الأمير محمد علي قلد فنون المماليك فالعثمانين كانوا بالنسبة للمصريين محتلين

أخبار مصر

فنون المماليك
فنون المماليك


قال الدكتور ولاء بدوي مدير عام قصر المنيل، إن الأمير محمد علي توفيق، قطع على نفسه وعدًا بأن يجعل من قصره ليس فقط مكانًا للسكنى، وإنما إعادة لإحياء الفنون الإسلامية، وتكون جدرانه تخليدًا لها، وإجلالًا لقدرها، وكل ما هو موجود ينم عن أنه صدق في هذا الوعد.

وأوضح بدوي في تصريحات خاصة للفجر، إن هذا الكم الكبير من المقتنيات التي تعود كلها للعصر الإسلامي، من سيوف ولوحات وزخارف والخزف والمكاحل والغليون تؤكد كلامه هذا.

وأكد بدوي أن أكثر العصور التي نالت عناية الأمير وحاول إحياء فنونه هو العصر المملوكي، فنجد أن الأبواب والرخام وتشكيلاتها، تقليدًا للفن المملوكي، حتي ما استجلبه الأمير من طرز شامية، سواء من حلب وحمص فهي للطراز المملوكي السائد هناك، فقد كانت مصر في العصر المملوكي إمبراطورية امتد ملكها حتى الشام.

وأشار بدوي إلى أن العصر المملوكي في هذا التوقيت، كان هو الأكثر إنتشارًا وكان هو الأكثر قربًا لقلوب المصريين، عكس الفنون العثمانية، حيث اعتبر المصريون العثمانيين أنهم "محتلين غزاة".

وأكمل بدوي، أما المماليك فقد حضروا لمصر صغارًا وشبابًا وتربوا فيها وتدرجوا في الوظائف حتي أصبحوا مصريين فعلًا، يحبون هذا البلد وينتمون إليه، لذا نجد أن العصر المملوكي كان غزيرا بإنتاجه الفني والمعماري المصري.

وسلاطين المماليك كانوا محبين للفنون والإبداع، فنجد عظمة المنشآت المملوكية، حتي أن جامع ومدرسة السلطان حسن استحقت عن جداره لقب الهرم الرابع المصري، وبجانبه جامع الرفاعي الذي أنشئ على الطراز المملوكي، محاولًا مضاهاتها فخامة وضخامة وبهاء، وأصبح تلقائيًا عندما نجد شكل من أشكال الزخرفة الجيدة نفكر في للعصر المملوكي أكثر من أي عصر أخر.

وختم بدوي كلماته، أن الأمير محمد علي توفيق الذي اعتبر نفسه مصريًا، فهو كالمماليك نشأ وترعرع في مصر، بل هو مولود فيها، حرص على تقليد الفنون التي يحبها المصريون، فأصبح قصره في المنيل معرضًا للفنون المملوكية من كل الأقطار فوق أنه معرضًا لفن الخط العربي بكل أنواعه.

وبدأ بناء القصر عام 1903، ويقع بجزيرة منيل الروضة بالقاهرة على مساحة 61 ألف متر مربع منها 5000 متر تمثل مساحة المباني، وهو تحفة معمارية فريدة كونه يضم طرز فنون إسلامية متنوعة ما بين فاطمي ومملوكي وعثماني وأندلسي وفارسي وشامي.

ويشتمل القصر على ثلاث سرايات، وهي سراي الإقامة، وسراي الاستقبال، وسراي العرش، بالإضافة إلى المسجد، والمتحف الخاص، ومتحف الصيد، وبرج الساعة، ويحيط به سور على طراز أسوار حصون القرون الوسطى، فيما تحيط بسراياه من الداخل حدائق تضم مجموعة نادرة من الأشجار والنباتات، ويستخدم القصر حاليًا كمتحف.

وكان القصر ملكًا للأمير محمد علي الابن الثاني للخديوي توفيق، وشقيق الخديوي عباس حلمي الثاني والذي شغل منصب ولي العهد ثلاث مرات، كما كان أحد الأوصياء الثلاثة على العرش في الفترة ما بين وفاة الملك فؤاد الأول وتولي ابن عمه الملك فاروق سلطاته الدستورية عند إكماله السن القانونية.

واختار أرض القصر الأمير محمد علي بنفسه، وأنشأ في البداية سراي الإقامة ثم أكمل بعدها باقي السرايا، وقام الأمير بوضع التصميمات الهندسية والزخرفية، والإشراف على البناء، فيما قام بالتنفيذ المعلم محمد عفيفي، وأوصى الأمير أن يتحول القصر بعد وفاته إلى متحف.

وولد الأمير محمد علي في 9 نوفمبر 1875م، في القاهرة ونشأ محبًا للعلوم فدخل المدرسة العلية بعابدين ليحصد العلوم الابتدائية، وفي سنة 1884 توجه إلى أوروبا لتلقي العلوم العالية فدخل مدرسة هكسوس العالية بسويسرا ثم دخل مدرسة ترزيانوم بالنمسا بناءً على أوامر والده لتلقي العلوم العسكرية، وعاد إلى مصر عقب وفاة والده سنة 1892م ومنذ كان شابًا شُهد له بالحكمة ورجاحة العقل وظهر عليه ميله إلى العلم وحب الآداب والفنون خاصة الإسلامية.

واختار أرض القصر الأمير محمد علي بنفسه لكي يقيم عليها قصره، وأنشأ في البداية سراي الإقامة ثم أكمل بعدها باقي السرايا، وقام الأمير بوضع التصميمات الهندسية والزخرفية، وأشرف على كل خطوات التنفيذ، فيما قام بالتنفيذ المعلم محمد عفيفي.

واستدل على ذلك من العبارة المحفورة على مدخل القصر ونصها: "قصر محمد علي بالمنيل، أنشأ هذا القصر الأمير محمد علي نجل المغفور له محمد توفيق، إحياء للفنون الإسلامية وإجلالًا لها، ابتكر هندسة البناء وزخرفته سمو الأمير وقام بالتنفيذ المعلم محمد عفيفي وتم ذلك عام 1348 من الهجرة".

وانتقل الأمير محمد علي إلى جوار ربه في 17 مارس 1955 في لوزان بسويسرا عن عمر ناهز الثمانين عامًا، وكان من وصيته أن يدفن في مصر، فدفن في مدافن العائلة المالكة بالدراسة "قبة أفندينا".