أنصار القذافي يتوقعون هجوما كبيرا على سرت من محاور عدة.. ويرفضون الاستسلام

عربي ودولي



في وقت أعلن فيه رئيس المجلس الوطني الانتقالي الليبي، مصطفى عبد الجليل، أن الحكومة المؤقتة ستدعو إلى هدنة لمدة يومين حتى يتسنى للمدنيين مغادرة مدينة سرت مسقط رأس العقيد الليبي معمر القذافي، توقع موسى إبراهيم المتحدث باسم القذافي قيام قوات المجلس الانتقالي من الثوار بشن هجوم كبير على المدينة التي تقسم الشرق الليبي عن الغرب وترفض الاستسلام لحكام ليبيا الجدد رغم القصف الشديد الذي تعرضت له من طيران حلف الناتو.

وفي رد ونفي على مزاعم بإلقاء القبض عليه متخفيا في ملابس امرأة خلال الأسبوع الماضي، ظهر صوت موسى إبراهيم، المتحدث باسم القذافي، مجددا على قناة «الرأي» التلفزيونية التي تتخذ من سوريا مقرا لها. قال إبراهيم إن التقارير التي تحدثت عن القبض عليه غير صحيحة، وإنه موجود في مدينة سرت ويتحرك في محيطها أيضا، وإنه وأنصار للقذافي يقاتلون ولن يستسلموا، وإنهم يحققون نتائج طيبة، رغم قوة ضربات حلف الناتو على مدينة سرت والأسلحة المتطورة التي أصبح يستخدمها الثوار الليبيون. وتتعرض سرت، وهي مدينة فاصلة بين غرب ليبيا وشرقها، لحصار من عدة جبهات منذ نحو شهر، كما تتعرض لقصف من طائرات حلف الناتو. وتحدثت تقارير عن نزوح لجانب من سكان المدينة البالغ عددهم نحو 100 ألف نسمة، وانتشار الدمار والجثث، وافتقار إلى المواد الطبية والكهرباء والمياه والسلع الغذائية. وأدخل عمال إغاثة من اللجنة الدولية للصليب الأحمر إمدادات طبية مع تنامي المخاوف من وقوع كارثة إنسانية هناك.

وقال موسى إبراهيم إنه حوصر قبل يومين قرب جبهة سرت مع 23 مقاتلا لمدة يوم ونصف اليوم من جانب الثوار، وأضاف أنه والمجموعة التي كانت معه كانوا يردون على الثوار الذين حاصروهم، مشيرا إلى أن الثوار مسلحون تسليحا جيدا.. «بفضل الأسلحة التي أمدهم بها الناتو»، على حد قوله، وأنه ومن معه كانت معهم أسلحة خفيفة، مشيرا إلى أن المعركة كانت في الصحراء قرب سرت.

وأضاف إبراهيم أن اثنين من المقاتلين الذين كانوا معه قتلا قبل أن يتمكن «الشاب» من إخراجه «من هذا الهجوم المفاجئ»، وتابع قائلا إنه ومن معه توجهوا بعد ذلك إلى جبهة أخرى من جبهات القتال لـ«الاطمئنان على المجاهدين»، وعلى روحهم المعنوية وعزيمتهم، مشيرا إلى أن «المقاتلين الذين يقاتلون الثوار ليسوا مدربين، وعاديون جدا، ويقاتلون بينما طائرات حلف الناتو تضرب فوقهم، وبعضهم ليس مثقفا ثقافة سياسية عالية، ولكنهم مثقفون ثقافة روحية عالية، ويفهمون بحساسيتهم وشفافيتهم وصدقهم موضوع الاستعمار لليبيا»، على حد قوله.

وتحدث إبراهيم عما سماه حرب إبادة تتعرض لها سرت، ما جعل الناتو يتحدث عن نزوح جماعي من المدنية، في وقت قال فيه الناتو إن طائراته قامت بـ101 طلعة جوية يوم أول من أمس، منها 38 غارة لتحديد وضرب أهداف، منها منصة لإطلاق الصواريخ متعددة الفوهات ومخزن أسلحة في محيط بني وليد، ومركز للقيادة والسيطرة، ومنطقة للمشاة والمدفعية المضادة للطائرات، وعربتان مدرعتان، وأربع عربات مشاة مدرعة، ودبابة في محيط سرت. وقال موسى إبراهيم: «بدأت إبادة سرت، وعلى العرب أن يعرفوا أن هناك عملية إبادة جماعية منذ قرابة الشهر، وآلاف الناس قتلوا في بيوتهم دون مبالغة، ونتيجة لأن رائحة الموت أصبحت تفوح من سرت، ورائحة الدمار والخراب، بدأ الغرب في اللعبة الإعلامية بأن سكان سرت بدأوا ينزحون ويخرجون من المدينة حتى يقولوا إنهم لا يقصفون المدنيين».

وقال موسى إن «المدينة ما زال بها 180 ألفا من سكانها (العدد الفعلي أقل من 100 ألف)، وهناك عدة مئات خرجوا بعد أن دمرت بيوتهم، بالإضافة إلى قبائل كاملة احتمت بسرت لأن العصابات (يقصد الثوار) دخلت إلى قراهم ونجوعهم، والآن تدك البيوت فوق رؤوسهم.. هؤلاء أتوا بالدبابات والراجمات وصواريخ غراد ويضربون دون أي اهتمام بالأهداف العسكرية أو غيرها، ويقصفون الأحياء».

وأضاف موسى أنه أجرى اتصالات بمنظمات دولية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، لكن لم يتحرك أحد، وقال: «اتصلت بالمنظمات الدولية والأمم المتحدة، وطلبت منهم الحضور إلى سرت، كما حضروا إلى مدن أخرى، ويقولون سوف نأتي، لكن (مرّ) شهر كامل (و) ليس هناك وكالة واحدة دخلت سرت أو صليب أحمر أو هيئة إنسانية أو الأمم المتحدة علقت على ما يحدث في سرت».

كما تحدث موسى عما سماه نوعين من الجبهات التي يقاتل عليها أنصار القذافي، الأولى قال إنها هي الجبهات الرئيسية في بني وليد وسرت وسبها، والثانية سماها جبهات في المدن المغتصبة (التي يهيمن عليها الثوار)، قائلا إن «هناك عمليات تنفذ بشكل مستمر في المدن المغتصبة، وحركة الجهاد بدأت تزداد.. هناك عمليات تنفذ بشكل مستمر في الزاوية وطرابلس والعزيزية وزليطن وترهونة وغيرها، بعضها عمليات مرتبة وكبيرة وأخرى أصغر يقوم بها بعض الأفراد.. هناك مقتل عناصر إرهابية وتدمير لآليات، واستمرار راية الجهاد مرفوعة يعني أن عصابات الناتو لن ترتاح في السيطرة على ليبيا».

وأوضح موسى في ما يخص «الجبهات الجنوبية» بالقول إن مدينة «بني وليد أصبحت مطهرة تماما، و(الثوار) على مسافة بعيدة من المدينة، وجثث عصابات الناتو (الثوار) مرمية الآن في وديان وشعاب وجبال بني وليد، وهذا الكلام يعرفه جيدا القادة الميدانيون لعصابات الناتو.. مستشفى ترهونة ملئ بالجثث والجرحى من جبهة بني وليد، و(كذلك) مستشفى تاجوراء والمستشفى الطبي في طرابلس أيضا». وقال إبراهيم إن «بني وليد أصبحت فعلا معادلا لمعنى الموت» عند الثوار. وبالنسبة للحصار المضروب حول سرت من جانب قوات المجلس الانتقالي (الثوار)، والمعارك الدائرة هناك، أوضح موسى إبراهيم بقوله: «إن هناك أكثر من خمسة محاور من الهجوم على مدينة سرت.. مدعومة بطيران مكثف من حلف الناتو ومدعومة بأسلحة متطورة جدا جدا، لكن شباب سرت قادرون على صد هذا الهجوم». وتوقع إبراهيم زيادة وتيرة هجوم قوات المجلس الانتقالي على سرت خلال اليومين المقبلين، وقال: «لعلنا نتوقع أن يزداد الهجوم حدة على سرت، وبداية من يوم الغد سيكون هناك رفع لوتيرة الهجوم على هذه المدينة من عدة محاور، خصوصا الغربي والجنوبي، لكن نحن مستعدون. هناك قوة كبيرة لنا في المحور الغربي، وهناك كمائن وأعمال جهادية ممتازة معمولة على الجبهة الجنوبية أيضا، والجبهة الشرقية. سوف نخلص منها بإذن الله في الأيام القلية القادمة».

ودعا إبراهيم من سماها «القبائل الموجودة في المدن المغتصبة» بالعمل ضد الثوار، وأن تقدم متطوعين من الشباب للانضمام والقتال على جبهتي سرت وبني وليد، كما نقل إبراهيم في حديثه لقناة «الرأي» تعزية «من قائد الثورة معمر القذافي إلى أسرة البطل الزعيم الخالد جمال عبد الناصر في وفاة ابنه». وكانت وسائل إعلام تابعة للموالين للقذافي قالت في وقت سابق من الأسبوع الماضي، إن موسى إبراهيم لم يتم القبض عليه كما تردد في وسائل الإعلام، وإن موسى لن يقوم بالاتصال بوسائل الإعلام حتى لا يتم رصده، بسبب وجود اعتقاد بأنه في مكان ما بالقرب من القذافي. كما قال موقع وكالة «سفن ديز نيوز» الموالي للقذافي، الأسبوع الماضي، إن «المجلس الانتقالي يعتقد أن الدكتور موسى إبراهيم موجود مع القائد معمر القذافي، لذلك فإن الكشف عن مكان موسى هو كشف عن مكان وجود القذافي وقيادات أخرى مقربة منه»، مشيرا إلى أن المجلس الانتقالي «قام بزرع أجهزة التقاط مكالمات وتنصت عند مداخل بني وليد وسرت، وقد أطلق إشاعة اعتقال الدكتور موسى إبراهيم باعتبارها خدعة، إذ إن الدكتور حسب خطة المجلس سيتصل ببعض الفضائيات عبر الثريا لتكذيب الخبر، وحينذاك يتم التعرف على مكان وجوده».

على صعيد ذي صلة قال أنصار للعقيد القذافي: «إن هجوما شنوه على الطريق بين ترهونة وبني وليد أسفر عن مقتل ثلاثة من الثوار على الأقل والاستيلاء على عشر آليات، من بينها دبابات وسيارات وصواريخ غراد». وأضافت مصادر أنصار القذافي أن المعارك التي جرت على مشارف بني وليد أدت أيضا خلال اليومين الماضيين إلى مقتل ما لا يقل عن 50، بينهم رجل من الثوار كان مشهورا بعمله النوعي ضد المؤسسات الأمنية في وسط طرابلس يدعى «بو زريق».

وأفادت مصادر أخرى بقيام عناصر من كتائب نالوت بالهجوم على بلدة تيجي أمس. وتبادل أنصار القذافي ومقاتلو المجلس الانتقالي تنفيذ عمليات انتقامية ضد أنصار كل منهم، خلال الأيام الأخيرة. وتحدث شهود عيان ومصادر أمنية سابقة عن انتشار عمليات قتل وتعذيب وتحقيق خارج سلطة القانون من الطرفين.

وقال رجل يطلق على نفسه عابد من رابطة ثوار جنوب ليبيا، إن «أزلام نظام القذافي من كتيبة طارق في منطقة الغريفة قاموا بقتل محمد مفتاح شلقم، من قبيلة عبد الرحمن شلقم (الذي انشق عن نظام القذافي حين كان مندوبا لبلاده لدى الأمم المتحدة)»، وأضاف في اتصال عبر الإنترنت أن هذا الإجراء يأتي ضمن «محاولة التصفية العرقية للعائلات المناصرة للثورة»، ولم يتسنّ التأكد من صحة هذه الواقعة من مصدر مستقل بسبب صعوبة الاتصالات الهاتفية. كما لم يرد عبد الرحمن شلقم على هاتفه الجوال.