"حنجرة" مديحة و"شخشيخة" عم عربي.. أبطال "الزار" في مصر

تقارير وحوارات

بوابة الفجر

غرفة بلمبات "مكسوة" بالأتربة تبعث بضوءٍ خافتٍ، تحوي أجهزة قديمة من راديو وتلفاز صغير، وإلى جانب حائط داخل الغرفة "الصغيرة" تصطف عدد من الأرفف التي تحمل كتبًا "متنوعة"، وكأنها أحد سكانها.

ويجتمع داخل الغرفة التي تكاد تتراقص جدرانها على أنغام الموسيقى التي يصدرها "دفٌ" و"طبلة"، "نسوة" ورجال يرتدون "الجلباب الشعبي"، في مشهد يعود بنا إلى زمن العشرينيات، وكأننا نشاهد فيلماً سينمائياً "أبيض وأسود".    

عايشت "الفجر" تلك الأجواء أثناء عرض فرقة "مزاهر" لفن الزار بمركز الثقافة والفنون "مكان"، الفرقة التي حولت الزار بشكله المرتبط لدى المصريين بالسحر والدجل والشعوزة، إلى فن من الفنون، فدائما ما كانت مشاهد الزار خلال الأفلام السينمائية تتسم بالضجيج  والدماء وحالات الإغماء والتي وصل بعضها إلى مشاهد إغتصاب.

الزار هو مجموعة من أشباه الطقوس الشعبية، لها رقصات وعبارات خاصة، تصاحبها دقات معينة صاخبة على الدفوف وإطلاق البخور، والزار كلمة عربية مستعارة على من اللغة الأماهيرية في أثيوبيا والتي تعني "زائر النحس"، وهو من أشباه الطقوس الشعبية التي تستخدم في طرد العفاريت التي تتقمص البعض، ولذلك فالزار يقوم عند معتقديه بوظيفة علاجية.

وتتكون فرقة "مزاهر" من 11 فرد من الرجال والنساء، كل منهم مسئول عن آلة موسيقية مثل الدُف والطبلة والرق بالإضافة إلى "الصاجات"، التي كان يتراقص بها أحد الرجال، مرتدياً جلباباً واسعاً وعلى وجهه إبتسامة كبيرة مندمجاً مع الموسيقى التي تعزف.

  ويختص بعضهم بمهمة الإنشاد كـ"مديحة" كودية الزار، التي تنشد بعض الأغنيات المختلفة من التراث، ليلتف حولها العازفين، وفي نهاية الأغنية يرتفع صوت الدق على الدف واللعب بالصاجات والحركات اليدوية والوجه والجسم، للوصول إلى الحالة المنشودة.

وعملت "مديحة" كودية زار حباً في المهنة التي تعلمتها عن والدها ووالدتها، منذ أن كان عمرها 11 عام، لتقوم بعمل حفلات زار لجميع مستويات المصريين فمنهم الشعبيين وآخرين من طبقات كبرى، كما ذكرت، وعلى الرغم من أنها تعمل منذ سنوات بهذه المهنة إلا أنها ترفض أن يعمل بها أبنائها، خاصة وأنها بدأت تندثر.

فيما ترتدي "صباح" جلباباً أحمراً ممسكة الدف أو الصاجات، والتي ورثت المهنة عن أمها وخالتها، لتتراقص بهم على كلمات أغاني المُنشدين، وتدق على الدف بطريقة سريعة وقوية تجذب بها أسماع الموجودين.

ويرتدي عم عربي "شخشيخة" حول وسطه, وهي حزام مصنوع من حوافر الماعز التي تصدر صوتا مميزا عند إهتزازها, وعادة ما يتم دمج صوت الشخشيخة مع صوت الطنبورة وهي ألة وترية تشبه السمسمية.