خبير علاقات دولية: القمة العربية "مفصلية" وتعمل على بلورة موقف عربي واحد لتسوية الأزمات (خاص)

عربي ودولي

القمة العربية 31
القمة العربية 31 - أرشيفية

شهدت الفترة الأخيرة تحديات وظروف معقدة في المنطقة العربية، إضافة لوضع عالمي مضطرب جراء الحرب الروسية الأوكرانية، وتداعياتها من أزمة الطاقة والغذاء، لتأتي الجزائر وتتبنى القضايا من جديد بعد توقف دام 3 سنوات.

وانطلقت بالعاصمة الجزائرية مساء أمس الثلاثاء، أعمال القمة العربية بحضور القادة والزعماء العرب ومشاركة ممثلين عن منظمات إقليمية ودولية تحت شعار "لم الشمل"، وذلك بعد سنوات من الانقطاع الذي استمر خلاله انقسامات عدة حول ملفات إقليمية.

انقسامات دولية 

وفي السياق ذاته، قال إسماعيل تركي الخبير في العلاقات الدولية:" في حقيقة الأمر أعتقد أن انعقاد القمة العربية بعد مرور  ثلاث سنوات ونصف عن آخر قمة انعقدت في تونس في مارس 2019 جاءت وسط تباينات عربية واضطرابات في السياسة الدولية، وذلك تحت عنوان كبير لتكون قمة "لم الشمل"، واهتمت القمة بعدد من القضايا الاساسية الموجوده علي جدول أعمال القمم العربية بصفة عامة والتي تواجه دول المنطقة، إضافة إلي عدد من القضايا الجديدة تماشيا مع المرحلة العصيبة التي يمر بها العالم وأثرت علي كافة الدول ومنها الدول العربية بطبيعة الحال".

وأضاف "تركي" في تصريحات خاصة ل "الفجر":"القضية الفلسطينية تتصدر أهم بنود الوثيقة وجدول أعمال القمة، وحاولت الجزائر بما تملكه من علاقات طيبة بكافة الفصائل الفلسطينية والدعم الكبير الذي تقدمه للقضية الفلسطينية أن تكون هذه القمة لدعم القضية الفلسطينية بإمتياز".

وتابع خبير العلاقات الدولية: "وفي وقت سابق تم بالفعل توقيع ورقة سميت بإعلان الجزائر في أكتوبر الماضي بشأن المصالحة الفلسطينية، وتشكيل مجموعة عمل لدعم تقديم فلسطين طلب الحصول على العضوية الكاملة بالامم المتحدة من خلال مجلس الأمن، ويأتي ذلك في ضوء الجهود الجزائرية في عملية المصالحة الفلسطينية وإجراء انتخابات وتشكيل حكومة واحدة لمواجهة الجانب الإسرائيلي".

الكيان الصهيوني تحت المجهر  

وأضاف “تركي”:"وتحسب هذه الجهود للقمة العربية، وحالة التوافق العربي لدعم القضية الفلسطينية وجعلها علي رأس الأولويات في جدول أعمال القمة، ويأتي هذا ردا علي قيام دول أعضاء بالجامعة العربية والتي وضعت تاريخيًا دعم القضية الفلسطينية وإدانة إسرائيل على رأس أولوياتها، بتطبيع لافت مع إسرائيل".

وأشار خبير العلاقات إلى تأكيد الأمر خلال البيان الختامي للقمة في بنده الأول الذي يدعم مركزية القضية الفلسطينية، وحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، بما فيها حقه في الحرية وتقرير المصير، وتجسيد دولة فلسطين المستقلة كاملة السيادة علي حدود 4يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وحق العودة والتعويض للاجئين الفلسطينيين وفقا لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194 لعام 1948.

ولفت “تركي” في تصريحاته إلى أن التمسك بمبادرة السلام العربية لعام 2002 بكافة عناصرها وأولوياتها، والتزامنا بالسلام العادل والشامل كخيار استراتيجي لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لكافة الأراضي العربية، ودعم الوصاية الهاشمية التاريخية لحماية المقدسات الدفاع عن مدينة القدس، ودعم صمود أهلها والمطالبة برفع الحصار الإسرائيلي عن قطاع غزة وإدانة استخدام القوة من قبل السلطة القائمة بالاحتلال ضد الفلسطينيين، وجميع الممارسات الهمجية بما فيها الاغتيالات والاعتقالات، مشددًا على ضرورة توحيد جهود الدول العربية للتسريع في تحقيق هذا الهدف.

ملفات على الطاولة

وتابع: "أما فيما يتعلق بالقضايا التي يمكن أن نطلق عليها تقليديه تجاوبت القمة مع القضايا الليبية والازمة في اليمن والعراق والسودان ولبنان وكلها قضايا استمرت منذ ما يزيد عن عشر سنوات، وبحثت في كيفية تقديم الدعم والمساندة والمساعدة لإيجاد حلول عربية لهذه المشكلات".

وأردف: "ما يحسب لهذه القمة هي الاعداد الجيد والتشاور المسبق فقد سبق أعمال القمة اجتماع المندوبين الدائمين واجتماعات علي مستوي المجلس الاقتصادي والاجتماعي، واجتماعات وزراء الخارجية العرب للوصول إلي توافق كامل بشأن القضايا المطروحه علي جدول الأعمال، وهو ما تم الاتفاق عليه في اجتماع القمة، واهتم البيان الختامي للقمة بعدد من القضايا غير التقليدية والتي تم مناقشتها لاول مره بهذا الوضوح وهذا الانكشاف نتيجة الأزمات التي تضرب العالم بشكل كبير والتغير الحاصل في الأوضاع العالمية".

تعزيز العمل العربي المشترك

 واستطرد حديثه قائلًا":" إن  البيان حث على تعزيز العمل العربي المشترك لحماية الأمن القومي العربي بمفهومه الشامل وبكل أبعاده السياسية والاقتصادية والغذائية والطاقوية والمائية والبيئية، والمساهمة في حل وإنهاء الأزمات التي تمر بها بعض الدول العربية، بما يحفظ وحدة الدول الأعضاء وسلامة أراضيها وسيادتها على مواردها الطبيعية ويلبي تطلعات شعوبها في العيش الآمن الكريم".

وذكر أن البيان رفض التدخلات الخارجية بجميع أشكالها في الشؤون الداخلية للدول العربية، والتمسك بمبدأ الحلول العربية للمشاكل العربية عبر تقوية دور جامعة الدول العربية في الوقاية من الأزمات وحلها بالطرق السلمية، والعمل على تعزيز العلاقات العربية هذه قضايا غير تقليدية خاصة ما يتعلق منها بالأمن الغذائي وأمن الطاقة والعمل علي المشروعات الاقتصادية البينية لتأمين نجاح الدول العربية في هذا المسعي المهم لحفظ الأمن القومي العربي ومن التدخلات الخارجية من القوي الإقليمية والدولية.

نضج سياسي 

واختتم حديثه قائلًا":" وفي نهاية تعليقي يمكنني القول إن الأحداث الدولية بداية من تداعيات أزمة كورونا والتداعيات الاقتصادية الخطيرة علي اقتصاديات الدول نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية، وارتفاع أسعار الطاقة الذي تبعه ارتفاع الأسعار، وزيادة نسبة التضخم وتهديد إمدادات الغذاء جعلت هناك حالة من النضج والواقعية في سياسات الدول العربية".

وباتت الرؤية أكثر وضوحا من ضرورة الاعتماد علي الذات والحفاظ علي ما تبقي من أمن قومي عربي، ومحاربة كافة أشكال التدخل الخارجي وهو ما يمكن القول إن هناك نوع من مراجعة السياسات التي أصبحت أكثر واقعية وبحسب للدولة المصرية بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي قيادته للمنطقة بمساعدة الأشقاء في تنفيذ هذه الرؤية التي تتبناها مصر، وهو ما أكد عليه في كلمته في القمة العربية بالجزائر.