أحمد الشيخ يكتب: البورصة المصرية.. إلى أين؟

مقالات الرأي





البورصة المصرية.. إلى أين؟ سؤال يطرح نفسه بقوة على الساحة الاقتصادية فى مصر وسط صمت من المسئولين عن قيادة البورصة المصرية وغياب لرؤية واضحة لاتجاهات السوق منذ أزمة كورونا.

 

جاءت المبادرات خلال الأزمة من السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي والحكومة التى دعمت البورصة لفترة فتجاوزت جزء كبير من الأزمة ولكن ظل صمت قيادات البورصة مطبقاً حتى الآن وسط سيل من الاخبار السلبية والإيجابية التي تلاعبت بالسوق تارة لأعلى وتارة لأسفل فى تذبذب غير منطقى فى معظمه وفقاً للمحللين، تعاظم هذا التذبذب في الأيام الأخيرة حتى كاد يعصف بمكتسبات حققها السوق خلال الفترة الماضية دون سبب محدد وغياب تام للشفافية والمصارحة.

 

صغار المستثمرين فى مهب الريح

 

في بداية مارس الماضي أطلقت البورصة المصرية حملة إعلانية لجذب صغار المستثمرين من الأفراد المصريين للاستثمار فى البورصة تحت عنوان "معاك سهم تبقى شريك"، واستطاعت تلك الحملة جذب رؤوس أموال صغيرة للبورصة من آلاف المصريين الذين يثقون في البورصة المصرية، أو ما حاولت الحملة ترويجه بشكل كبير وتركيزها المفرط على صغار المستثمرين، ولكن مع بداية الأزمة لم نجد أى رد فعل حقيقي لشرح الأمور لهؤلاء المستثمرين المبتدئين، بل تركته لمجموعة من السماسرة أو جروبات الفيسبوك، ثم جاءت المبادرات الحكومية لتدعم ثقة المستثمرين بالفعل أفراد ومؤسسات، ولكن لم نلمس تحرك فعلى من إدارة البورصة لتوضيح الرؤية المستقبلية للسوق أو حث المؤسسات الكبرى لضخ استثمارات جديدة فى القطاعات المختلفة، كما فعلت الصيم وقت الازمة وقامت بشراء أسهم الأفراد والمؤسسات الأجنبية التى غادرت السوق.

 وبم نرى تصريحات من رئيس البورصة بين وقت واخر توضح أثر الأزمات المتلاحقة على السوق لتفنيد الكثير من الاقاويل أو الأخبار أو المعلومات المغلوطة أو الشائعات بشكل احترافى سواء مباشر أو غير مباشر، يدعم المستثمر الصغير الذي تم توريطه فعلياً.

 

 

الميكر والأخبار المضللة تتحكم فى السوق

 

تركت إدارة البورصة الساحة لمجموعة من الأفراد الذين بدءوا فى التحكم فى مجموعة من الأسهم ذات التداول المحدود للتحكم فى السوق وترويج الأكاذيب حول الأسهم وجذب المستثمر المبتدئ للشراء فى أسهم غير منطقية حققت أرباح خيالية دون أسباب جوهرية وسط صمت مطبق لا مبرر له، ولا يدفع ثمنه سوى صغار المستثمرين من الأفراد الذين وثقوا فى البورصة المصرية كوعاء للاستثمار.

 

سيرد أحدهم ويقول أن البورصة روجت إلى أن الاستثمار فى الأسهم طويل الأجل ولكن هل استطاعت نقل هذا الفكر لشركات تداول الأوراق المالية، هل تم التنسيق معهم هل تم توحيد الرؤى أم أن كلاً يعمل على هواه وينفذ ما يراه ويعبث بأحلام أناس أرادوا وضع أموالهم فى وعاء استثمارى جيد.

 

هل أوضحت البورصة مخاطر الاستثمار فى الأوراق المالية كما أوضحت المزايا خلال حملتها الإعلانية الكوميدية التى لعبت بها على مشاعر ملايين المصريين، الإجابة (لا) لم تفعل ولماذا لأن الهدف كان جذب رؤوس أموال ورفع أرقام التداول دون دراسة فعلية للمخاطر التى قد تنجم عن الأزمات التى يمكن أن تحدث فى أى وقت، وهو ما يعكس فعليا عدم وجود رؤية واضحة لدى إدارة البورصة لخطورة المرحلة التى يمر بها الاقتصاد المصرى الذي صنف كـأقوى اقتصاد فى افريقيا والمنطقة فى ظل الازمة ولكن لم تكن البورصة بأى حال من الأحوال نقطة قوة فى هذا الاقتصاد بل على الأرجح هى نقطة الضعف الوحيدة التى لا يوجد لها علاج حتى الأن.

 

إدارة قوية للبورصة

 

أرى من وجهة نظرى المتواضعة، أنه يجب أن تكون هناك إدارة قوية للبورصة المصرية في هذا التوقيت الحاسم،  قادرة على وضع استراتيجية ورؤية وأليات وإدارة حوار و اتخاذ القرارات للحفاظ على ما حققه الاقتصاد المصرى من نجاحات حتى الأن فى ظل برنامج اصلاح اقتصادى شهد له العالم،  وبنى على قرارات قوية وحاسمة استطاعت العبور بمصر من عنق الزجاجة الذى لبثت فيه لعقود متتالية نتيجة لصعوبة القرارات وعدم القدرة على اتخاذها ولكن باتخاذها تخطى الاقتصاد كافة التوقعات واستطاع تحقيق المعادلة الصعبة.

 

المصارحة والمكاشفة

 

يجب البدء فى برنامج لإصلاح البورصة المصرية يقوم على المصارحة والمكاشفة ومراجعة جميع قواعد السوق واستبعاد غير المؤهلين وتوضيح الحقيقة للمستثمر مهما كانت مرة، فالهدف فى الفترة الحالية هو البناء على اسس سليمة راسخة وليس تحقيق أرقام زائفة تتحطم مع أقل هزة أو ازمة أو خبر، فلم يعد هناك مجال للمسكنات.


للتواصل مع كاتب المقال: