الشعب يريد.. اسقاط"فولف رئيس المانيا"

عربي ودولي



يتعرض الرئيس الألماني كريستيان فولف لضغوط سياسية متزايدة تطورت لمطالبات باستقالته من منصبه بعد الكشف عن محاولته الضغط على صحيفتين لمنعهما من نشر معلومات عن حصوله على نصف مليون يورو كقرض شخصي بفوائد متدنية خلال رئاسته حكومة ولاية سكسونيا السفلى عام 2008.

والتزم فولف الصمت تجاه تقارير صحفية تحدثت عن تركه رسالة صوتية على هاتف كاي ديكمان -رئيس تحرير صحيفة بيلد الشعبية واسعة الانتشار- هدده فيها بعواقب قانونية وقطع العلاقة مع صحيفته إذا نشرت الأخيرة تقريرا عن القرض الذي أخذه من زوجة رجل أعمال ثري.

وأكدت بيلد المتخصصة في الإثارة والفضائح صحة ما تناقلته تقارير إعلامية عن اتصال الرئيس الألماني خلال زيارته للكويت في الثاني عشر من الشهر الجاري برئيس تحريرها وتحذيره برسالة مسجلة غاضبة من عزم الصحيفة نشر قصة غير قابلة للتصديق عن القرض الذي استخدمه في بناء منزل لإسرته.

تهديد وهجوم

وبعد الكشف عن هذا الاتصال تداولت صحف ألمانية أخرى أن توماس دوفنير رئيس مجلس دار نشر شبرينجر وصاحبة الدار فريدا شبرينجر رفضا طلب الرئيس منهما هاتفيا منع صحيفة بيلد الصادرة عن الدار من التعرض لموضوع القرض.

وزادت مجلة دير شبيغل من ورطة الرئيس الألماني وكشفت أنه استدعى محررا بصحيفة فيلت أم زونتاغ إلى القصر الجمهوري وهدده بعواقب قانونية إذا قام بنشر مقال يعده بشأن القرض الذي حصل عليه فولف من زوجة رجل أعمال صديق له.

وتسبب الإعلان عن هذه التفاصيل في تصاعد حدة الهجوم على الرئيس من كافة الأحزاب واعتبر سياسيون من أحزاب الائتلاف الحاكم والمعارضة أن رئيس الجمهورية مطالب بالرحيل بعد أن فقد مصداقيته.

وأعلن نواب من الحزب المسيحي الديمقراطي الحاكم -الذي جاء فولف من صفوفه وتتزعمه المستشارة أنجيلا ميركل- أن حزبهم أصبح غير معني بالدفاع عن الرئيس وطالب نائب من الحزب المسيحي الاجتماعي البافاري –الشريك الثالث بحكومة ميركل– فولف بالاستقالة.

ورأت بيرجيت هومبورغر -نائبة رئيس الحزب الديمقراطي الحر الشريك الثاني بالحكومة الألمانية– أن فولف سيلحق ضررا فادحا بمنصب الرئيس إذا لم يبادر بالرد على اتهامه بمحاولة التأثير على عمل الصحافة.

تشكيك بالمصداقية

كما وجه الحزب الإشتراكي الديمقراطي المعارض انتقادات عنيفة لفولف، وقال مدير الكتلة البرلمانية للحزب توماس أوبرمان إن عدم إدراك فولف أن منصبه لا يمنحه حصانة تميزه عن المواطنين وامتناعه عن الرد على اتهامه بالتربح وتلقي الهدايا يحول دون استمرار بقائه بمنصبه .

ورأي سباستيان أداتي -ممثل الاشتراكي بلجنة الداخلية بالبوندستاغ- أن ألمانيا ليست بحاجة لرئيس يتحدث عن حرية الصحافة ثم يركلها بالأقدام، واعتبر فريتس كون -نائب رئيس الكتلة البرلمانية لـ حزب الخضر المعارض- أن الاتهامات الموجهة للرئيس أفقدته المصداقية وجعلته غير مناسب لأعلى منصب في البلاد.

ودعا كون المستشارة ميركل للخروج عن صمتها وتحديد موقفها من الاتهامات الموجهة لفولف باعتبارها دعمت وصوله لمنصب الرئيس.

وتلتزم ميركل صمتا مطبقا تجاه الاتهامات الموجهة لرئيس الجمهورية وتوقع مراقبون عديدون تداعيات كارثية على مستقبل ميركل السياسي إذا استقال فولف من منصبه.

ودخلت نقابة الصحفيين الألمانيين وعدد كبير من الصحف الألمانية طرفا في السجال الدائر وشنت هجوما على محاولة رئيس الجمهورية عرقلة حرية السلطة الرابعة في البلاد .

من جانبها اعتبرت باحثة إعلامية ألمانية بارزة أن استمرار الحملة الإعلامية الهادفة لإسقاط فولف منذ أسابيع يطرح تساؤلات إعلامية عن السر في الكشف الآن عن محاولة الرئيس منع صحيفة بيلد من النشر عن القرض الذي حصل عليه.

أسئلة إعلامية

وتساءلت مديرة معهد المسؤولية الإعلامية د. زابينا شيفر –في تصريح للجزيرة نت– عن كيفية معرفة كريستيان فولف بنية صحيفة بيلد نشر معلومات عن موضوع قرضه، واستغربت استهداف رئيس الجمهورية بالهجوم الإعلامي رغم وجود سياسيين بارزين بنوا صعودهم على دعم منفعي غير طبيعي من دوائر المال والثروة .

وانتخب كريستيان فولف في يوليو/تموز 2010 كعاشر رئيس لألمانيا خلفا لسلفه هورست كوهلر الذي استقال فجأة قبلها بشهر عقب إدلائه بتصريحات مثيرة للجدل ربط فيها بين مصالح البلاد الاقتصادية ووجود القوات الألمانية في أفغانستان.

وأحدث فولف جدلا سياسيا واجتماعيا واسعا عندما عين للمرة الأولى في تاريخ ألمانيا إيغول أوزجان المسلمة من أصل تركي وزيرة في حكومة ولاية سكسونيا السفلى التي تولى رئاستها قبل انتخابه رئيسا، وتجدد هذا الجدل بشكل عنيف بعد إعلان الرئيس الألماني في أكتوبر/تشرين الأول 2010 أن الإسلام يمثل جزءا من ألمانيا.