11 منظمة حقوقية تصدر بيان "الحصاد المر لعشرة أشهر من الحكم العسكري"

أخبار مصر


أصدرت 11 منظمة حقوقية بيانا مشترك لها اليوم تحت عنوان أزمة حقوق الإنسان في مصر .. الحصاد المر لعشرة أشهر من الحكم العسكري ، قالت فيه إن المصريين خرجوا في 19 نوفمبر من جديد إلى شوارع وميادين مصر في مظاهرات سلمية، للمطالبة بدولة مدنية وديمقراطية حقيقية تماثل تلك التي حلموا بها في يناير الماضي، وقابلها جنود الشرطة وجنود القوات المسلحة بالقوة المفرطة، مما أدى إلى مقتل عشرات المصريين، وإصابة أكثر من 3000 من المتظاهرين السلميين العزل.

وأضاف التقرير لقد اتبع المجلس الأعلى للقوات المسلحة، نفس سياسات وأساليب نظام مبارك في قمع المظاهرات والاعتصامات، واستخدام القوة المفرطة ضد المتظاهرين السلميين، وقتل العشرات من المدنيين العزل، والاعتقال التعسفي، واستغلال وسائل الإعلام في تشويه القوى المدنية والمدافعين عن حقوق الإنسان، بالتوازي مع العمل على تضخيم قوة الجماعات الإسلامية المتطرفة، كفزّاعة أو أداة لتخويف المصريين والغرب، ودفعهم للخضوع للأمر الواقع، وهى ذات استراتيجية الرئيس المخلوع .

وخلال الشهور العشرة الماضية، عكف المجلس الأعلى للقوات المسلحة على إعادة إنتاج وابتكار وسائل غير مسبوقة للقمع في مصر، لم تكن موجودة حتى في عهد مبارك. وخلال تلك الفترة، قامت الشرطة العسكرية بأعمال قتل خارج نطاق القانون أودت بحياة العشرات من المدنيين الأبرياء. كانت مذبحة ماسبيرو، التي قامت خلالها قوات الشرطة العسكرية بقتل 27 مدني معظمهم من الأقباط بلا رحمة، مثالاً لأحداث أخرى عديدة تكرر خلالها قيام قوات الشرطة العسكرية ورجال الشرطة بإطلاق الذخيرة الحية على المتظاهرين المدنيين العزل. و فوق كل ذلك، تم اعتقال آلاف المدنيين تعسفيًا أثناء المظاهرات، وإرسالهم إلى محاكم عسكرية استثنائية حتى أصبحت المحاكمات العسكرية للمدنيين صورة منهجية، فقد تم إحالة أكثر من 13 ألف مدني إلى القضاء العسكري، من بينهم آلاف المتظاهرين السلميين، والناشطين والمدونين.

وقال البيان لم تختف ظاهرة التعذيب في مصر بعد الثورة، ومازال يمارس بشكل منهجي وواسع الانتشار، كما كان الحال قبل الثورة، وضحاياه هم من المدنيين اللذين تلفق لهم تهم البلطجة أو النشطاء السياسيين، ومعظمهم من القوى الداعية للديمقراطية والدولة المدنية. وقد انضمت الشرطة العسكرية بعد ثورة يناير إلى المؤسسات التي كانت تمارس التعذيب قبل ثورة يناير في العديد من تلك الحالات. كما ظهرت أيضًا من جديد حالات الاختفاء القسري للنشطاء السياسيين كظاهرة. حيث يتم خطف النشطاء بواسطة جهات أمنية شرطية و/ أو عسكرية وهم معصوبي العيون، ويتم اقتيادهم لأماكن احتجاز غير معلومة للتحقيق معهم. وفي أغلب الأحيان، لا يُعرف شئ عن هؤلاء النشطاء، إلا بعد انتشار خبر اختفائهم، فيتم إطلاق سراحهم .

وتأتي تلك الانتهاكات في ظل مناخ يؤسس لظاهرة الإفلات من العقاب وغياب آليات المساءلة، وعادةً ما يتم تجاهل الشكاوي والبلاغات التي تُقدم لمكتب النائب العام، ويتم تعريض الضحايا من مصابي الثورة وأقاربهم، فضلاً عن أهالي الشهداء لضغوط مستمرة من قِبل مرتكبي الانتهاكات للتنازل عن اتهاماتهم. علاوة على ذلك، فإن النظام الحالي لا زال غير قادر أو راغب في محاكمة رموز نظام مبارك على الجرائم التي قاموا بارتكابها خلال الثلاثين عامًا الماضية.

وتبدو محاكمة مبارك الآن أقرب إلى الهزلية، حيث تزيد فرص تبرئته عن إدانته، نتيجة عدم الجدية في جمع الأدلة والتحقيق، وعدم توفير آليات لحماية الشهود. وليس لدى المجلس الأعلى للقوات المسلحة إرادة سياسية حقيقية لضمان نظام للمساءلة والمحاسبة عن انتهاكات العقود الماضية أو الانتهاكات الحالية، بالإضافة إلى ذلك فإن الرئيس السابق مبارك يتم محاسبته فقط على جرائم قتل المتظاهرين في الفترة من 25 يناير وحتى 2 فبراير، دون أي مسائلة عن جرائم حقوق الإنسان التي ارتكبها على مدار ثلاثين عاماً من حكمه .

وتابع البيان أخفقت الدولة في الوفاء بالتزاماتها الوطنية والدولية بحظر كافة أشكال خطابات الكراهية والتحريض على العنف؛ بل إنها على العكس، كانت تلعب دورًا نشطًا في إرهاب الإعلاميين في القنوات والصحف المستقلة، وممارسة الضغط عليها بهدف إرغام الصحفيين ومذيعي ومعدي البرامج الحوارية على ممارسة الرقابة الذاتية على أعمالهم، وفي بعض الأحيان تتدخل بشكل مباشر لوقف برامج تُعرف بتوجهها النقدي لأداء المجلس الأعلى للقوات المسلحة. وقد أصدر كل من المجلس الأعلى للقوات المسلحة والحكومة بيانات وتصريحات من شأنها نشر خطابات الكراهية والحملات المحرضة على كراهية الأجانب، مما نتج عنه نشر رسالة عامة مضمونها أن الأجانب في مصر هم جواسيس وعملاء محتملون للحكومات الأجنبية. وتتضمن الصحف الحكومية اتهامًا مستمرًا للحكومات الأجنبية بالتدخل في الشئون الداخلية، والترويج لأجندات أجنبية تستهدف جر مصر إلى حرب أهلية، عن طريق الدفع نحو تطبيق أجندة ديمقراطية فيها، الأمر الذي يربط بين أعمال التجسس والمطالبة بالديمقراطية .

وأوضح لقد عكف المجلس الأعلى للقوات المسلحة على تطبيق سياسات تتسم بالعداء للتحول الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، كما كان يقود عملية الانتقال بأساليب تؤكد مولد نظام سلطوي جديد. ومن خلال استخدام أدوات قمعية ضد الفاعلين من القوى المدنية الداعية للديمقراطية، والحد من المساحات المتاحة لهم في المجال العام. وخلال الشهور العشر الماضية، شن المجلس الأعلى للقوات المسلحة هجومًا غير مسبوق على المنظمات والحركات الاجتماعية التي كانت بمثابة القوة الدافعة للثورة. فخلال تلك الفترة، عمل المجلس الأعلى للقوات المسلحة على استهداف المنظمات الشبابية والمجتمع المدني ومنظمات حقوق الإنسان بشكل خاص، والأحزاب حديثة التكوين. وجدير بالذكر أن تلك الجماعات قدمت في فترة ما بعد الثورة عددًا كبيرًا من الأفكار، والقوانين، والقواعد، والإرشادات والاستراتيجيات لضمان انتقال سلمي وديمقراطي في مصر، بما في ذلك اقتراحات بخارطة طريق وجدول زمني لتسليم السلطة، والإصلاح القضائي، والإصلاح الأمني، وإصلاح وسائل الإعلام والاتصال، ومقترحات لوضع حد لمشكلة العنف الطائفي. ولكن المجلس الأعلى للقوات المسلحة تجاهل تلك المقترحات.

وأوضحت أن :الفارق الوحيد بين الانتهاكات التي كان يمارسها مبارك والتي يمارسها الآن المجلس الأعلى للقوات المسلحة، هو اختلاف المستهدفين من تلك الانتهاكات، فبعد أن كان مبارك يستهدف بالأساس قوى التطرف الديني، أصبح المجلس العسكري يتعامل مع بعض رموزهم بوصفهم مستشارين له، يساعدونه في حل الأزمات ذات الصبغة الطائفية، ويقدمون له العون والدعم فضلاً عن المساندة الشعبية. بينما وجه المجلس العسكري كافة صنوف القمع من قتل خارج نطاق القانون، تعذيب، اعتقال تعسفي، كشوف عذرية إجبارية ومحاكمات عسكرية، إلى ضحايا،هم بالأساس إما إعلاميون أو مدونون أو ليبراليون ويساريون، أو حقوقيون، أو مواطنون عاديون ومشجعون لكرة القدم، ليس لهم علاقة أو انتماء لأي تيار أو فصيل سياسي، سوى مطالبتهم بالحرية والديمقراطية واحترام حقوق الإنسان.

وطالبت المنظمات الموقعة على البيان بالوقف الفوري لجميع أشكال العنف والقتل خارج نطاق القانون والاعتقال التعسفي الذي يمارسه المجلس الأعلى للقوات المسلحة ووزارة الداخلية ضد المعارضين لاسيما المتظاهرين السلميين.

ونقل جميع سلطات المجلس الأعلى للقوات المسلحة لحكومة مدنية مؤقتة لحين تسليم السلطة إلى حكومة منتخبة ورئيس جمهورية منتخب.

وإسناد مهمة إجراء تحقيقات مستقلة إلى مجلس القضاء الأعلى بشأن الجرائم المرتكبة ضد المتظاهرين في كل الأحداث التي وقعت بعد الثاني عشر من فبراير، وعلى الأخص الجرائم التي ارتكبت بحق فتيات مصر اللاتي تعرضن لكشوفات عذرية، جرائم مذبحة ماسبيرو، جرائم القتل للمتظاهرين في ميدان التحرير منذ التاسع عشر من نوفمبر، وتكون من ضمن صلاحيات هيئة التحقيق التي يشكلها مجلس القضاء الأعلى، إجراء التحقيقات مع ضباط وجنود القوات المسلحة والمجلس الأعلى للقوات المسلحة.

والوقف الفوري للمحاكمات العسكرية للمدنيين، وضمان الإفراج عن هؤلاء الذين تم القبض عليهم لمجرد التعبير عن آرائهم، وإعادة محاكمة المدنيين مرتكبي الجرائم الجنائية أمام قاضيهم الطبيعي.

الالتزام بتطبيق مبدأ سيادة القانون وضمانات المحاكمة العادلة في التعامل مع جرائم العنف الطائفي، وضمان اتخاذ إجراءات عاجلة وقانونية ضد التحريض على الكراهية الدينية.

والإنهاء الفوري لحالة الطوارئ، والمراجعة الشاملة لكافة القوانين، التي تؤثر مباشرةً على حقوق الأشخاص وحرياتهم، بما في ذلك قانون الأحكام العسكرية.

وحماية وتطوير ركائز الدولة المدنية، وإشراك كافة قطاعات المجتمع، لاسيما منظمات المجتمع المدني، في حوار بَناء يتسم بالشفافية بشأن القرارات الحاسمة التي تتعلق بالمرحلة الانتقالية وتشكيل مستقبل البلاد.

والمنظمات الموقعة على البيان هي: مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان والجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية، وجمعية حقوق الإنسان لمساعدة السجناء، والشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، ومركز حابي للحقوق البيئية، ومركز هشام مبارك للقانون، ومصريون ضد التمييز الديني

المنظمة العربية للإصلاح الجنائي، ومؤسسة حرية الفكر والتعبير، ونظرة للدراسات النسوية.