العلماء المشهود لهم بالكفأه والوسطية قد يزج بهم في سؤال أو فتوى بغرض التشهير وكثرة البلبلة ويؤخذ كلامهم وينشر على طريقة لا تقربوا الصلاة، كما حدث مؤخرًا مع الدكتور صبري عبدالرؤف في فتوى معاشرة الزوج لزوجته بعد وفاتها، فقد سئل هل ذلك يعد زنا فأجاب لا لا يعد زنا فنقل عنه أن الشيخ يفتي بمعاشرة الزوجة بعد وفاتها، وقامت الدنيا ولم تقعد، مع أن الدكتور صبري أكمل بعدها وقال إن هذا حرام وعلى خلاف الفطرة السوية وهذا تأباه الفطر السوية السليمة، فسوف تتوقف الفتاوى الشاذة، حين لا ننشرها ونفتح لها الأبواب في كل اتجاه، وأيضًا حينما يفعل القانون وهو أن يجريم من يتصدر للفتوي من غير المختصين بها.