ننفرد بنشر مراحل عملية ترميم تابوت بمتحف جاير أندرسن والكشف عن اسم صاحبه (صور وفيديو)
حصلت بوابة الفجر الإلكترونية على التفاصيل الكاملة للكشف الأثري الذي حققه فريق ترميم متحف جاير أندرسن، حيث استطاع المرممون هناك بقيادة الدكتورة أسماء زينهم إنقاذ تابوت أثري كان يُعتقد من قبل البعض أنه مجرد قطعة تقليد، لأنه لم يكن معلوم مدى أصالة التابوت وأثريته، وكان مسجل في ملفات المتحف أنه تابوت من الجص الأسود مذهب الوجه تحت رقم 1717 حتى كشف الترميم عن مزاياه الأثرية التي تجعله قطعة متميزة نادرة.
مراحل الترميم
وقالت الدكتورة أسماء زينهم أخصائية ترميم بالمجلس الأعلى للآثار، ورئيس فريق ترميم متحف جاير أندرسن، في تصريحات خاصة لبوابة الفجر الإلكترونية، إن التابوت موجود بالمتحف من سنوات عدة وقد اقتناه جاير أندرسون قبل عام 1935م، حيث خرج أو جاء من منطقة القرنة، وكان على حالته السوداء كما يتضح من الصور التي تعرض مقتنيات المتحف وقت ما كان جاير أندرسن يعيش فيه كبيته، ولم يعتبره قطعة أثرية، أو أنه قطعة لا يدرك أحد مدى أصالتها.
دفاتر المتحف
وأشار زينهم أنها اطلعت على دفاتر المتحف ووجدت أن كل المسجل عن التابوت أنه من الجص الأسود المذهب الوجه، دون الإشارة إلى مدى أصالة القطعة، وقالت: قمت بمراحل الترميم على مدار ستة أشهر لإزالة الطبقات السوداء الكاسية لجميع بدن التابوت ماعدا الوجه المذهب.
كاهن من العصر المتأخر
وتابعت، تم الكشف هوية صاحبه وهو المدعو «آمن باك» والذي بالبحث تبين أنه كاهن من العصر المتأخر وقد تم سرقة المومياء الخاصة به وتشويه التابوت بطريقه احترافيه لم تنطل على إدارة الترميم بالمتحف وكان لي الشرف فى نزع جميع القطع الخشبية والكرتونية الغير أثرية المضافة له عبر الزمن بقصد تثبيته على الحائط بداخل قاعة متحف البيت بمتحف جاير أندرسون، وتم ترميمه ومعالجة آثار الزمن عليه وطرق الحفظ الغير علميه وإزاحة الستار عن هوية صاحبه.
طبقة سوداء ثنائية
وأضافت الدكتورة أسماء زينهم قائلة، قمت بإزالة الطبقة السوداء الدخيلة على التابوت وهي مادة طلاء كثيفه ووجدت أسفلها طبقه سناج كثيف أيضًا ممزوج بالتبن لإخفاء هوية صاحب التابوت، وأزالت الأتربة العالقة بخلفية التابوت والحشرات الميتة والتعديات والإضافات المستحدثة والتي كانت بغرض تثبيت التابوت بالقاعدة حتى يتسنى تثبيته على الحائط وتعليقه بواسطة حبل حديث.
جاير أندرسن لم يكن يعلم
وجاير أندرسون ذاته لم يكن يعلم هوية صاحب التابوت حيث أن هناك لوحة زيتية معلقة للتابوت في خلفيه جاير أندرسون وهو جالس في غرفة الكتابة بلونه الأسود كما هو، وجهزت إدارة المتحف فاترينة عرض خاصه بالتابوت وتم عرضه بقاعه متحف البيت بالمتحف بالدور العلوي.
اقرأ أيضًا: "تابوت قديم".. ننشر تفاصيل كشف أثري جديد بمتحف جاير أندرسن
متحف جاير أندرسن “بيت الكريتلية”
وبيت الكريتلية أو متحف جاير أندرسون أو بيت الجزار أو منزل أمنة، كلها أسماء لنفس المكان، وهو عبارة عن بيتين أثريين تم تأسيسهما بجوار جامع أحمد ابن طولون ووصلت شهرة البيت إلى لندن.
البيت الأول
في عام 1540م قرر رجل يُدعى عبد القادر الحداد أن يبني بيتًا فوق الجبل، في منطقة السيدة زينب والخليفة وهو جبل صغير يدعى جبل يشكر، وهو نفس الجبل المبني فوقه جامع أحمد بن طولون عام 265 هـ / 897م، حيث تم بناء منزلين متتالين إلى جوار الجامع أولهما منزل عبد القادر الحداد عام 1540م.
البيت الثاني
وبعدها وفي عام 1642م أسس الحاج محمد الجزار منزل آخر أكبر حجمًا وأجمل في المعمار والزخرفة، جوار بيت عبد القادر الحداد وأصبح بين البيتين شارعًا يؤدي لأحد أبواب جامع أحمد ابن طولون والبيتين ملاصقين لسور الجامع، ولم يكن الرجليين يتخيلان أنهما يبنيان أثر هام سيدوم لقرون عديدة.
سيدة من كريت
مع مرور السنين وفي بداية القرن التاسع عشر تم بيع بيت محمد الجزار لسيدة من جزيرة كريت وبيت عبد القادر الحداد لسيدة من الصعيد وهي أمنة بنت سالم، ومن هنا سمي المكان ببيت الكريتلية أو بيت أمنة إلا أن الزمن كان قد أثر على جمال البيتين وتهدما وكانت الحكومة قد قررت أن تزيلهما أثناء ترميمات جامع ابن طولون.
ضابط إنجليزي يقع في غرام برقع مصرية
ضابط وطبيب إنجليزي اسمه جاير أندرسون كان يمر أمام البيت في شبابه ليرى فتاة مصرية تقف بالبرقع في المشربية فيجن جنونه ويقع في حبها في صمت لم يفصح عنه.
وبعد 29 عامًا بعدما تقاعد وبقى يعيش في مصر التي ذكرها في مذكراته التي عرضت في متحف لندن بأنها أحب الأرض إلى نفسه، وفي عام 1935 سمع عن قرار الحكومة المصرية بهدم البيتين، فتقدم لها بعرض أن يقوم بترميم البيتين ويسكن بهما، وإنه سيمد البيتين بمجموعته الأثرية من التحف والآثار التي يعشقها، ليكون البيت بعد وفاته متحف لهذه التحف.
أندرسون يرمم المنزل
وهكذا قام أندرسون بصرف مبالغ طائلة على ترميم المنزلين على نفس طرازهم المعماري السابق، ونقل كافة قطعه الأثرية الثمينة التي جمعها من كل أنحاء العالم لتكون حوله في المنزلين، بل إن كل قطعة أثاث تواجدت في المنزل تعتبر آثر ثمين ومتميز.
سليمان الكريتلي اليوناني خادم ضريح سيدي هارون الحسيني
لم يسكن جاير وحده في المنزل بل استعان بخادم عجوز كان يعمل لدى السيدة الكريتية، وأسلم فأصبح يدعى بسليمان الكريتلي ووهب نفسه لخدمة ضريح "سيدي هارون الحسيني" كما يطلق عليه هناك، وهكذا أصبح الرجلان أصدقاء، وقد قام سليمان بحكي الكثير من القصص الشيقة والتي اغلبها كاذب وغير حقيقي لجاير وهو ما أثار خياله بشدة.
كتاب أساطير بيت الكريتلية أصدر من لندن
من خلال حكايات عم سليمان قام جاير بتأليف كتاب أسماه أساطير بيت الكريتلية، ونشرة في لندن ليحقق به نجاح كبير، الكتاب يحكي عدد من الحكايات بعضها شديد الخيال، وبعضها مقتبس من قصص القرآن الكريم مع تغيير مكان الحدث ليصبح في بيت الكريتلية، حيث حكى قصة سيدنا إبراهيم وذبح سيدنا إسماعيل مدعيًا حدوثها فوق جبل يشكر في موضع البيت، كذلك ادعى أن هذا الجبل هو الجبل الذي كلم الله تعالى عليه موسى عليه السلام، ولكن لم تخلو الحكايات من حكايات طريفة كذلك.
ملك الجان أمر ببناء البيت ويسكنه ثعبان طيب
ووردت في الكتاب حكايات طريقة مثل حكاية ملك الجان الذي أمر الجزار أن يبني البيت هناك لتعيش به بناته السبع في أمان فوق جبل يشكر، وكذلك حكاية الثعبان الطيب الذي رأى صاحب البيت ينهر أطفاله عن قتل ثعابين وليدة فقام بكسر زير ماء مسمم كي ينقذ الرجل وأسرته وهذه الحكايات الخيالية المفعمة بالجو الشرقي للمشربيات والبراقع والمنمنمات والجان قد أثارت خيال الغربيين لتجعل الكتاب في أفضل الكتب مبيعًا في عصره.
جاير يموت ويوفي بوعده مع العشرات من القطع الأثرية الثمينة
وهكذا عند وفاة جاير في عام 1945، كان قد تنازل عن المنزل بمحتوياته لهيئة الآثار المصرية التي حولته لمتحف باسم متحف جاير أندرسون، وهو يحوي عدد ضخم من الأثاث والمنحوتات الأثرية التي وضعها جاير به.
جيمس بوند عاش في بيت الكريتلية
والحقيقة أن شعبية البيت في الخارج دفعت صانعي أفلام جيمس بوند إلى تصوير جزء من فيلم الجاسوسة التي أحبتني في أحد قاعاته الشرقية المثيرة للخيال.