ننشر أسباب الحكم على متهمي "حادث قطار محطة مصر"

حوادث

المستشار الدكتور
المستشار الدكتور جابر المراغي


أودعت هيئة محكمة شمال القاهرة، المنعقدة بمجمع المحاكم بالعباسية، أسباب حكمها الصادر في محاكمة 14 متهما في حادث قطار محطة مصر، برئاسة المستشار الدكتور جابر المراغي، وعضوية المستشارين محمد عزت مناع، ومحمد أحمد عبدالمالك، وسالم عبدالعزيز سيد، وأمانة سر أحمد رضا.

وأقر القاضي بمعاقبة علاء فتحي أبو الغار 48 سنة سائق جرار بالسجن 15 سنة وإلزامه بأن يؤدي لهيئة السكك الحديدية مبلغ 8 ملايين و880 ألفا و263 جنيها، تعويضا عن الأضرار التي لحقت بها، ومعاقبة أيمن الشحات سليمان 43 سنة، سائق جرار، وعاطف نصر يوسف 46 سنة كاتب جرد، بالسجن المشدد 10 سنوات.

كما قضت المحكمة بمعاقبة أيمن محمد، سائق جرار، وسامح صبحي فني قطارات، ويحيى سعد الدين، كبير فنيين بدرجة مدير عام، وعادل سيف يوسف، ناظر محطة، ومصطفى عبد الحميد، ملاحظ مناورة، بالسجن المشدد 7 سنوات.

وعاقبت المحكمة محمود حمدي توفيق عامل مناوره بالسجن المشدد 3 وغرامة 10 آلاف جنيه، وبمعاقبة محمود فتحي مراقب برج، ومسعد رشاد، مساعد بلوك، بالحبس مع الشغل 10 سنوات، ومعاقبة السيد أبو الفتوح يوسف، فني حركة بلوك، بالحبس مع الشغل 5 سنوات، ومهدي محمد مهدي، ملاحظ تشغيل جرارات بالسجن 3 سنوات مع الشغل.

كما عاقبت، محمد عبد العزيز، فني قطارات بالحبس سنتين، وإلزام المحكوم عليهم بالمصاريف الجنائية وإحالة الدعوى المدنية للمحكمة المختصة.

وقالت المحكمة في أسباب حكمها ما يلي:
بعد الاطلاع وتلاوة أمر الإحالة وسماع المرافعة والمداولة تبين للمحكمة أن وقائع الدعوى حسبما استقرت في يقين المحكمة واطمأن إليها وجدانها استخلاصًا من التحقيقات التي تمت فيها وسائر أوراقها وما دار بشأنها بجلسة المحاكمة تتحصل في أنها قصة إهمال استشرى في أهم مرفق من مرافق الدولة والذي يقع على كاهله نقل البشر وأموالهم في كل مناكب مصر المحروسة.

إنها قصة إهمال تراكمت من عقود انقضت حتى أصبحت مرض عضال لا تنفعه أو تجبره مجرد مسكنات اعتادت الهيئة على حقنها في شرايين هذا المرفق الذي وهن، فمرض، فعجز عن أداء رسالته وظيفته على النحو الذي خطط ونفذ من أجله، فتوالت الحوادث والنكبات التي أبكت العيون وأدمت القلوب على أرواح بريئة مطمئنة ازهقت وأموال أنفقت فأحترقت وتطوير لم يشأ أن يضع بصماته ليواكب التكنولوجيا الحديثة في أهم مرفق من مرافق النقل 

فمنذ تأسيس خطوط السكك الحديدية في مصر عام 1851 والتي تعتبر الثانية على العالم، أصبحت اليوم مترهلة عقيمة نال منها بعض قيادات توالت عليها، وعاملين في أروقتها غير مؤهلين لحمل الأمانة وبث الاطمئنان في نفوس المتعاملين مع هذا المرفق الحيوي الهام.

وبالرغم من التحديث الذي تحاول الدولة جاهدة بذله لرفع مستوى الأداء لهذا المرفق سيظل العنصر البشري هو حجز الزاوية لأي عمل ناجح، فإختيار القيادة وتوظيف العاملين المؤهلين، وتأهيلهم وتدريبهم المستمر والمحافظة على لياقتهم الصحية والنفسية والعناية بوضعهم المالي وتحسين ظروف العمل وتطبيق قواعد السلامة المنظمة لحياتهم العملية والوظيفية، هو الطريق القويم للارتقاء بهذا المرفق، ودونه، استمرار لنكباته وحوادثه وفقدان للأمن والأمان وضياع للأنفس والأموال.

فجُل حوادثه كانت نتيجة لاستشراء الاهمال من أولئك العاملين وعدم تأهيلهم وتعليمهم والترقي بمستواهم الصحي والاجتماعي، والضرب على أيدي المخالفين للوائح منهم، والذي كان نتائجه هذا الحادث الجلل الذي يمثل صورة مثلى للإهمال الذي ضرب أوصال هذا المرفق.

ففي صباح يوم 27-2-2019 حيث أشرقت الشمس بأشعتها الذهبية على أرض الكنانة الآبية والمواطنين في حركة دائبة على أرصفة سكك حديد مصر بمحطة القاهرة القلب النابض لهيئة السكة الحديد، وقعت الواقعة.

فاهتزت لدويها قلوب المصريين في كل مكان، ودمعت عيونهم على أناس كتب القدر أن يكونوا من ضحاياها من دون جريرة أو ذنب سوى أنهم استقلوا قطارات هذا المرفق، وأطمئنوا إلى أنهم في أيد أمينة ترعى الله والوطن، ولكن أنى يكون ذلك؟ في مرفق إعتاد العاملون فيه على مخالفة اللوائح وارتكاب الأخطاء والجرائم حتى أصبحت هذه الأخطاء وتلك الجرائم هي قواعد التشغيل التي يتربى عليها العاملين جيلًا بعد جيل 

المتهم الأولعلاء محمد الغار حضر إلى مقر عمله يوم الواقعة الساعة 9 صباحًا في حين أن عمله يبدأ من الساعة 6 صباحًا واستلم الجرار رقم (2302) دون مساعد له لكون المتهم الرابع عشرمحمد عبد العزيز محمد على لم يعين له مساعد مخالفًا بذلك لائحة التشغيل.

وانطلق مؤديًا لعمله وبعد أن سحب القطار رقم (973) من على رصيف المحطة إلى حيث حوش أبى غاطس وبعد تحرير عرباته من الجرار حيث كان برفقته المتهم التاسع عامل المناورةمحمود حمدي توفيق والذي ثبت تعاطيه للمواد المخدرة "الحشيش" وبإقراره والتحليل المعملي.

وحال تحركه للانتقال من سكة رقم (1) إلى سكة رقم (2) لإجراء مناورة والتي كان يجب على المتهم الحادي عشرالسيد أبو الفتوح يوسف موافي القائم بأعمال ناظر الحوش إبلاغ ملاحظي المناورة وعاملها المتواجدين بحوش بحري إبي غاطس وفقًا لقواعد العمل بها.

إلا أنه لم يفعل، ووصل إلى نقطة التحويلة من دون أن يترك المسافة المقررة قبل نقطة الفدو، شاهد الجرار رقم (2305) قيادة المتهم الثاني أيمن الشحات عبد العاطي سليمان، والذي استلم الجرار من المتهمين الخامس سامح صبحي بسطورس، والثالث عشر مهدي محمد مهدي عبدالعال، بالرغم من كونه يعمل مساعدًا للسائق الأصلي والمعين لقيادة هذا الجرار، وهو المتهم الرابع أيمن أحمد محمد العدس، الذي ثبت تغيبه عن العمل في هذا اليوم، شاهده قادمًا على نفس الخط الذي يقف عليه وبسرعة تجاوزًا لسرعته المقررة داخل الحوش والمحددة بسرعة 8كم س وبرفقته المتهم الثاني عشر مسعد رشاد على على عامل المناورة والذي كان جالسًا بعربة السبنسة الملحقة بالجرار مخالفًا بذلك لائحة التشغيل التي تقضي بوجوب تواجد عامل المناورة بمقدمة الجرار وليس خلفه.

فما كان من المتهم الأول إلا أن زاد من سرعة الجرار قيادته إلى اقصى درجات السرعة لتفادي المحاشرة إلا أنه لم يفلح وحدثت تلك المحاشرة بين القاطرتين مما نتج عن هذا إتلافًا بهما وتعريضًا لسلامة الأشخاص للخطر، فنزل المتهم الأول من كبينة القيادة ـ حيث لا مساعد له، مترجلًا تاركًا الجرار بعد أن وضع السرعة على أقصاها.

وبعد نزعه بذراع العاكس عقب جعله على وضع الحركة إلى حيث الاتجاه إلى محطة القاهرة وذلك لكي يعاتب ويتشاجر مع المتهم الثاني دون أن يتخذ إجراءات التأمين المعتادة في مثل هذه الحالة ولعبثه بجهاز الأمان "رجل الميت" بتعطيله وفقد منفعته وجعله غير صالح للعمل، مما أدى إلى انفلات الجرار من المحاشرة والانطلاق بأقصى سرعة متجهًا إلى رصيف رقم (6).

حيث كان المتهم العاشر محمود فتحي أمين مراقب برج الشمال واضعًا إبرة السقوط رقم (105) على الوضع الطوالي وليس على وضع السقوط مخالفًا بذلك التعليمات فأصطدم الجرار بالرصيف وأحدث انفجارًا أدى إلى نشوب حريق توفي على إثره كل من محمد عبد الدايم احمد وعماد الدين صفوت عبد الله وبيشوي فتحي كامل معوض.

وأيمن ممدوح عبد العزيز محمد وسمير لوط لويس واحمد حمدي محمود احمد وعاطف قطب حسان ومحمد جودة محمد وابراهيم محمد محمد عبد المجيد، ومحمد هشام فتحي حافظ ويسري فتحي صباح ومحمد على إبراهيم واحمد محمد عبد الرحيم عبد المبدئ ووسام حنفي محمود إبراهيم وإيفون عياد بطرس عبد الملاك ومروه هشام فتحي حافظ ومحمود فوزي محمد وسامية محمود عليوة ومكاريوس راضي وديد.

ونادية محمد السيد حيدر ووحيد قديس ملاك وهدير مدحت عبد الحميد وخالد محمد عبد النعيم وناهد عبد العال إسماعيل ومنصور محمد عمارة وعاطف محمد ذكي وراوية احمد السيد وهشام فتحي حافظ ومحمد رضا مبروك أبو الخير وعبد الباسط على أمين وحسن محمد محمود درويش وطفل مجهول الهوية لتفحم جثته وإصابة كل منحنان سعيد حسن وإسماعيل محمد محمد سيد وعاطف عبد الله إسماعيل واحمد حسن سيد عبد الغني وأشرف راغب محمود عبش.

وصلاح عصمت عبد الرحيم وهدى شعبان محمد ومحمد عادل عودة ومحمد مجدي عبد الظاهر ومحمد عادل إبراهيم وإسماعيل محمد منصور وسوسنا الامير رزق الله ومحمد محمود مبروك حسبو ومنى عبد الفتاح احمد البغدادي ومحمد كرم احمد ومحمد محمود محمد عبد الهادي وشريف حسين طه حسن وهاني واصف سويحه وأبانوب خليل برسي خليل ومحمد عادل إبراهيم محمد وذلك نتيجة الإصابات التي لحقت بهم من جراء الحريق والمبينة بالتقارير الطبية المرفقة 

كما ترتب على الحريق فقد منفعة الجرار رقم (2302) وإتلاف بالمبنى المجاور للرصيف رقم (6) وقد بلغت قيمة التلفيات ثمانية ملايين وثمانمائة وثمانية وثمانون ألف جنيه.

واستمرارًا لمسلسل الجرائم المقترفة من المتهمين فقد أعتاد المتهمون الثاني والثالث والرابع والخامس والسادس والسابع والثامن وبصفتهم موظفين عموميين على ارتكاب تزوير محررات رسمية إذ اشترك المتهمون فيما بينهم بطريق الاتفاق والمساعدة على ارتكاب تزوير في دفتري الحضور والانصراف الخاصين بتوزيع السائقين والمساعدين على القطارات.

وكذا عمال المناورة إذ وضع المتهم الثاني بالاتفاق مع المتهم الرابع توقيعه بما يفيد استلام الأخير لمهام عمله على خلاف الحقيقة كمساعد لسائق الجرار رقم (2305) وذلك بدفتر توزيع السائقين والمساعدين وساعدهما في ذلك المتهم الخامس الذي أمدهما بالدفتر عهدته، في حين وضع المتهم الثالث توقيعه ونسبه زورًا للمتهم الثامن بما يفيد على خلاف الحقيقة حضور الأخير واستلام مهام عمله في المواعيد المقررة وذلك بدفتر حضور وانصراف عمال وملاحظي المناورة وذلك بالاشتراك مع المتهمين السادس والسابع بأن ساعدا المتهم الثالث بالتوقيع نيابة عن المتهم الثامن وبتحريض منهما على ارتكاب جريمة التزوير. 

وما ثبت بتقرير اللجنة المشكلة من المهندسين المختصين بالهيئة الهندسية للقوات المسلحة والمكتب الاستشاري بالكلية الفنية العسكرية وإقرار المتهمونعلاء فتحي محمد أبو الغار ومحمود فتحي أمين خليل ومسعد رشاد على على وأيمن الشحات عبد العاطي سليمان والسيد أبو الفتوح يوسف موافي ومحمد عبد العزيز محمد على ومهدي محمد مهدي عبد العال.

وإقرار كل من المتهمينأيمن الشحات عبد العاطي سليمان، وأيمن احمد محمد العدس، وسامح صبحي بسطورس جرجس، مصطفى عبد الحميد محمد، عاطف نصر يوسف، يحيى سعد الدين محمد الكاشف وعادل سيف يوسف بارتكاب التزوير موضوع الاتهام المسند إليهم.