15 مليون شخص مهددون.. ماذا تعرف عن الفقر في ألمانيا؟ (تقرير)

عربي ودولي

أرشيفية
أرشيفية


على الرغم من حالتها الثرية، واحتلالها مراتب أولى من بين الدول الصناعية الكبرى، إلا أن الفقر لم يترك الألمان، بحسب دراسة أعلن عنها المكتب الاتحادي للإحصاء في فيسبادن اليوم الأربعاء 30 أكتوبر، موضحا أنّ نحو 15,3 مليون إنسان في ألمانيا كانوا مهددين العام الماضي (2018) بالفقر أو الإقصاء الاجتماعي.

ملايين مهددون بالفقر

وأوضح المكتب أن هذا الرقم يعادل 18.7 % من سكان ألمانيا، ويعني تراجعا بنسبة 0,03 % في عدد هذه المجموعة السكانية، فيما يقدر عدد المهددين بالفقر والإقصاء الاجتماعي في ألمانيا بـ15.5 مليون شخص، وهو ما يعادل 19 % من السكان.

من هو الفقير؟

ووفقا لمعلومات المكتب الاتحادي فإن الشخص في ألمانيا يعتبر مهددا بالفقر أو الإقصاء الاجتماعي، إذا انطبقت عليه واحدة من المسائل الثلاثة، والتي من بينها العيش في أسرة ينقصها الكثير من الماديات، كما يعيش في أسرة غالبية أعضائها يكسبون القليل.

الشخص الفقير في مفاهيم الاتحاد الأوروبي

ويشير الاتحاد الأوروبي، في تعريفه للشخص الفقير، بأنه من يحصل على دخل يقل عن 60 % من دخل الفرد المتوسط في بلده، فيما حُدد سقف الدخل المتوسط في ألمانيا العام الماضي عند 1136 يورو شهريًا للشخص البالغ الذي يعيش بمفرده، و2385 يورو شهريا بالنسبة لعائلة من شخصين بالغين وطفلين تحت سن 14 عامًا.

ارتفاع معدل الفقر

وكشفت دراسة ألمانية عن ارتفاع معدل الفقر منذ عام 2015 في ألمانيا، حيث بلغت نسبة الفقراء حوالي 16 % من سكان ألمانيا، مما جعل هناك مطالبات من قبل جمعيات رعاية اجتماعية بتدخل الدولة لمساعدة الفقراء في ألمانيا.

المدن الأفقر

وتعد مدينة ايمار إحدى المدن التي تعد ضمن الأفقر في ألمانيا واحتلت المركز 17 في القائمة، فيما تعتبر مدينة كوسيل في ولاية راينلاند فالتس، أفقر مدينة في ولايات جمهورية "ألمانيا الغربية سابقا" واحتلت المركز 16 في عموم ألمانيا، كما تعد مدينة غورليتس وهي من أهم المدن التاريخية في ألمانيا، التي احتلت المركز الثامن في قائمة المدن الأفقر في ألمانيا.

رغم الازدهار دائرة الفقر تتسع

وفي ذات السياق، يرى الكاتب والخبير الاقتصادي ابراهيم محمد، أنه على الرغم من اعتقاد كثيرون أنه لا يوجد فقر في ألمانيا، إلا أن معطيات الواقع تدل على زيادة معاناة كبار السن وفئات أخرى من هذا الداء رغم ازدهار الاقتصاد الألماني.

المتقاعدون والفقر

وأشار في مقال له على موقع” DW” في سبتمبر الماضي، أنّ الفقر سيطال أكثر من خمس المتقاعدين، أي نحو 22 % بحلول عام 2029 مقابل أقل من 17 بالمائة في الوقت الحالي، حسب دارسة أعدها معهد الاقتصاد الألماني DIW بتكليف من جمعية بيرتلسمان للنفع العام.

ويوضح أنّ عدد المتقاعدين في ألمانيا، الذي يعاني مجتمعها من الشيخوخة، يصل إلى أكثر من 20 مليون متقاعد في الوقت الحالي، فيما يهدد الفقر العاملين دون تأهيل جيد، والذين يعيشون بمفردهم وخاصة في صفوف النساء اللواتي يتقاضين أجورا أقل من الرجال.

دراسات سابقة

وفي عام 2017، كشفت دراسة لمنظمات الرعاية الاجتماعية في ألمانيا، أنّ معدل الفقر في البلاد شهد ارتفاعا منذ عام 2015، موضحة أن نسبة الفقر وصلت إلى 15.7 % ما يعني أن حوالي 12.9 مليون ألماني يعانون من الفقر.

نسبة كبيرة

وأشارت الدراسة إلى أنّ هذه النسبة تعد كبيرة للغاية، وهي نسبة كبيرة لم تسجلها ألمانيا منذ الوحدة بين شطريها، فيما طالبت منظمات الرعاية الاجتماعية بتدخل الدولة لمساعدة الفقراء بألمانيا من خلال العودة أكثر إلى سياسة اجتماعية.

حدود الفقر

ويرى أولريش شنايدر مدير تجمع المنظمات، في لقاء أجرته معه القناة الثانية الألمانية "ZDF"، إنه لا يجب فهم الفقر على أنه الوصول إلى حد المعاناة، موضحاً أن الفقر يبدأ حين يصعب على الشخص ممارسة حياته الطبيعية، في المجتمع بسبب الحاجة المادية.

إجراءات حكومية

ويعود الخبير الاقتصادي ابراهيم محمد، موضحاً أنه تم اتخاذ أكثر من خطوة لتحسين مستوى دخل أصحاب الأجور المتدنية في ألمانيا،بعد مناقشات استغرقت سنوات من قبل حكومة ميركل الحالية وحكوماتها السابقة.

وأوضح أن من ضمن هذه الخطوات، رفع الحد الأدنى للأجور بشكل تدريجي ليصل إلى أكثر من 9 يورو لساعة العمل، بدلا من 6 يورو أو أقل في عام 2015.

كما تم رفع مرتبات المتقاعدين، بمعدل وسطي زاد على 8 %، خلال السنوات الثلاث الماضية، غير أن النقاش الذي لا ينتهي منذ سنوات طويلة ما يزال يدور حول كيفية اعتماد راتب تقاعدي شامل يمنع انتشار الفقر في سن التقاعد.

آخر المقترحات وصعوبة تطبيقه

وأفصح الخبير الاقتصادي، عن آخر المقترحات بهذا الخصوص، التي أشارت إلى زيادة تصل إلى 10 % أو أكثر على رواتب وتعويضات الذين دفعوا لصندوق الضمان التقاعدي لمدة لا تقل على 35 سنة، إلا أن هذا المقترح يواجه انتقادات كثيرة، لأنه لا يشمل سوى جزء من المتقاعدين.

ويوضح الخبير، أن هذا المقترح يبدو تطبيقه صعبا في ظل الخلافات لمصالح انتخابية حول التفاصيل بين طرفي التحالف الحكومي الحالي، بقيادة المستشارة ميركل التي تنتهي ولايتها الحالية والأخيرة في خريف 2021.

آمال مستقبلية

ويتحدث الخبير الاقتصادي، عن الآمال المستقبلية في حل هذه المعضلة، مشيرا إلى أنً الآمال تبقى معلقة في الوقت الحالي على الاقتصاد، ودور الحكومة في ضخ الاستثمارات الكافية لتحديث بنيته التحتية بهدف منع الركود وتراجع نسبة العاطلين عن العمل ومعها عدد الفقراء.

مطالب بضخ المليارات

وفي ذات السياق، طالب رئيس معهد الاقتصاد الألماني مارسيل فراتسشير، حكومة ميركل وحكومات الولايات الألمانية، بضخ 30 مليار يورو سنويا على مدى السنوات الـ 10 أو الـ 15 سنة القادمة، لتحديث الطرق ومؤسسات التعليم والاتصالات وقطاع السكن.

وأشار إلى أن ذلك سيكون لذلك تبعات من بينها زيادة الانقسام المجتمعي لصالح حزب البديل اليميني الشعبوي الذي يستغل مشاكل الفقر والهجرة لكسب المزيد من الأصوات والوصول إلى السلطة أو التحكم بمفاتيحها في الولايات وعلى مستوى الحكومة الاتحادية.