فرعون موسى من هو؟

هل "فرعون" مصريًا أم عبرانيًا أم من الهكسوس؟ خبراء يجيبون

أخبار مصر

ارشيفية
ارشيفية

تُعد قضية فرعون موسى ومن هو من القضايا التي شغلت بال العديد إن لم يكن كل المهتمين بعلم التاريخ وخصيصًا المصري القديم، حي تعتبر هذه المسألة من المسائل التي تمس الأديان فوق أنها من الحقائق التي يرغب الخبراء في الوقوف على جلائها تاريخيًا. 

وفي هذا الشأن قال الدكتور عبد الرحيم ريحان عضو المجلس الأعلى للثقافة لجنة التاريخ والآثار، في تصريحات إلى الفجر، إن هناك بعض الباحثين يؤكدون على عدم وجود فرعون موسى من بين ملوك مصر القديمة مستندين إلى أن القرآن الكريم لم يذكر فرعون معرّفًا بـ “الـ” مما يدل على أنه اسمًا لشخص وليس لقبًا، ويدللوا على ذلك بأن المقابر الملكية ومنها 63 مقبرة في وادي الملوك بها خراطيش ملكية ليس عليها لقب فرعون وكان بالأحرى أن يقول فرعون عمل كذا وكذا.. 

فرعون موسى

واستند ريحان فيما ذهب إليه على ما ذكره المهندس عاطف عزت فى كتابه "فرعون موسى من قوم موسى" الذي عرض عدة أدلة منها أن اسم فرعون جاء ملازمًا لشخصين من الأعلام مرة قبلهما ومرة بينهما “ولَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَقَارُونَ” سورة غافر آيات 23 – 24، كما جاء مصحوبًا بياء النداء "وَقَالَ مُوسَىٰ يَا فِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِين" سورة الأعراف آية 104، وهي تأتي مع أسماء الأعلام. 

كلمة فرعون

وذكر جيمس هنرى برستيد أن كلمة فرعون ليست اسمًا أو لقبًا وإنما هي كلمة مشتقة من الكلمة المصرية القديمة (بر- عا) ومعناها البيت الكبير أو القصر ويشار به إلى الديوان الملكي، وتوافق معه علماء الآثار “آرثر إيفانز، آلان شورتر، آلان جاردنر” مما يفنّد رأى المهندس عاطف. 
فيما أشار المهندس عاطف عزت إلى أن اسم فرعون أصبح لقبًا لكل من تجبّر وعلا شأنه، وامتد وشمل حتى من سبقوه، وهو أمر شائع فكثير من أسماء الأعلام مثل كسرى وقيصر والنجاشي تحولت مع مرور الوقت إلى أعلام، وربما يكون فرعون مأخوذ من اسم قبيلة فرعا الموجودة الآن في وادي عسير غربي الجزيرة العربية. 

لقب فرعون 

فيما يؤكد الدكتور كمال الصليبى، أن لقب فرعون مشتق من الفعل فرعن أو كلمة فارع أي عال واستند إلى وصف القرآن لفرعون بالعلو فى سورة يونس آية 83 وسورة الدخان آية 31، ويستخلص المهندس عاطف عزت من ذلك أن فرعون كلمة عربية ولفظ عربي صميم وقد جاء مع الهكسوس عبرانيين أو أعرابًا بشهادة أهل اللغة ورجال الآثار حسب رؤيته 

تفسيرات التوارة 

وتابع الدكتور ريحان بأن المهندس عاطف عزت استند إلى التوراة فى تأكيد أن الرجل الذي قتله موسى من العبرانيين "ثم خرج موسى في اليوم التالي وإذا رجلان عبرانيان يتخاصمان" سفر الخروج 2 /13 رغم وضوح النص القرآني “وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَىٰ حِينِ غَفْلَةٍ مِّنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَٰذَا مِن شِيعَتِهِ وَهَٰذَا مِنْ عَدُوِّهِ” سورة القصص آية 15، وهذه الآية تؤكد أن المقتول من قوم غير قومه فقد ذكر القرآن أحدهما من شيعته وطبيعى الآخر من غير ذلك.

تفسيرات القرآن 

كما استند المهندس عاطف عزت على الآية الكريمة “فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَل لِّي صَرْحًا لَّعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَىٰ إِلَٰهِ مُوسَى” سورة القصص آية 38 على أن بني إسرائيل والعبرانيين هم من تفوقوا في البناء بالطوب اللبن أمّا قدماء المصريين فقد بنوا بالحجارة أهرامهم ومعابدهم، لذلك فإن فرعون من بنى إسرائيل. 

فرعون اسم شخص 

وقد استند المهندس عاطف عزت على أن فرعون هو اسم شخص وأغربها أن الاستعباد لبني إسرائيل بدأ من عهد يوسف الصديق نفسه استنادًا على نص التوراة فى سفر التكوين 13/47 كالآتى  “لم يكن خبزًا فى الأرض لأن المجاعة اشتدت فى أرض مصر وأرض كنعان فجمع يوسف كل الفضة التى مع الأهالى وبادلها بالقمح والشعير وبناءً عليه اشترى يوسف الصديق جميع أراضى مصر لفرعون، أمّا الشعب فاستعبدوه من أقصى حدود مصر إلى أقصاها" وأخيرًا قال الشعب ليوسف  ”قد أحييتنا فلنلقى حظوة فى عينى سيدنا ونكون عبيدًا لفرعون"

البناء بالطوب

وقال الدكتور ريحان إن مسألة أن قدماء المصريون لم يبرعوا في البناء بالطوب اللبن غير صحيحة تمامًا فقد برع قدماء المصريين فى البناء بالطوب اللبن بل وسخّروا بنى إسرائيل فى عمله، لذلك كان طلب فرعون البناء بالطوب اللبن إذلالًا لهم فيما يسخّرون فى عمله. 

وأشار الدكتور ريحان إلى ما ذكره المهندس عاطف عزت مستندًا إلى نص التوراة أو مفسّرًا لها وفق رؤيته بأنه تم استثناء قبيلة بنى إسرائيل من وسط القبائل من هذا الاستعباد، لكن هذا الاستثناء لم يدم طويلًا كما يعتقد إذ جاء بعد ثلاثة أجيال ملك إعرابى جديد اسمه فرعون لم يكن يعرف يوسف على حد تعبير التوارة، وأخذ يضطهد بنى إسرائيل على أساس نبؤة عن مقتله على يد واحد منهم ففرض عليهم هم العبودية وساوى بين جميع القبائل المتحالفة، فوقعوا فى نفس الحفرة التى حفروها لغيرهم، وزاد فرعون اضطهاده لبنى إسرائيل، مما أحدث انشقاقًا كاملًا بين تحالف القبائل المختلفة المكونة للهكسوس، مما دعى بنى إسرائيل لطلب الخروج من هذا الحلف بل والخروج من مقاطعة مصر المحتلة كلها والعودة إلى حيث أتوا، ورفض فرعون طلب بنى إسرائيل خصوصًا وأن زعيمهم الآن (يقصد نبى الله موسى) لم يعد يطالب الآن بخروجهم فقط بل بزعامة دينية فقد أصبح موسى رسولًا إلى فرعون وقومه مرسلًا لهم بلسانهم. 

خلاف في الرأي 

وفند الدكتور ريحان رأى المهندس عاطف عزت بأن فرعون موسى إسم شخص لعدم منطقية الأدلة التى اعتمد عليها التى تؤكد عدم قراءته لتاريخ مصر بدقة للتأكد من براعة قدماء المصريين فى البناء بالطوب اللبن وتفسير التوراة وفق رؤيته كما تحمل فى طياتها إنكارًا للمعجزات الإلهية التى جاءت فى القرآن الكريم فلم يطلب نبى الله موسى أبدًا زعامة دينية بل جاء برسالة إلهية ودعوة إلى الهداية وطلب خروج بنى إسرائيل كما أن نبي الله موسى وشعبه لم يبقوا فى سيناء بإرادتهم على حد زعمه ولكن قدّر الله عليهم ذلك نتيجة رفضهم دخول الأرض المقدسة ولم يحدث أن قدماء المصريين قضوا على بني إسرائيل وهم فى سيناء بل خرجوا من مصر سالمين وغرق ملك مصر الذى كان في أثرهم وكل هذا مثبت بنصوص القرآن الكريم. 

خروج بني إسرائيل

كما صوّر المهندس عاطف عزت قصة أحد ملوك مصر مع بنى إسرائيل بأنها مجرد مشاكل قبائل لم يرضوا عنها فأرادوا العودة إلى حيث أتوا أجدادهم من فلسطين، وبهذا نغلق كل شئ يخص خروج نبى الله موسى الأول حين قتل أحد المصريين لتقدير إلهى حتى يتعرف على الطريق الذى سيسلكه بعد ذلك مع بنى إسرائيل، والأمر الإلهى لهم بالخروج وتحديد الجهة المقصودة وهى الأرض المقدسة، وإذا كانت رغبتهم من البداية العودة للأرض المقدسة فلماذا رفضوا الدخول إليها وهم على أبوابها؟