السينما المصرية تحتفى بذكرى ميلاد فتى الشاشة الأسمر أحمد زكي



السينما المصرية تحتفى بذكرى ميلاد فتى الشاشة الأسمر أحمد زكي ويعد الفنان أحمد زكي من ألمع النجوم التي ظهرت في تاريخ السينما المصرية،

واسمه الكامل أحمد زكى عبد الرحمن مولود في مدينة الزقازيق، وهو الابن الوحيد لأبيه الذي توفى بعد ولادته، تزوجت أمه بعد وفاة زوجها، فرباه جده.

حصل الفنان أحمد زكي على الإعدادية ثم دخل المدرسة الصناعية، حيث شجعه ناظر المدرسة الذي كان يحب المسرح، وفى حفل المدرسة تمت دعوة مجموعة من الفنانين من القاهرة، وقابلوه، ونصحوه بالالتحاق بمعهد الفنون المسرحية، وأثناء دراسته بالمعهد، عمل في مسرحية (هالوا شلبى).

وتخرج (فتي الشاشة الأسمر) من المعهد عام 1973، وكان الأول على دفعته، ثم عمل في المسرح في أعمال ناجحة جماهيريا مثل (مدرسة المشاغبين)، (أولادنا في لندن)، (العيال كبرت)، وفى التليفزيون لمع في مسلسل الأيام و هو وهى ، و أنا لا أكذب.. ولكنى أتجمل ، و نهر الملح ، و الرجل الذي فقد ذاكرته مرتين .

وعمل في العديد من الأفلام التى حصل منها على جوائز عديدة، وتزوج من الممثلة الراحلة هالة فؤاد، وأنجب منها ابنه الوحيد هيثم، ويعتبر أبرز ممثلى الثمانينيات والتسعينيات.

كما يعد (فتي الشاشة الأسمر) من الممثلين الذين يندمجون في الدور، فيأديه بقوة

مهما كانت مساحته أو أهميته، وتعتبر أفلامه بمثابة محطات مهمة في التمثيل، ابتداء من (عيون لا تنام)، و(البرئ)، و(الحب فوق هضبة الهرم)، و(أحلام هند وكاميليا)، و(ناصر 56)، و(أرض الخوف) و(أيام السادات)، وكان أخر فيلم قدمة (حليم). وقال الكاتب والسيناريست وحيد حامد، لوكالة أنباء الشرق الاوسط، إن الفنان الراحل أحمد زكى تميز بالإخلاص الشديد فى عمله للدرجة التى جعلته يعانى ويتعرض لصعوبات حقيقية فى حياته.

وأكد أن السينما المصرية تتمتع بكم هائل من الأسماء اللامعة والتى لا تقل موهبة عن الراحل أحمد زكى إلا أن الأخير تمتع بجانب موهبته الفذة بإخلاص وتفان فى

عمله وبرز هذا فى أدق التفاصيل الخاصة بالشخصيات التى تقمصها ليكتسب زكى ثقة واحترام النقاد ومن قبلهم الجمهور طوال تاريخه الفنى.

وأشار إلى أنه كانت تجمعته صداقة عميقة مع الراحل أحمد زكى بدأت منذ منتصف السبعينات، مؤكدا أنه عرف أحمد زكى الانسان قبل الفنان ، وهو لا يقل روعة وابداعا عما نراه على الشاشة فهو صادق لأقصى درجة لذا صدقه واحترمه الجمهور ليعتلى قمة النجومية ويصبح من أهم النجوم فى السينما المصرية.

ولفت إلى أن الراحل عمل معه عدة أفلام كانت البداية فيلم (التخشيبة)، أعقبها فيلم (البرىء).. والذى أظهر فيه زكى موهبة فذة بتقمصه دور عسكرى على سجيته، كما حقق نجاحا كبيرا فى تقمصه لشخصية الوزير الفاسد فى فيلم (معالى الوزير)، رحم الله الراحل الذى امتع الجمهور المصرى وكذلك العربي بأدوراه الرائعة.

ومن جانبه قال الناقد طارق الشناوي إن أحمد زكي هو أفضل فنان في تاريخ السينما المصرية خلال الربع قرن الأخير، مشيرا إلى أنه يتمتع بموهبة كبيرة جدا جعلته من أهم الفنانين الذين أنجبتهم السينما العربية.

وأضاف الشناوي أن أفلام أحمد زكي سوف تعيش في ذاكرة السينما المصرية، ومن أهم المواقف التى جمعتنى بالنجم الكبير كانت فى بداية مشوار أحمد زكي عندما نسير فى وسط البلد، وكان يندوه بأحمد الشاعر الدور الذي قامه في مسرحية (مدرسة المشاغبين) الذي كان انطلاق النجم الكبير في عالم السينما والمسرح.

وأكد أننا نحن أمام فنان مجتهد جدا، يهتم كثيرا بالكيف على حساب الكم، يلفت

الأنظار مع كل دور يقدمه، وأعماله تشهد له بذلك، منذ أول بطولة له في فيلم (شفيقة ومتولى)، مرورا بأفلام (إسكندرية ليه)، (الباطنية)، (طائر على الطريق)، (العوامة 70)، (عيون لاتنام)، (النمر الأسود)، (موعد على العشاء)، (البريء)، (زوجة رجل مهم)، والعديد من الأفلام التى حققت نجاحات كبيرة على مستوى الجماهير والنقاد على السواء. طريق صعب، وملئ بالإحباطات والنجاحات، هذا الذي قطعه أحمد زكى حتى يصل إلى ما وصل إليه من شهرة واحترام جماهيري منقطع النظير، جعله يتربع على قمة النجومية.ومن جانبه قال الناقد حسن حداد عن أحمد زكي أنه لمس قلوب الناس وسط عاصفة من الضحك.. كان هذا خلال المسرحية الأولى التى واجه الجمهور بها، وهي مسرحية (مدرسة المشاغبين). فمن حوله ملوك الضحك عادل إمام، سعيد صالح، يونس شلبي، حسن مصطفى، عبد الله فرغلي..وهو التلميذ الغلبان الذي يعطف عليه ناظر المدرسة. وأشار إلى أن النقاد كتبوا عنه أنه كان الدمعة في جنة الضحك في هذه المسرحية ، إن أحمد زكي، الزبون القديم لمقاعد الدرجة الثالثة في دور السينما والمسارح المصرية، لفت الأنظار إليه بشدة عندما قام بدور الطالب الفقير الجاد في مسرحية مدرسة المشاغبين الكوميدية الذي يتصدق عليه ناظر المدرسة بملابسه القديمة.

وبعد ذلك انتقل زكي من المسرح إلى التليفزيون ثم إلى السينما، وكانت له جولات

وصولات في الساحات الثلاث، ولفت الأنظار إليه بكل دور يقوم به..وترجمت هذه

الأعمال المتفوقة إلى جوائز، وهنا بدأت الحرب عليه، وذلك للحد من خطورته. ومصدر الخطر فيه تحدد في ثلاثة مواقف سينمائية وتليفزيونية : الموقف الأول حين قام بدور البطولة في مسلسل (الأيام)، فقد قام بدور طه حسين، وعندما أجرى النقاد مقارنة بينه وبين محمود ياسين، الذي قام بنفس الدور في السينما. وحين تجري المقارنة بين من مثل مائة فيلم، وبين من مثل خمسة أفلام ومسلسل، فمعنى هذا أن أحمد زكي قفز إلى مكانة لم يسبقه إليها أحد !، والموقف الثاني برز حين قام بدور البطولة في فيلم (شفيقة ومتولي)، أمام سعاد حسني. ولا يهم ما قيل في الفيلم أو في سعاد حسني، إنما المهم هو البادرة بحد ذاتها، والتي هى إصرار سعاد حسنى أن يكون أحمد زكى هو بطل

الفيلم. والموقف الثالث كان في دور ثانوى، هو دوره في فيلم الباطنية، بين عملاقين سينمائيين هما فريد شوقى ومحمود ياسين، حيث إن الجوائز انهالت على أحمد زكى وحده، وهى شهادة من لجان محايدة على أنه، ورغم وجود العملاقين، قد ترك بصماته فى نفوس أعضاء لجان التحكيم.

وبعدها جاء فيلم طائر على الطريق، وجاءت معه الجائزة الأولى..وهكذا وجد أحمد زكي لنفسه مكانا في الصف الأول، أو بمعنى أصح حفر لنفسه بأظافره طريقا إلى الصف الأول !!.

ويعد عام 1982، هو الانطلاقة الحقيقية لهذا الفنان الأسمر. أما في عام 1983،

وخلافا لكل التوقعات، فقد رأينا أحمد زكي منسحبا عن الأضواء والسينما بنسبة

ملحوظة، ليعود في العام 1984 أكثر حيوية ونشاطا. ومن العجيب أن هذا الشاب الريفي، البعيد الوسامة، جاء إلى عاصمة السينما العربية، مفتونا برشدي أباظة، المعروف بوسامته.

والوسامة أو الشكل الذى لا يتميز عن بقية الناس بالجمال والحلاوة مثل معظم فتيان الشاشة الحاليين والسابقين. فهو ليس في جمال حسين فهمي أو أنور وجدي

مثلا ، ولكنه نموذج عادى لأشخاص عاديين يقابلهم المرء ويتعامل معهم كل يوم في الطريق..في المركبات العامة، وبقية الأماكن التى يتردد عليها الناس. إن جمهور السينما الذي تغيرت نوعيته، وأصبحت غالبيته من الكادحين، يرون أنفسهم في أحمد زكي، الفتى الأسمر الذي لا يعتني بملبسه ولا يذهب إلى الكوافير لفرد شعره الأشعث المجعد.

والواقع أن أحمد زكي عرف كيف ينتقل من دور إلى آخر حتى لو لم تكن هناك قواسم أساسية مشتركة بينها. فهو الفلاح الساذج في فيلم (البريء)، ومقتنص الفرص الهائم

على وجهه في فيلم (أحلام هند وكاميليا)، وابن الحي الذي قد يهوى إنما يحجم ويخجل في فيلم (كابوريا)، كما هو ضابط الاستخبارات القاسي الذي يفهم حب الوطن على طريقته فقط في فيلم (زوجة رجل مهم). والثابت المؤكد هنا قدرة أحمد زكي على تقديم أداء طوعي ومقنع في كل هذه الحالات المختلفة، مقدرة يعتقد أنها ناتجة عن اهتمامه منذ الصغر بالملاحظة وحب التعبير.

وقالت الفنانة فردوس عبد الحميد إن الفنان أحمد زكى من الفنانين القلائل الذين لن تستطيع السينما المصرية تعويضهم لامتلاكه موهبة عبقرية وتلقائية في الأداء أكسبته احترام الجمهور والنقاد على حد سواء.

وأضافت أن دوره في فيلمي (ناصر 56)، و(أيام السادات) من أهم الأدوار، غير أنها أكدت أن تجسيده لشخصية الزعيم الراحل جمال عبد الناصر كانت أصعب من تجسيد دور الراحل أنور السادات بالنسبة له.وقالت الفنانة فردوس عبد الحميد إنها تعجبت في بادئ الأمر من ترشيحه لدور عبد الناصر نظرا لأن شخصية عبد الناصر يصعب على أى ممثل تقمصها، غير أنه برع في تقديمها ومن هنا أود أن أوضح أن عبقرية الفنان فى تجسيد دور بعيد عن شخصيته الحقيقية والتمكن منه.

ومن جانبه أكد الفنان محمد نجاتي أن أحمد زكى أسطورة فنية لم ولن تتكر مرة

أخري فهو صاحب مدرسة مختلفة ومتميزة، لأنه كان يقدم كل دور بطريقة جديدة ومختلفة فقدم دور البواب والضابط والمجرم وفى كل دور تشعر أنه يدرسه جيدا قبل أن يقدمه ويعرف معالمه لكى يظهر علي أكمل وجه.

وأضاف نجاتى أنه قدم مع أحمد زكي أول تجربة فينة في حياته وهي فيلم ضد

الحكومة الذي يعتبره نجاتي شهادة تقدير في مشواره الفني لأنه شرف لأي فنان أن يقدم ولو حتي دورا صغيرا اما أحمد زكي، وعن أجمل زكرياته مع الراحل أحمد زكي قال أن أحمد زكي كان يحرص دائما علي أن يعطيه نصائح قبل بدء التصوير وبعده وكان يعامله كأنه أبنه لكي لا يشعر بالخوف وهو واقف أمامه.

يذكر أن الفنان أحمد زكى تزوج من الفنانة المعتزلة الراحلة هالة فواد وأنجبا ابنهما الوحيد هيثم أحمد زكى الذي أكمل دور والده في فيلم حليم لكنهما انفصلا قبل

وفاتها.

وتعامل مع أبرز مخرجى السينما المصرية وبالتحديد مخرجى الواقعية الجديدة من أمثال عاطف الطيب في البريء و الهروب، ومحمد خان في موعد على العشاء ، العوامة ، أيام السادات وداوود عبد السيد في (أرض الخوف)، واختاره يوسف شاهين لفيلم (إسكندرية. ليه؟) وشريف عرفة في (اضحك الصورة تطلع حلوة).. و(أيام السادات) وتعامل أيضا مع إيناس الدغيدى في (امراة واحدة لاتكفى).

ومن أهم أفلامة (أبناء الصمت)، (نذور)، (صانع النجوم)، (شفيقة ومتولى)، (العمر لحظة)، (وراء الشمس)، (إسكندرية ليه)، (الباطنية)، (طائر على الطريق)، (عيون لا تنام)، (موعد على العشاء)، (ناصر 56)، (السادات)، و(حليم)، وأهم أعماله فى المسرح (مدرسة المشاغبين)، (العيال كبرت)، (هاللو شلبي) بدايته في المسرح. وحصل (فت الشاشة الأسمر) الفنان أحمد زكي على العديد من الجوائز والتكريم منها :

جائزة عن فيلم طائر على الطريق في مهرجان القاهرة، وجائزة عن فيلم عيون لا تنام من جمعية الفيلم، وجائزة عن فيلم (امرأة واحدة لا تكفي) من مهرجان الإسكندرية عام 1989، وجائزة عن فيلم (كابوريا) من مهرجان القاهرة السينمائي عام 1990.

وفي الاحتفال بمئوية السينما العالمية عام 1996 اختار السينمائيون ستة أفلام قام ببطولتها أو شارك فيها الفنان أحمد زكي، وذلك ضمن قائمة أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية وهي (زوجة رجل مهم)، و(البريء)، (أحلام هند وكاميليا)، (الحب فوق هضبة الهرم)، (إسكندرية ليه) و(أبناء الصمت). وتوفي النجم الأسمر في القاهرة يوم 27 مارس 2005 إثر صراع طويل مع مرض سرطان الرئة.