"المفاوض المصري" بطل معركة "طابا"

تقارير وحوارات

أرشيفية
أرشيفية


تحتفل مصر والقوات المسلحة اليوم الخميس، بذكرى مرور 26 عاماً على استعادة طابا إلى السيادة المصرية فى 19 مارس 1989 حيث تم رفع علم مصر على أخر بقعة من أرض سيناء ليتم تحرير كامل الأرض المصرية المحتلة.
 
الأهمية الاستراتيجية
طابا مدينة حدودية ساحرة فضلا عن شريطها الساحلي ومنتجعاتها السياحية التي تطل على العديد من البحيرات والخلجان، وتبعد عن مدينة شرم الشيخ نحو 240 كم ، وهي من أهم مدن مصر جذبا للسياحة في شبه جزيرة سيناء.
 
استرداد طابا
جاءت ملحمة استرداد طابا تأكيداً لصلابة الإرادة المصرية وقدرتها على صون التراب المصرى ، ونموذجاً للأداء المصرى المقتدر فى الساحة السياسية مثلما كان الأداء الخالد فى الساحة العسكرية، كما أن الانتصار فى قضية استعادة طابا وعودتها لحضن الوطن يرجع إلى كفاءة المفاوض المصرى فى إدارة الأزمة والإحتكام إلى الشرعية الدولية والقضاء الدولي واتباع إسلوب علمي ناجح لحل النزاعات الدولية بالطرق السلمية.
 
لم يكن الطريق إلى استعادة طابا سهلاً ، فبعد انتصار السادس من اكتوبر 1973 وفض الاشتباك الأول فى يناير 1974 ثم فض الاشتباك الثاني في سبتمبر 1975 تلاحقت الأحداث إلى أن تم توقيع معاهدة السلام المصرية - الإسرائيلية فى 26 مارس 1979 والتي تقضي بانسحاب إسرائيل من كل الأراضي التي احتلتها فى يونيو 1967، على أن يتم ذلك عبر لجنة مشتركة من الجانبين المصري والاسرائيلي لتسهيل تنفيذ الاتفاقية

بداية المشكلة
وبدأت مشكلة طابا فى مارس 1982 قبل شهر واحد من إتمام الانسحاب الإسرائيلى من سيناء عندما أعلن الجانب العسكري المصري في اللجنة المصرية الإسرائيلية أن هناك خلافاً جذرياً حول بعض النقاط الحدودية خاصة العلامة 91 ، وحرصاً من مصر على إتمام الانسحاب أتفق الجانبان على تأجيل الانسحاب من طابا وحل النزاع طبقاً لقواعد القانون الدولي وبنود اتفاقية السلام، وبالتحديد المادة السابعة التي تنص على أن تحل الخلافات بشأن تطبيق أو تفسير المعاهدة عن طريق المفاوضات وإذا لم يتيسر حل هذه الخلافات عن طريق المفاوضات تحل بالتوفيق أو تحال إلى التحكيم.
 
التحكيم الدولي
وقد كان الموقف المصرى شديد الوضوح، وهو اللجوء إلى التحكيم الدولي بينما كانت ترى إسرائيل أن يتم حل الخلاف أولاً بالتوفيق، ولحين الفصل فى النزاع وقعت مصر مع إسرائيل اتفاق مؤقت نص على عدم قيام إسرائيل ببناء أية منشآت فى المنطقة ولكن إسرائيل بدأت تتلاعب حيث أعلنت فى 15 نوفمبر 1982 عن افتتاح فندق سونستا طابا، وإنشاء قرية سياحية كما قامت ببعض الأعمال الرمزية كنوع من فرض سيادتها على طابا.

فى 13 يناير 1986 أعلنت إسرائيل موافقتها على قبول التحكيم، وبدأت المباحثات بين الجانبين وانتهت إلى التوصل إلى مشارطة التحكيم التى وقعت فى 11 سبتمبر 1986، ومهمة المحكمة فى تحديد مواقع النقاط وعلامات الحدود محل الخلاف .

إعادة طابا
تكونت هيئة المحكمة الدولية من قاض مصرى، وقاضية إسرائيلية، وثلاثة قضاة أخرين من فرنسا وسويسرا والسويد، وخلال سير القضية كانت هناك محاولات لتسويات ودية إلا أنها فشلت واستمرت القضية من خلال تبادل المذكرات والوثائق من كلا الطرفين والمرافعات الشفوية وصولاً للحكم النهائى بإثبات 10 علامات حدودية لصالح مصر من مجموع 14 علامة بأغلبية 4 أصوات ضد صوت، وإثبات 4 علامات لصالح مصر بإجماع الأصوات الخمسة وتم إعادة طابا إلى مصر، والغريب أنه بعد النطق بالحكم لصالح مصر قال أحد أعضاء "الفريق الإسرائيلي "إننا كنا نعرف أن طابا مصرية منذ البداية، ولكننا كنا نشك في إرادة المفاوض المصري واستمراره حتى النهاية بهذا الإصرار والعناد".