صوت الكرامة والمقاومة والحياة

لطفي بوشناق.. مُغني بدرجة إنسان <<بروفايل>>

تقارير وحوارات

لطفي بوشناق
لطفي بوشناق

لطفي بوشناق.. ليس صعبًا أن تصير إنسان بدرجة مُغنِّي، فكم من غناء على أوتار النفاق، وكم من غناء على أوتار الخديعة، وكم من غناء على اوتار المصالح، كلها غناءات، في سيمفونية الوصولية، لكن أن تصبح مغنِّي بدرجة إنسان، يعشق وطنه، وبلاده العربية، يوظِّف إمكانات فَنِّه - رصيده من الدنيا - أو إن شئت أن تقول هبة الله له، فأنت تتحدث عن الفنان العربي "لطفي بوشناق". 

لطفي بوشناق

لطفي بوشناق فنان يكره المُراوغة، لا يفهم الكلمات المطَّاطة، ولا التعبيرات المائعة، بطبيعه وعيه يكره اللعب داخل “المنطقة الرمادية"، التي بدورها لن تؤثر على أوتاره آلته الموسيقية "العود"، التي يحترفها، فيؤجج من حماسته قبل حماسة الحاضرين، وكأنه مستجلبًا مشاعر الرجولة والإيمان بقضيته. 

جنديٌ في حبه

قد تتذكره في أغنية "لاموني اللي غاروا مِنِّي"، والتي اخذ يبذُل فيها أداءًا، بلغَ المجهود، وكأنه جنديًا يجاهد في قضيته؛ من أجل أن يثبت أنَّ لديه عينين، ترى المحبوب، على غير ما يرى الآخرون، ليحوِّل القصة إلى مسألة مبدأ يعيش بها العاشق معشوقه.

ضمير المقهورين 

يصفه النقَّاد دون انتقاد بأنَّه ضمير المقهورين، صرخة الكتمان في نفوس البسطاء، صاحب صوت جرئ، بكل معاني الحماس، لديه فن بطعم الثورة، وغناء بطعم التمرد، يعشق الانعتاق من القيود، يسبح في أجواء من اللاانحياز، يغني للرجل، للمرأة، للحب، للحياة، للروح، للقلب، لكل مكنونات النفس المدفونة، يغني للإنسان، وبالإنسان، ومع الإنسان، يلامس القلوب، يثير لديك ذاك الغيور على أرضه، الحَيِّيُ من ضميره، الطامح في غدٍ جميل وأجمل، يغني ما يمتلكه من أدوات الصدق، والعفوية والإحساس.

بدموع العين

كثيرًا ما يغني ابن حيِّ الحلفاوين التونسية، من أجل قضايا حيَّة، يبث فيها صوته الرنَّان، والتي ينتقد فيها بعض القناعات والسياسات، مثل أغنية “تكتيك” والتي تحمل سخرية من هرطقات بعض السياسيين، ثم أغنية “أنا مواطن"، والتي يكرر فيها جملة "ولا أبالي الدنيا ديسها بمداسي.. لكن خلولي بلادي"، فترتفع صيحات جمهوره عالىة.

لكنَّه لم يتمالك نفيه ذات مرَّع على خشبة المسرح، إذ تأثر وهو يغني أغنية أنا مواطن، والتي لم يتمالك نفسه ليذرف دمعه، في كوبليه “خدوا المناصب والكراسي.. لكن خلولي الوطن"، في إشارة للقضية الفلسطينية، التي دومًا تستثير لديه حماسته وهو يغني، والتي أشار أنّها تمثل لديه شاهدًا على ما يحدث من انتهاكات في التعامل والتعاطي مع قضايانا العربية، وبخاصة القضية الفلسطينية في ظل الاحتلال الإسرائيلي.

من أجل الضحايا

بعد كل كما قرأت ليس غريبًا أن تقرأ عناوين الصحافة العالمية بخط عريض "لطفي بوشناق يغني لفائدة ضحايا الزلزال" على بمسرح الأوبرا بمدينة الثقافة التونسية في حفل فني خصّص ربحه لصالح المتضررين من الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا منذ أسابيع؛ ليبقى الصوت الصدَّاح يشدو من أجل حقيقة الإنسان.. من أجل جوهر يراه كل عاقل؛ ليبقى الصوت الصدَاح في زي مقاتل فنَّان.